
عربي
تراجع المتعاملون في مقايضات الأسواق المالية التركية عن رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة خلال ما تبقّى من العام، بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة تسارعاً في نمو الأسعار، ما أثار الشكوك حول قدرة البنك المركزي على تحقيق هدفه الطموح بشأن التضخم.
وتشير العقود المشتقة المرتبطة باجتماع هذا الشهر إلى تسعير خفضٍ أقل في أسعار الفائدة في اجتماع 23 أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة بالتوقعات السابقة لصدور بيانات يوم الجمعة، التي أظهرت تسارع نمو الأسعار للمرة الأولى منذ عام كامل، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ.
وتتوقع السوق حالياً خفضاً بمقدار 1.5% في اجتماع البنك المركزي في أكتوبر/تشرين الأول، وخطوة مماثلة في ديسمبر/كانون الأول، وفقاً لألب سيربيتلي، رئيس قسم الخزانة في بنك "ICBC Turkey Investment" في إسطنبول. وقبل صدور البيانات، كانت التوقعات تشير إلى خفضٍ بنحو 2% في كل من الاجتماعين، بحسب قوله.
وقد جاءت البيانات مفاجِئة للمحللين، إذ أظهرت أن معدل التضخم في تركيا تسارع إلى 33.3% الشهر الماضي، مقابل توقعات بلغت32.5%. ويستهدف البنك المركزي وصول التضخم إلى 24% بنهاية العام، غير أن الاقتصاديين يرون أن المعدل سيظل قريباً من 30% أو أعلى، فعلى سبيل المثال، يتوقع "جي بي مورغان تشيس آند كو" أن يبلغ 31.5%.
وفي ضوء هذه المستجدات، خفّضت البنوك العالمية توقعاتها بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة. إذ يرجّح جي بي مورغان أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة الأساسي بمقدار 1.5% هذا الشهر، انخفاضاً من 2% في تقديره السابق، مع خفضٍ آخر بمقدار 1% في ديسمبر/كانون الثاني. أما محللو "غولدمان ساكس غروب إنك"، فيتوقعون خفضاً بمقدار 2% هذا الشهر، يليه خفض آخر بـ1.5% في ديسمبر/كانون الأول.
بالتزامن، قالت سلفا باهر بازيكي، الخبيرة الاقتصادية في بلومبيرغ إيكونوميكس، إن "المخاطر المتعلقة بالتضخم وأسعار الفائدة انحرفت نحو الاتجاه الصعودي"، مضيفة أنها تتوقع أن يلجأ البنك المركزي إلى تخفيضات محدودة في الاجتماعين القادمين. وترى بازيكي أن سعر الفائدة سينهي العام عند مستوى 37.5% بدلاً من 35% كما كانت تتوقع سابقاً.
البنك المركزي التركي يرفع أسعار الفائدة
تسعى تركيا منذ منتصف عام 2023 إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي وكبح التضخم الذي تجاوز مستويات 70% في عام 2022 قبل أن يتراجع تدريجياً. ومنذ تولي محمد شيمشك وزارة المالية وعودة السياسة النقدية التقليدية بقيادة حفيظة غاي أركان، بدأ البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة تدريجياً إلى مستويات تفوق 40% بهدف استعادة ثقة المستثمرين ودعم الليرة.
إلا أن التحديات ما زالت قائمة، خصوصاً مع استمرار ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء وتدهور سعر الصرف، ما يزيد من صعوبة تحقيق هدف التضخم من دون التأثير سلباً في النشاط الاقتصادي. كما تترقب الأسواق موقف البنك المركزي التركي خلال الاجتماعين المتبقيين من العام، لتحديد ما إذا كان سيتجه إلى الاستمرار في خفض الفائدة بحذر أو تجميدها مؤقتاً إذا ما استمر ضغط الأسعار.
تُظهر التطورات الأخيرة أن السياسة النقدية في تركيا ما زالت أمام اختبار صعب، بين تطمين الأسواق وتحقيق استقرار الأسعار. ومع تسارع التضخم وضعف الثقة بالليرة، يبدو أن أي خفض سريع للفائدة قد يحمل مخاطر إضافية على الاقتصاد. لذلك، يتجه البنك المركزي إلى نهج أكثر تحفظاً في قراراته المقبلة، ريثما تتضح ملامح الاتجاه العام للأسعار مع نهاية العام.

أخبار ذات صلة.

الشرع وزيارة الضرورة
العربي الجديد
منذ 8 دقائق