الجيش السوري بعد هجوم تدمر... الاختراق الأمني وداعش
Arab
1 week ago
share
يفتح الهجوم غير المسبوق منذ إسقاط نظام بشار الأسد قبل عام، والذي استهدف دورية أميركية سورية مشتركة، أمس الأول السبت، قرب مدينة تدمر في قلب البادية السورية، وأدى إلى مقتل عسكريين اثنين ومدني أميركيين، وإصابة ثلاثة جنود أميركيين آخرين وعنصرين اثنين من الأمن السوري، الباب أمام تساؤلات عديدة تبدأ من وضع قوات الأمن السورية راهناً بعد حل الجيش السوري والأجهزة الأمنية إثر إطاحة الأسد وإعادة تأسيس هذه الأجهزة من فصائل مسلحة معارضة بعضها متشدد دينياً، خصوصاً مع الكشف أن منفذ الهجوم كان من عناصر الأمن العام. كذلك تبرز تساؤلات عن المقاربة الأمنية المعتمدة تجاه تنظيم داعش الذي يُعتقد أنه يتخذ من البادية ملاذاً ومعقلاً، ومدى نجاحها في القضاء على التنظيم. ومنذ بدء عمليات دمج فصائل المعارضة داخل الجيش السوري حذّر مراقبون من أن الدمج كان في كثير من الأحيان شكلياً، إذ احتفظ كل فصيل بكيانه وهيكله التنظيمي. كما كانت الإدارة السورية قد عينت مقاتلين أجانب في مناصب قيادية (تشمل الجيش السوري) بُعيد سقوط النظام السابق، ولكنها جمدت ترقيات صدرت بحقهم بعد أن أبدت دول غربية عديدة اعتراضها. ويأتي هذا الهجوم، والذي يعد الأول الذي يسفر عن سقوط ضحايا من القوات الأميركية منذ إطاحة الأسد، والأول منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام الحالي، في سياق مرحلة انتقالية تشهدها سورية، وانفتاح أميركي على دمشق، ومساعي لإعادة تشكيل الجيش السوري. كما أنه يأتي بعد نحو شهر من انضمام سورية إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، عقب زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض. توعد بالرد على هجوم تدمر توعّد ترامب بـ"الرد" على الهجوم، مؤكداً أن الرئيس السوري "غاضب جداً ومنزعج"، في وقت بدأت تتكشف فيه تفاصيل الهجوم الذي نسبته واشنطن إلى "داعش". وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان أول من أمس، إن "اثنين من أفراد الخدمة الأميركية ومدنياً أميركياً واحداً قتلوا، وأصيب ثلاثة من أفراد الخدمة، نتيجة كمين نصبه مسلح منفرد من تنظيم داعش في سورية". وأضاف البيان أنه "جرى اشتباك مع المسلح وقتله". وذكر المتحدث باسم وزارة الحرب (البنتاغون)، شون بارنيل في بيان على منصة إكس، أن المدني الذي قتل كان مترجماً أميركياً، مضيفاً أن الهجوم استهدف الجنود المشاركين في العمليات المستمرة لمكافحة الإرهاب في المنطقة، وأن التحقيق جار حالياً. من جانبه كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أمس الأول، أن الهجوم "جاء بعد تحذيرات مسبقة لم تأخذها قوات التحالف الدولي بعين الاعتبار". ونقلت قناة "الإخبارية السورية" (رسمية) عن البابا، قوله: "كانت هناك تحذيرات مسبقة من قيادة الأمن الداخلي للقوات الشريكة في منطقة البادية، باحتمال حصول خرق أو هجمات متوقعة لداعش". ولم يؤكد أو ينف البابا انتماء المهاجم لتنظيم "داعش"، قائلاً إن "هناك إصابتان من طرف قوات الأمن الداخلي السورية التي استطاعت تحييد المنفذ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس له أي توصيف قيادي داخل الأمن الداخلي، ولا يصنف على أنه مرافق لقائد الأمن الداخلي، كما زعمت بعض الأخبار غير الدقيقة". وأوضح البابا أن "هناك أكثر من خمسة آلاف عنصر منتسبين لقيادة الأمن الداخلي في البادية، وهناك تقييمات للعناصر أسبوعياً، وبناءً على هذه التقييمات يتم اتخاذ إجراءات"، مبيناً أن تقييماً صدر في العاشر من الشهر الحالي بحق منفذ الهجوم". وأشار إلى أن المنفذ قد يملك أفكاراً تكفيرية أو متطرفة، وكان هناك قرار سيصدر بحقه غداً (أمس الأحد) كونه أول يوم دوام في الأسبوع، لكن الهجوم وقع السبت الذي يعتبر يوم عطلة إدارية. قد يشير ذلك إلى أن منفذ الهجوم كان عنصراً في وزارة الداخلية. بدوره كتب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، على منصة إكس، عقب الهجوم، أن سورية "تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية لمكافحة الإرهاب مشتركة بين سورية والولايات المتحدة بالقرب من تدمر"، معزياً "عائلات الضحايا والحكومة والشعب الأميركيين". ترامب: سيكون هناك رد صارم جداً وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في البيت الأبيض قبل مغادرته لحضور مباراة كرة القدم بين الجيش والبحرية في بالتيمور: "سنرد... هذا هجوم من داعش"، نفذته "في منطقة شديدة الخطورة في سورية، لا تسيطر عليها تماماً" الحكومة السورية. وعاد وكتب على منصته "تروث سوشال": "سيكون هناك رد صارم جداً… الرئيس السوري أحمد الشرع غاضب ومستاء للغاية من هذا الهجوم". أما وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث فوصف منفذ الهجوم بأنه "متوحش"، وكتب على منصة إكس: "إن استهدفتم أميركيين، في أي مكان في العالم، ستمضون بقية حياتكم القصيرة والمليئة بالضغط وأنتم تدركون أن الولايات المتحدة ستطاردكم وتعثر عليكم وتقتلكم بدون رحمة". كذلك قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم برّاك إن الهجوم يشكل "تذكيراً صارخاً بأن الإرهاب لا يزال تهديداً مستمراً"، مؤكداً على "إكس"، أن عدداً محدوداً من القوات الأميركية لا يزال منتشراً في سورية لاستكمال مهمة هزيمة تنظيم "داعش" ومنع عودته. وبينما انتهى، فجر أمس الأحد، الاستنفار الأمني الذي شهدته مدينة تدمر شرق محافظة حمص وسط سورية، والذي تزامن مع تحليق طائرات حربية أميركية في سماء المدينة، نوّه مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحياة عادت طبيعية، بعد اعتقال ثلاثة أشخاص. وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس، أمس، إن "منفذ الهجوم كان عنصراَ في الأمن العام منذ أكثر من عشرة أشهر، وعمل مع الجهاز في أكثر من مدينة قبل أن يُنقل إلى تدمر". وأضاف أن السلطات "أوقفت أكثر من 11 عنصراً من الأمن العام وأحالتهم إلى التحقيق مباشرة بعد الحادثة"، في إطار توسيع التحقيقات لتحديد الملابسات وما إن كان هناك أي تقصير أو تنسيق داخلي. وعلى صعيد ردات الفعل، قالت وزارة الخارجية القطرية في بيان: "تدين دولة قطر الهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية أميركية - سورية مشتركة، قرب مدينة تدمر، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى". وجددت موقف الدوحة "الثابت من رفض العنف والإرهاب والأعمال الإجرامية، مهما كانت الدوافع والأسباب". كما خرجت إدانات من الأردن والسعودية والبحرين وتركيا، للهجوم. "داعش" في تدمر ويُعتقد أن البادية السورية مترامية الأطراف تضم خلايا من "داعش"، ولا سيما في محيط مدينة تدمر، في جبال وهضاب صعبة التضاريس. وهذه المرة الأولى التي يشن بها التنظيم هجوماً واسع النطاق يودي بحياة جنود أميركيين في البادية منذ إسقاط الأسد في الثامن من ديسمبر 2024. وعادة يعتمد التحالف الدولي في الأعمال القتالية الميدانية على "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شرقي نهر الفرات، وعلى فصائل باتت اليوم جزءاً من الجيش السوري في البادية ومحيط قاعدة التنف التابعة للتحالف، في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي. وكان "داعش" قد سيطر على مدينة تدمر في العامين 2015 و2016 في سياق تمدده في البادية السورية، قبل أن يخسر المدينة لاحقاً إثر هجمات للقوات الحكومية بدعم روسي، ثم أمام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحلول 2019. وحتى شهر إبريل/نيسان الماضي، كان لدى الولايات المتحدة حوالي ألفي جندي متمركزين في سورية للمشاركة في مهام استشارية وتدريبية والمساعدة على مكافحة "داعش"، وفق صحيفة بوليتيكو الأميركية. علماً أن براك سبق أن أعلن في يونيو/حزيران الماضي، أن الولايات المتحدة بدأت تقليص وجودها العسكري في سورية. رشيد حوراني: "داعش" اختار هذه المرة هدفاً أميركياً ليكون للهجوم تأثير سلبي على الدولة السورية الجديدة في هذا الصدد رأى الخبير الأمني والعسكري، رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تنظيم داعش اختار هذه المرة هدفاً أميركياً ليكون للهجوم تأثير كبير وسلبي على الدولة السورية الجديدة"، مضيفاً أن "تنظيم داعش أعلن العداء لدمشق أكثر من مرة". ورأى الحوراني في الوقت نفسه أن "العملية عادية ومحتملة كون المنطقة هشة ورخوة من الناحية الأمنية"، مضيفاً أنه "لطالما كانت البادية السورية مسرح عمليات بين داعش وكل من قوات النظام البائد وإيران وروسيا". وفي رأيه أيضاً فإن "لدى التنظيم عملاء في البادية يزودونه بالمعلومات"، معتبراً أن هناك "علاقة تخادمية" ما بين "داعش" وقسد". وقال إن "البيان الذي أصدرته قسد وأبدت فيه استعدادها للانتشار على الجغرافية السورية بزعم محاربة الإرهاب، دليل على انتهازيتها وتصيدها لجني ثمار عملية داعش". وكانت "قسد" دانت في بيان "الهجوم الإرهابي"، مؤكدة أن قواتها "وبالاشتراك الكامل مع حلفائنا في التحالف الدولي، لن تسمح للتنظيمات الإرهابية بإعادة تنظيم صفوفها أو تهديد أمن المنطقة والعالم مجدداً، وأن الرد سيكون حاسماً ومباشراً بحق الجهات المنفذة والداعمة لها". وأضاف البيان: نؤكد اليوم جاهزيتنا الكاملة لنقل هذه المعركة إلى أي بقعة من الجغرافيا السورية، والعمل على اجتثاث الإرهاب أينما وُجد، دون تهاون أو تراجع". أبعاد سياسية والاندماج مع الجيش السوري من جهته رأى الباحث السياسي السوري، بسام سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن للهجوم "بعد سياسي"، موضحاً أنه "ربما هناك جهات تجنّد خلايا داعش، تريد توجيه رسالة بأن الدولة السورية ليست شريكاً كفؤاً لمحاربة الإرهاب. وبرأيه، فإن الحادث "سيعزز تفاعل المجتمع الدولي مع الدولة في سورية فهي الجهة الشرعية القادرة على مواجهة هذا الخطر". وفي رأي سليمان، فإن الحادث سيكون "بداية مرحلة جديدة في التعاطي مع خطر الإرهاب في سورية"، مشيراً إلى أن بقاء مناطق في الجغرافيا السورية خارجة عن سيطرة الدولة "يساعد تنظيم داعش". كذلك اعتبر الخبير الأمني السوري، ضياء قدور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن للهجوم "دلالات سياسية". وفي رأيه "يبدو أن البعض يريد إفشال التجربة في سورية"، مضيفاً أن التنسيق الأمني والاستخباري "لن يتأثر بين دمشق وواشنطن بل على العكس تماماً". ولفت إلى أن "تقاعس قسد في الاندماج مع الجيش السوري له دور كبير في قيام داعش بعمليات إرهابية". عبد الرحمن الحاج: يعكس الهجوم تحولاً في التكتيك من "داعش" ويعكس الهجوم تحولاً في التكتيك من "داعش"، وفق عبد الرحمن الحاج، الباحث السوري والمتخصص في الجماعات الإسلامية، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن للهجوم "رسائل ودلالات" عدة. وأوضح أن "الرسالة الأولى هي أن التنظيم سيستمر في مواجهة الحكومة السورية وأن العمليات التي تقوم بها لم تضعفه". أما الرسالة الثانية فهي "للولايات المتحدة، ومفادها أن العضو الجديد في التحالف الدولي (سورية) لا يمكن الاعتماد عليه". وفي رأي الحاج فإن التنظيم "يتجه نحو التصعيد ضد القوات الحكومية (السورية بما فيها الجيش السوري) وقوات التحالف، وتركيز عملياته عليها"، مضيفاً أنه "من غير الواضح ما إذا كان هذا تحولاً تكتيكياً وانتقالاً من الأهداف المدنية إلى الأهداف العسكرية والأمنية". وقال إن الهجوم أكد أن التنظيم "لا يزال قوياً وقادراً على القيام بعمليات في مناطق خاضعة للقوات الحكومية"، مشيراً إلى أن التنظيم "اخترق أمنياً قوات الأمن الداخلي، مستغلاً الحاجة الماسة لزيادة عدد القوات لضبط الأمن وعدم التشديد في التدقيق في خلفيات المنتسبين للقوات". وفي رأيه فإن الهجوم "يخدم أطرافاً أخرى على خصومة مع الحكومة، مثل قسد التي ترى أن الحكومة تسحب منها الملف بعد انضمامها للتحالف الدولي". 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows