هذا الصخب التونسي عن الجزائر
Arab
3 days ago
share
ثمّة تحول لافت في أدبيات وخطاب كتلة محسوبة على المعارضة التونسية ودعاماتها الإعلامية، الموجه بالأساس ضد الجزائر. وهذا مقلق ويبعث على التساؤل، حول هذا التزامن والتهافت الذي يتأسس على حزمة وقائع مدسوسة وبالغة التضليل، لعل آخرها دعاية رثة عن استقدام جزائريين للتظاهر لصالح الرئيس قيس سعيّد، ثم تداول وثيقة مفبركة للاتفاق العسكري الجزائري التونسي. لقد كان من المثير للغرابة أن تؤسس شخصيات ونخب معروفة في تونس، مواقفها على وقائع ليست غير صحيحة فحسب، ولكنها لم تكن تحتاج إلى استدلال على ذلك حتى. من حق المعارضة التونسية؛ الأدبي والسياسي والنضالي، أن تخوض معركتها السياسية ضد سعيّد، وأن تعبر عن مواقفها بأدواتها إزاء سياسات وقضايا تخص تونس، غير أن تعمد السحل السياسي للجزائر وإقحامها على نحو مغلوط في هذا الصراع الداخلي التونسي ــ التونسي، لا يبدو موفقاً وسليماً. ذلك أن هذه المعارضة، لا تضع المسافة المطلوبة والكافية بين معركتها مع سعيّد، وبين استحقاقات علاقة الدولة بالدولة، التي يجب أن تستمر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كما استمرت تحت أي ظرف ومهما كان الوضع السياسي القائم في البلدين. إذا كانت المعارضة التونسية تعتبر أن تسيير الجزائر للحركة على الحدود والسماح بالتوريد الذاتي للمواد التموينية منذ يوليو/ تموز 2022، وتشجيع الجزائر لتوجه سيّاحها نحو تونس، بما يدعم الاقتصاد المحلي التونسي، بمثابة دعم لنظام سعيّد، فهذه مشكلة كبيرة، وإذا كانت تعتبر التزام الجزائر بمد تونس من احتياجاتها من الطاقة والكهرباء كذلك، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود، أو منح تونس قروضاً لدعم الموازنة الداخلية، دعماً لسلطة بعينها، فهذه مشكلة أكبر لدى المعارضات التونسية، وجزء منها، ممن آوتهم الجزائر سنوات جمر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ودعّمت حكوماتهم ما بعد الثورة، مادياً واقتصادياً. خلال زيارته إلى روما في مايو/ أيار 2022، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالحرف، إن "الجزائر مستعدة لمساعدة تونس للعودة إلى المسار الديمقراطي"، وهذا يعني أن الجزائر لم تكن مطمئنة لقرارات يوليو 2021 في تونس. أكثر من ذلك، بذلت السلطة السياسية في الجزائر جهداً للجمع بين سعيّد والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، (على هامش الاستعراض العسكري في الجزائر في يوليو 2022)، وبذل تبون جهداً في حدود ما تسمح به العلاقات، لتجنب استدامة حبس الشيخ راشد الغنوشي. لقد كان كل ذلك بقدر سعي ودي، للحد من تداعيات وضع غير مستقر، ونتيجة استقراء جزائري مبكر للمآلات. إذا كان من نصيحة سياسية يمكن أن تقدم لتمثلات المعارضة التونسية وشخوصها وتعبيراتها السياسية والإعلامية، وهي تعتقد فعلاً أن ما تصفه "بقوس الانقلاب" سيغلق حتماً في تونس، فإن عليها أن تنتبه إلى إبقاء خط الرجعة مع الجزائر، باعتبارها السند المستمر والممكن لتونس. وقد كانت كذلك في كل الظروف والمراحل، بغضّ النظر عن طبيعة الحكم وعمن يدير دفة الحكم فيها. ثمة حقائق في التاريخ والجغرافيا لا يسمو عليها أحد، ولا يغير من طبيعتها أحد وإن حاول.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows