تواريخ الصلاحية… معضلة البريطانيين بين الهدر والتسمّم
عربي
منذ 7 ساعات
مشاركة
يحذّر خبراء في بريطانيا من مخاطر تعامل الناس مع تاريخ الصلاحية كأنه مجرّد إرشاد، وليس حدّاً نهائياً لتدارك احتمال الإصابة بتسمّم غذائي مؤذٍ. تُلقى سنوياً ملايين الأطنان من الطعام في القمامة داخل بريطانيا، فيما يختار كثير من المستهلكين تناول منتجات بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها. ويفتح هذا السلوك اليومي الباب واسعاً أمام التسمم الغذائي، ويكشف في الوقت نفسه حجم الهدر الذي يثقل كاهل الأسر والاقتصاد الوطني. تشير بيانات هيئة معايير الأغذية البريطانية إلى أنّ الأمراض المنقولة في الغذاء عبء ثقيل على الصحة العامة، وتقدَّر عدد الإصابات بنحو 2.4 مليون سنوياً، من بينها أكثر من 16 ألفاً استدعت دخول مستشفيات ونحو 180 وفاة. وتتجاوز التكلفة الاجتماعية لهذه الإصابات عشرة مليارات جنيه إسترليني سنوياً. وتوضح ناتالي ستانتون، وهي مفتشة صحة بيئية معتمدة أسست منصة "ذا سيفتي إكسبيرت" للتدريب على سلامة الأغذية، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ أكثر سوء فهم شائع بين المستهلكين يتمثل في الاعتقاد بأن تناول الطعام بعد انتهاء تاريخ الصلاحية غير مضر. تتابع: "يقول كثيرون إنهم فعلوا ذلك مرات ولم يمرضوا، لكن الحقيقة أنّ تواريخ الصلاحية وُضعت لأسباب تتعلق بالسلامة، بعدما أجرى المنتجون اختبارات مخبرية شاملة. وهذه التواريخ توضع على الأغذية القابلة لدعم نمو البكتيريا، وإذا استُهلكت بعد انقضاء التاريخ، قد تكون البكتيريا الضارّة تكاثرت إلى مستويات خطرة قد تتسبب في تسمم غذائي". تضيف: "لا يجب تناول أي طعام بعد انتهاء تاريخ الصلاحية حتى لو بدا شكله ورائحته طبيعيين، فالبكتيريا لا تُرى ورائحتها لا تُشمّ". من جهتها، تؤكّد ناريمان لوتش، رئيسة قسم نظافة الأغذية والأمراض المنقولة بالغذاء في وكالة معايير الأغذية البريطانية، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ تواريخ الصلاحية تشير إلى سلامة الغذاء، وأي طعام يتجاوزها لا يجب تناوله إذا لم يكن قد طُبخ أو جُمّد قبل انتهاء صلاحيته. وتكرّر بأن "الطعام قد يتمتع بمظهر ورائحة جيدين حتى بعد مرور تاريخ الصلاحية، لكن هذا لا يعني أنه آمن للأكل، إذ لا نستطيع رؤية أو شم البكتيريا التي قد تسبب التسمم الغذائي، وتجعل الإنسان مريضاً". وتحدد وكالة معايير الأغذية الاختلاف بين تاريخ "يُستهلك حتى" الذي يتعلق بسلامة الطعام، ولا يجب تجاوزه حتى لو بدا المنتج طبيعياً، أما تاريخ "يفضّل استهلاكه" فيحدد الجودة فقط، وقد يبقى صالحاً، لكنه قد يفقد شيئاً من طعمه أو شكله. وتشدد الوكالة على ضرورة الالتزام بتعليمات التخزين مثل "يُحفظ في الثلاجة". أما وكالة الأمن الصحي البريطانية فتقول لـ"العربي الجديد": "نحقق في حالات التسمم الغذائي المبلغ عنها، ونوثق المعلومات بشكل منهجي، مع إخطار وكالة معايير الأغذية والسلطات المحلية عند الاقتضاء. ولا تتبلغ الوكالة بكل حالات التسمم الغذائي، كما أن بعض الأفراد قد لا يتذكرون أو لا يرغبون في تقديم معلومات غذائية كاملة. وتشدد على أنها لا تحتفظ ببيانات تتعلق بحالات التسمم الغذائي المرتبطة تحديداً باستهلاك أطعمة بعد تجاوز تاريخ انتهاء صلاحيتها. ورغم أن المخاطر واسعة، تظهر نتائج مسح الغذاء أنّ جزءاً كبيراً من المستهلكين لا يلتزمون دائماً بتعليمات تواريخ الأغذية، وأنهم لا يتحققون دائماً أو غالباً من تاريخ الاستخدام قبل الطهي والأكل، ما يعني أنّ نسبة كبيرة من المستهلكين تهمل هذا الأمر. كما كشف المسح أنّ معظم المستهلكين يعتمدون على حاسة الشم لتقدير صلاحية الطعام، وأن نحو 76% منهم يفعلون ذلك مع لحوم نيئة، و73% مع الحليب والزبادي، و65% مع الأسماك. ويضاعف الهدر الغذائي من خطورة المشهد. وتقدّر بيانات أصدرتها مؤسسة "راب" عام 2021، وهي منظمة بريطانية غير ربحية متخصّصة في تقليل الهدر، هذه الكميات في بريطانيا بنحو 10.7 ملايين طن سنوياً. وتمثّل المنازل النسبة الأكبر من الهدر بنحو 58%. وتشير المؤسسة إلى أنّ جزءاً كبيراً من هذه الأطعمة يشمل مواداً كانت صالحة للأكل، ما يعني خسائر مالية بعشرات مليارات الجنيهات سنوياً. وتكشف الأرقام تفاصيل لافتة: 62% من كميات الزبادي المهدورة جرى التخلص منها فقط لأن تاريخ الصلاحية انتهى، و31% من الحليب، و29% من الخبز، لتبقى هذه المنتجات ضمن قائمة الأطعمة الأكثر هدراً في البيوت البريطانية، إلى جانب منتجات الألبان والبيض. واللافت أيضاً أنّ نحو 40% من الطعام المهدور في المنازل يُلقى بسبب انتهاء الصلاحية، أو آراء المستهلكين، أو تغيير مظهر المنتج. ويلفت تقرير "راب" إلى أنّ نحو مليون طن من الطعام المنزلي يُرمى في القمامة، وهو في عبوته الأصلية، وأن نصف هذه العبوات تكون ممتلئة تقريباً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية