"الإطار التنسيقي" في العراق أمام اختبار تجاوز الانقسامات الداخلية
Arab
1 week ago
share
كسب "الإطار التنسيقي"، التحالف الحاكم في العراق والمظلّة الجامعة للقوى العربية الشيعية، الرهان في بقائه متماسكاً منذ عام 2021، إذ دخل قبل أيام عامه الخامس بالعنوان والمضمون نفسيهما، ويستعد لتشكيل الحكومة التاسعة في العراق، رغم توقعات طيلة السنوات الماضية، حيال تفككه أو إعادة تشكيله بصورة أخرى. ويخضع التحالف حالياً لاختبار جديد، يضعه على المحك، يتمثل بالضغوط الأميركية والاستحقاقات الداخلية، وطريقة تشكيل الحكومة المقبلة. لكن على الجانب الآخر فإن التباينات والخلافات الموجودة بين أقطاب التحالف تقسمه إلى معسكرَين؛ الأول متشدد في ملف العلاقة مع الولايات المتحدة، والآخر يدعو إلى التغيير والتجاوب مع الضغوط، من بينها الأميركية. تياران في "الإطار التنسيقي" التيار المتشدد المتمثل بأحزاب "الفصائل المسلحة" تُعد حادة المواقف، مثل "حقوق" و"صادقون" و"الفضيلة" و"خدمات" و"سند"، وهي أجنحة الفصائل المسلّحة التي دخلت الانتخابات التشريعية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وحققت أرقاماً مهمة في البرلمان الجديد، المكوّن من 329 مقعداً، تتخطى الـ80 مقعداً من أصل 170 مقعداً حصل عليها "الإطار التنسيقي". في المقابل يضم التحالف القوى التقليدية أو القديمة التي تعتبر الأكثر تجاوباً مع المرحلة السياسية الحالية، مثل "دولة القانون" و"بدر" و"تيار الحكمة الوطني" و"النصر" و"الإعمار والتنمية". وفي أعقاب انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، دخلت القوى العربية الشيعية في "الإطار التنسيقي"، باستثناء التيار الصدري (التيار الوطني الشيعي، بزعامة مقتدى الصدر)، الذي رفض الانضمام للتحالف حينها وأصر على حكومة الأغلبية الانتخابية (فاز التيار الصدري بالمرتبة الأولى بــ73 مقعداً). وهو ما فجّر الأزمة السياسية التي انتهت بانسحاب الصدريين من العملية السياسية لغاية الآن، وأُعلن عنه رسمياً نهاية نوفمبر 2021 في بغداد. إلّا أن "الإطار التنسيقي" يقع منذ فترة في مشكلات بنيوية بين أطرافه، وخصوصاً في القضايا الاستراتيجية والملفات المرتبطة بالمحاور الخارجية وشكل الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى العلاقة مع إيران والتعامل مع الجانب الأميركي. وفي الوقت الذي تتجه فيه أطراف من التحالف إلى التهدئة والوصول إلى حالة توازن في العلاقات، تتجه أطراف أخرى في "الإطار التنسيقي" إلى زيادة التقارب مع الجانب الإيراني. خلافات وانقسامات في هذا السياق قالت مصادر سياسية قريبة من "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخلاف عميق بين نوري المالكي (رئيس كتلة دولة القانون) وممثلي الأحزاب التابعين للفصائل المسلحة، بشأن العلاقة بالأميركيين"، عازية ذلك إلى أن "المالكي يريد علاقة طيبة مع الولايات المتحدة مع عدم إزعاج إيران التي لا تريد أن تشعر بأنها معزولة من جارها الغربي"، وأوضحت المصادر أن "العراق هو آخر ما تبقى لإيران في المنطقة، وتحديداً بعد إطاحة نظام بشار الأسد" في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024. مصادر: التحالف منقسم بحدّة في المواقف تجاه الوضع الخارجي وبحسب المصادر نفسها، فإنّ "عمار الحكيم (زعيم تيار الحكمة الوطني) ينقل ويحذر باستمرار من مضاعفات استمرار حالة التصعيد بين الفصائل المسلحة والجانب الأميركي، ومما قد يؤثر ذلك على الوضع الاقتصادي في البلاد"، في حين أن "حيدر العبادي (زعيم ائتلاف النصر) على قطيعة مع أغلبية الفصائل". ولفتت المصادر إلى أن تحالف الإطار التنسيقي "منقسم بحدّة في المواقف تجاه الوضع الخارجي، بما في ذلك الانفتاح على سورية الجديدة، إذ تجد أطراف شيعية ضرورة تأمين علاقة طيبة وذات منافع مشتركة مع الحكومة السورية الحالية". في حين أن الفصائل تضغط "لمنع أي تقدم في العلاقة على المستويَين الدبلوماسي والاقتصادي، والاكتفاء بالتنسيق الأمني" مع دمشق. وأكدت المصادر أن "الطرف المتشدد (الفصائل) في تحالف الإطار التنسيقي على علم بالتحديات التي قد يواجهها في حال أبقى على مواقفه الحادة، لذلك لا تريد الأطراف الاعتدالية أن يذهب العراق إلى منزلق يشبه السيناريو اللبناني أو اليمني"، وأوضحت أن بعض قادة التحالف وأبرزهم المالكي والعبادي والحكيم، يخشون من "عمليات ضد العراق بسبب الفصائل"، مضيفة أنه "خلال الفترة الماضية لانت كثيراً مواقف زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، ما يؤشر إلى تبدل في المواقف، تسحبه (وفق حسابات) المصالح السياسية والقراءة الواقعية للوضع العام". عامر الفايز: لا وجود لأي انقسامات في "الإطار التنسيقي" بالمعنى المعروف للكلمة في هذا الصدد اعتبر القيادي في "الإطار التنسيقي"، عامر الفايز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاختلافات بين أطراف التحالف موجودة، وهي طبيعية"، مضيفاً أن "الخلافات بينية يمكن حلّها، لكن الجميع متفق على أهمية سيادة العراق ورفض الهيمنة الخارجية على العراق، أياً كان شكلها أو عنوانها"، وأكد أن "لا وجود لأي انقسامات بالمعنى المعروف للكلمة، لكن لا يمكن إنكار وجود بعض حالات عدم الاتفاق على بعض الملفات، وهو أمر طبيعي"، ورأى أن "من يراهن على انهيار تحالف الإطار التنسيقي سيكون متضرّراً؛ لأن هذه المظلّات الجامعة تمثل تكتلات حزبية من خلالها يمكن تأمين الاستقرار السياسي". وبالتالي؛ وفق الفايز، فإنّ "الرهان على إفشال تجربة الإطار التنسيقي لا يعني أنه رابح، بل على بقية الأطراف أن تسهم في دعم تجربة هذا التحالف، لأنها تجربة ناجحة". تحالف مؤقت لكن الناشط السياسي من مدينة النجف، علي الحجيمي، بيَّن لـ"العربي الجديد"، أن "تأسيس الإطار التنسيقي لم يكن بناءً على حاجة شيعية، بل كان حالة وقتية وهي مواجهة مقتدى الصدر وتظاهرات تشرين (أكتوبر/ تشرين الأول 2019 احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والفساد)"، وأضاف أنه "بالتالي فإنّ التحالف عبارة عن جسر يمكن من خلاله عبور الأزمات بواسطة الاتفاقات"، معتبراً أن "هذا التحالف مسؤول عن كل الفشل الذي أصاب الحكومات، ابتداءً من (حكومة) عادل عبد المهدي (2018-2019) ولغاية الآن، لكن قادته يسعون لحصد النجاحات لهم والتبرؤ من أي فشل وأي إخفاق". علي الحجيمي: الفشل الحكومي في الملفات يتحمله الإطار التنسيقي أكثر من غيره من التحالفات السياسية السنية والكردية وأوضح الحجيمي أن "الفشل الحكومي في الملفات يتحمله الإطار التنسيقي أكثر من غيره من التحالفات السياسية السنية والكردية؛ لأنّ الأحزاب الشيعية تعتبر نفسها الأخ الأكبر، وأن لها المناصب الأكثر والمغانم الأعظم". وفي رأيه فإن "الخلافات داخل الإطار ليست بسبب ملفات وطنية، بل تتعلق بالولاءات للخارج، وقضايا مالية ومزيد من الاستيلاء على أموال الدولة". من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، عبد الله الركابي، إنّ "اختلاف كبار قادة الإطار التنسيقي حتى في الأعوام الماضية، كان بسبب تضارب المصالح، أو اختلاف الأولويات ذات البعد الديني والعقائدي"، مشيراً خصوصاً إلى "ملفات الخارج، وتحديداً إيران والصراع مع الولايات المتحدة، ودعم حزب الله اللبناني، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي".  وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "غياب مقتدى الصدر واعتزاله السياسة، أدى إلى ظهور علامات الخلافات الكبيرة التي لم تكن ظاهرة وواضحة كثيراً بين بعض القادة، وتحديداً بين أطراف يدعمون نسق الدولة، مثل عمار الحكيم وحيدر العبادي وحتى نوري المالكي، إلى جانب العلاقة مع الأميركيين وتمكين الدولة في حصر السلاح المتفلّت بيد الجماعات والفصائل والعشائر"، واعتبر الركابي أن "الحقيقة تؤكد أن العلاقات بين أطراف تحالف الإطار التنسيقي ليست استراتيجية، بل إنّها قد تنهار في أي لحظة وعلى أسباب قد تكون عادية، بسبب غياب الدور الإيراني الأبوي وغياب الصدر أيضاً".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows