Arab
تتزايد معاناة اللاجئين الأفغان في باكستان بمرور الأيام ، وفضلاً عن ضيق سبل العيش والمخاوف الأمنية والقلق من الترحيل، قررت السلطات وقف خطوط الهواتف المحمولة.
قررت السلطات الباكستانية أخيراً تجميد خطوط الهواتف المحمولة وتعطيل شرائح الاتصال الخاصة بأعداد كبيرة من اللاجئين الأفغان، في خطوة تهدف لقطع التواصل بين اللاجئين، وحرمانهم من أحد أهم مقومات الاستقرار، والوصول إلى احتياجات الحياة اليومية الأساسية.
كان اللاجئون يعتقدون أن هذا القرار مؤقت، وأنه مجرد ضغط إضافي، لكنه تحول إلى واقع يومي يربك حياتهم، ويعطل أبسط شؤونهم. من مدينة بيشاور، يقول اللاجئ الأفغاني شكر الله شاكر لـ"العربي الجديد"، إن هاتفه تعطل فجأة من دون أي إنذار، وتبين لاحقاً أن الأمر يخص الأفغان فقط، موضحاً أن القرار قطع صلته بأسرته وأصدقائه، وأثر على أنشطته اليومية، بخاصة أنه كان يعتمد على الهاتف في التواصل لأنه ينسق بين اللاجئين وبين القنصلية الأفغانية في بيشاور.
ويوضح شاكر: "قطع التواصل بين الأفغان ليس له مجرد تأثير على حياة شخص أو أسرة، بل يؤثر على جميع اللاجئين، وحتى على عملية عودتهم إلى بلادهم. ندرك بشكل واضح أن باكستان لا تريد فقط إخراج الأفغان من أراضيها، بل تريد إهانتهم والانتقام منهم، والسلطات تدرك جيداً أن الطقس بارد للغاية، وأن الإجراءات الرسمية تستغرق وقتاً، لكنها تتعامل معنا بوصفنا أعداء".
ويسرد الرجل قصة ابنه (14 سنة) الذي ذهب كي يشتري بعض الأغراض من سوق "قصة خواني بازار"، ومن هناك أخذته دورية للشرطة، ولم يكن معه هاتف جوال. يقول: "انتظرنا حتى المساء، ولم يأت الفتى، وذهبنا إلى منازل كل من نعرفهم من الأصدقاء والأقارب، ولم نجده، وفي المساء عرفنا أن الشرطة أوقفته، ووجدناه معتقلاً في مركز الشرطة في سوق اشنغراي، وقد أمضى نهاره وليلته في المركز، ولم يسمح له بالتواصل معنا، رغم أنه يحفظ رقم هاتفي، وحين حاولت الشرطة لاحقاً الاتصال بي، لم يكن الجوال يعمل، فقد أوقفته السلطات، وكانت تلك أوقاتاً صعبة من المعاناة".
دفع الرجل للشرطة 30 ألف روبية باكستانية كي تفرج عن ابنه، ويوضح أن عناصر الشرطة لم يسجلوا التوقيف، وهذا أمر غير قانوني، مشيراً إلى أنهم "أخذوه كي تدفع أسرته المال لهم، وعندها يتم الإفراج عنه. عناصر الشرطة لا يخشون المحاسبة لأن الحكومة تريد إيذاء الأفغان، وهذه فرصة جيدة لهم كي يجمعوا الأموال منهم، لكن هذه الأيام ستبقى في أذهان أجيالنا القادمة، فابني كان يحب باكستان، وكان يبكي بينما نستعد للعودة إلى أفغانستان، لكن بعد هذه الواقعة بات يكره باكستان، وأصبح يستعجلنا للعودة".
ولا يقتصر تأثير تعطيل الهواتف على الرجال، بل يمتد إلى النساء أيضاً. من مدينة بيشاور، تقول اللاجئة الأفغانية سعيدة جمشيد، إنها جاهزة للعودة، لكنها تنتظر أن يبيع ابنها مشروعه التجاري، وتوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الهاتف كان وسيلة أمان بالنسبة لنا، سواء للتواصل مع الأبناء والأقارب، أو لطلب ما نحتاج إليه، خاصة في الحالات الصحية، لذا تعد خطوة تجميد التواصل محاولة إضافية لإجبار الأفغان على المغادرة. لا نريد البقاء في باكستان، لكن لا يمكن إجبارنا على ترك كل ما نملك من تجارة ومنازل".
وتوضح جمشيد: "تجميد الهواتف ليس مجرد قطع للتواصل بين الأفغان، بل له آثار نفسية واجتماعية عميقة، خاصة على النساء، فالهاتف لم يعد رفاهية، بل أصبح أداة حياة، ونعتمد عليه في الوصول إلى كل ما نحتاجه، مثل الغذاء، والخدمات الصحية، وحتى المحافظة على تماسك الأسرة، وتعطيله أدى إلى حالات انقطاع بين أفراد الأسرة الواحدة".
وتبرز خطورة قطع التواصل في الحالات الصحية الطارئة، مثل حجز مواعيد طبية، أو التواصل مع الأطباء، أو التواصل بين المرضى وذوويهم، خصوصاً النساء وكبار السن. ويؤكد الناشط الاجتماعي الأفغاني محمد أبرار خان لـ"العربي الجديد"، أن "بعض العائلات اضطرت إلى الاستعانة بالجيران والمارة لطلب المساعدة، وهذا يدل على معاناة اللاجئ في بلد جار عاش فيه لنحو 40 سنة. كانت باكستان تحصل على أموال باسمنا، وعندما توقفت الأموال أصبحنا أعداء لهم، وبعضهم يصفوننا زوراً بأننا حلفاء لإسرائيل، أو حلفاء للهند. تأخرنا مع الأسف في المغادرة، وكان المفروض أن نترك هذه البلاد قبل فترة، وكل من عادوا مبكراً استفادوا".
ويضيف خان: "ترى الناس في هذا الطقس البارد ينتظرون أياماً على الحدود في العراء، على قارعة الطرق، أو داخل الشاحنات والحافلات، نساء وأطفالا وشيوخا، وها هو تجميد الهواتف ووقف التواصل مصيبة جديدة يعيشها الأفغان نتيجة قرار دولة تسمي نفسها جارة وصديقة".

Related News
تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد
aawsat
27 minutes ago
انفجارات قوية في العاصمة الأوكرانية كييف إثر هجوم صاروخي
aawsat
31 minutes ago
إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»
aawsat
51 minutes ago