الإقصاء الذي يودي بالمكتسبات
Arab
2 hours ago
share

تعتمد الحكومة السورية الانتقالية سياسة داخلية إقصائية لكل من لم يكن ضمن نهجها، عبّر عنها وزير الثقافة محمد صالح بعبارة "دمشق لنا إلى يوم القيامة" والذي يبدو أنه قال هذا الشطر من البيت الشعري معبراً عن توجّه حكومته وليس ممثلاً للسوريين. قد يقول البعض إن هذه السياسة كانت لها مبرراتها في الأشهر الأولى التي تلت إسقاط نظام بشار الأسد، إلا أنها بدأت تتصاعد نحو مزيد من الإقصاء، رغم الهزّات التي تعرضت لها في الساحل السوري وفي السويداء، الأمر الذي بدأت تظهر مفاعيله على كل مناحي الحياة في سورية، بدءاً من تصنيف المواطنين درجات في التعامل والتعاطي معهم، بين أخ يحمل الرقم الذاتي لـ"هيئة تحرير الشام"، يأتي في أعلى الترتيب، يليه مواطن ثوري كان مشاركاً في الحراك المسلح ضد بشار الأسد، فمواطن ثوري سلمي، ويأتي بعدها المواطن الرمادي الذي لم يتخذ موقفاً من الثورة السورية أو بقي ضمن مناطق النظام، ثم أشباه الفلول وهم المواطنون الذين أيّدوا النظام بدون ارتكاب انتهاكات. ويتذيل القائمة المواطنون الذين ارتكبوا انتهاكات أيام النظام السابق ولم يُحاكموا.

كما بدأت تظهر تصنيفات بحسب الطائفة، إذ لا يبدو التعاطي موحّداً تجاه كل الطوائف، وأدّت هذه الانقسامات إلى بروز حالات من الفلتان الأمني وارتكاب انتهاكات على يد مواطنين بحق آخرين معتمدين على تعاطف السلطة معهم، كأن يقوم عنصر سابق في فصائل المعارضة بالاعتداء على مواطن كان مؤيداً أو مرتكباً لانتهاكات في زمن نظام الأسد، أو أن تخضع سيارة مواطن لإجراءات تفتيش أضعاف ما يتعرض له مواطن آخر بسبب انتمائه الطائفي.

على مستوى المؤسسات، لا تزال الاختيارات تتم حسب التزكية، ومقابلات التوظيف تتضمن أسئلة من قبيل من تعرف من الإخوة ومن أي طائفة، ما زالت إعلانات التوظيف لبعض المواقع توزع سرّاً بين المقربين من الحكومة، فيما التحصيل العلمي والخبرة العملية لا يزالان آخر الاعتبارات. أما على مستوى السياسة الخارجية فتتعاطى الحكومة المؤقتة مع قرارات مصيرية، من قبيل المفاوضات مع إسرائيل أو منح قواعد عسكرية أو استثمارات ضخمة لدول أخرى، وكأنها حكومة أبدية. هذه الطريقة في التعاطي وغيرها من السياسات التي تتّبعها الحكومة من شأنها أن تذهب بالبلاد إلى حالة من الفوضى قد تودي بكل ما تم تحقيقه من إنجازات التحرير، ما لم يتم تداركها وإجراء مراجعة لكل الأداء السابق.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows