
في تطور قضائي بارز في مصر أصدرت محكمة جنايات مستأنف بدر المنعقدة بمجمع محاكم بدر، اليوم الأحد، حُكمَين نهائيَين في قضيتَين بارزتَين، إحداهما تتعلق بمقتل مساعد مدير أمن الجيزة، اللواء نبيل فراج، خلال عملية أمنية في منطقة كرداسة، والثانية تخصّ ما باتت تُعرف إعلامياً بـ"خلية ولاية الإسماعيلية" التي واجه أعضاؤها اتهامات تتعلق بالانضمام لجماعة إرهابية وتبني أفكار متطرفة ضد الدولة.
الإعدام لمتهم في قضية اغتيال اللواء نبيل فراج
وفي قضية مقتل اللواء نبيل فراج، قضت المحكمة برئاسة المستشار حماده الصاوي برفض الاستئناف المقدم من المعتقل عصام عبد المجيد دياب سيد، وهو المتهم الثاني في القضية، وتأييد حكم الإعدام شنقاً الصادر ضده غيابياً، وذلك عقب ورود رأي فضيلة مفتي الجمهورية الذي أُحيل إليه ملف القضية لإبداء الرأي الشرعي في العقوبة. وتعود أحداث الواقعة إلى سبتمبر/أيلول 2013، أثناء قيام الأجهزة الأمنية بحملة موسعة لتمشيط منطقة كرداسة، في محافظة الجيزة، بحثاً عن عناصر مطلوبة أمنياً وضبط حاملي الأسلحة والمتفجرات، وهي العملية التي شهدت مقتل اللواء نبيل فراج أثناء قيادته للحملة.
واتّهمت النيابة العامة المشتبه بهما بارتكاب جرائم القتل العمد والإرهاب وتمويله، فضلاً عن تأسيس وإدارة جماعة على خلاف أحكام القانون تهدف إلى منع مؤسّسات وسلطات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، واستهداف المنشآت العامة بقصد الإخلال بالنظام العام، مع استخدام الإرهاب وسيلة لتنفيذ تلك الأغراض.
وفي القضية الثانية، التي حملت رقم 6482 لسنة 2022 جنايات الشروق، والمعروفة إعلامياً بـ"خلية ولاية الإسماعيلية الإرهابية"، أصدرت المحكمة ذاتها أحكاماً بالسجن المشدّد ضد خمسة معتقلين، بعد اتهامهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية تتبع فكر تنظيم "داعش" الإرهابي، وتبني أفكار تكفيرية تهدف إلى إسقاط نظام الحكم بالقوة، واستهداف الأقباط ومنشآت الدولة، والسعي لخلق حالة من الفوضى في البلاد. وجاءت الأحكام على النحو التالي، السجن المؤبد لمتهم، والسجن المشدّد 15 سنة لمتهمة واحدة، والسجن 10 سنوات لثلاثة متهمين آخرين.
وشملت قائمة المحكوم عليهم كلاً من: حمدي سناء الحمد محمد بدوي (31 عاماً) حاصل على ليسانس حقوق ومساعد تمريض، محمد فتح الله حسن الأشموني (45 عاماً) مساعد تمريض بمكتب الرحمة لرعاية المسنين، علاء جمال رجب خضر (25 عاماً) جليس لكبار السن، ومحمد مصطفى فؤاد حمزة (24 عاماً) محفظ قرآن وطالب بكلية التربية في جامعة الأزهر، وإيمان إبراهيم سليمان سليم (30 عاماً) أخصائية بحوث قانونية وإدارية بهيئة قناة السويس. وكانت النيابة العامة أسندت إليهم اتهامات بـ"تأسيس جماعة إرهابية تحت اسم (ولاية الإسماعيلية)"، بدأت نشاطها منذ عام 2020 وحتى 27 إبريل/نيسان 2021، بمحافظتَي القاهرة والإسماعيلية، بهدف ارتكاب جرائم إرهابية وتكفير الحاكم والدعوة للخروج عليه، وتغيير نظام الحكم بالقوة وتعطيل الدستور والقوانين، واستهداف أفراد القوات المسلّحة والشرطة، واستباحة دماء الأقباط ودور عبادتهم، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
كما أشارت النيابة إلى أن المتهم الأول تولى مسؤولية تأسيس الجماعة الإرهابية، بينما انضمّ المتهمون من الثاني إلى الخامس إلى تلك الجماعة مع علمهم التام بأهدافها المتطرفة. وقضت المحكمة كذلك بإلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية، ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات تبدأ عقب تنفيذ العقوبة، كما ألزمتهم بالالتحاق بدورات إعادة تأهيل تستمر لمدة مماثلة، في إطار محاولة لإعادة دمجهم بعد انتهاء فترة العقوبة.
وتجدر الإشارة إلى أن القضيتَين، رغم تباين تفاصيلهما وظروفهما الزمنية، تكشفان عن استمرار الملاحقة القضائية في مصر لعناصر متهمة بالارتباط بأفكار العنف المسلح أو التنظيمات المتطرفة، سواء تلك التي ظهرت عقب فضّ اعتصامَي رابعة والنهضة في 2013، كما في حالة قضية كرداسة، أو المجموعات المرتبطة بما يُعرف بـ"الذئاب المنفردة" وتنظيم "داعش"، كما في قضية ولاية الإسماعيلية.
كما تلقي هذه الأحكام بظلالها على النقاشات الدائرة حول قضايا العدالة الانتقالية وظروف الاحتجاز والضمانات القانونية للمحاكمات العادلة، في ظل تقارير حقوقية محلية ودولية تشكك في حيادية بعض تلك الإجراءات، خاصة مع صدور أحكام غيابية بالإعدام ووجود استئنافات متكرّرة في قضايا سياسية الطابع. وبينما ترى السلطات المصرية أن هذه المحاكمات ضرورية لـ"حماية الأمن القومي"، يقول منتقدوها إن معايير التقاضي في بعض القضايا بحاجة إلى إعادة نظر شاملة تراعي العدالة والشفافية وحقوق الدفاع، خاصّة حين تكون الأحكام مشددة أو بالإعدام.

Related News

