اشتباكات باكستان وأفغانستان تهدد مصالح الصين
عربي
منذ يوم
مشاركة
ركزت الصين في تعليقها على الاشتباكات الحدودية التي شهدتها باكستان وأفغانستان خلال الأسبوع الماضي على الدعوة إلى خفض التصعيد وضبط النفس، وصولاً إلى تحقيق وقف إطلاق نار دائم بين البلدين، اللذين تتقاسم الصين حدوداً معهما، ولديها مصالح استثمارية في المنطقة. وقُتل عشرات الجنود والمدنيين مع تجدد المواجهات الحدودية بين باكستان وأفغانستان، أول من أمس الأربعاء، قبل ساعات من إعلان إسلام أباد موافقة الجانبين على وقف لإطلاق النار لمدة 48 ساعة، والذي صمد أمس الخميس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان للصحافيين، أمس الخميس، رداً على الهدنة المؤقتة، إن "الصين مستعدة لمواصلة أداء دور بناء من أجل التحسين المستمر في العلاقات بين البلدين". وأضاف أن بكين "تدعم الدول في ممارسة ضبط النفس وتحقيق وقف تام ودائم لإطلاق النار". وكان لين جيان قد صرح في مطلع الأسبوع الحالي بأن الصين تأمل بصدق بأن يُعطي البلدان الأولوية للوضع العام، وأن يمارسا الهدوء وضبط النفس، وأن يُبدّدا مخاوفهما من خلال الحوار والتشاور لتجنب المزيد من الصراع. وأضاف في إفادة صحافية يومية بأن بلاده مستعدة لمواصلة دور بنّاء في تحسين العلاقات الثنائية، داعياً الجانبين إلى ضمان سلامة الموظفين الصينيين والمشاريع والمؤسسات الصينية في المنطقة. الاشتباكات بين باكستان وأفغانستان تصاعدت التوترات بين إسلام أباد وكابول، الأسبوع الماضي، بعدما تبادلت قواتهما إطلاق النار في نقاط مختلفة على طول حدودهما، بعد يومين من انفجارين هزا كابول التي اتهمت بدورها إسلام أباد بالوقوف وراءهما. وتوصل البلدان، أول من أمس، لهدنة لمدة 48 ساعة، فيما اعتُبر هذا التصعيد أسوأ الاشتباكات بين باكستان وأفغانستان منذ عودة طالبان إلى السلطة في كابول عام 2021. واندلعت المواجهات بين البلدين مساء السبت الماضي عندما أطلقت أفغانستان عملية في خمس ولايات حدودية على الأقل. وذكرت حكومة طالبان أنها هاجمت قوات الأمن الباكستانية "رداً على ضربات جوية نفّذها الجيش الباكستاني على كابول". وبينما توعدت إسلام أباد بالرد على الهجمات بقوة، أعلنت إدارة العلاقات العامة للقوات المسلحة الباكستانية في بيان، يوم الأحد الماضي، أن مسلحين من تنظيم "طالبان الباكستانية" شنوا هجوماً على باكستان في منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية، ليل السبت - الأحد. وردّت قوات الأمن الباكستانية على الهجوم، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 مسلح، فيما أسفر تبادل إطلاق النار عن مقتل 23 وإصابة 29 في صفوف قوات الأمن الباكستانية. وذكر البيان أن الجيش الباكستاني نفذ أيضاً ضربات دقيقة على معسكرات ومواقع عسكرية أفغانية وقواعد تدريب إرهابية وشبكات دعم لحركة طالبان الباكستانية وجيش تحرير بلوشستان وتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان. من جانبه، صرّح المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحافي، يوم الأحد الماضي، بأن الهجوم الأفغاني المضاد الذي شُن ليل السبت - الأحد على منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية، أسفر عن مقتل 58 باكستانياً وإصابة 30 آخرين، بينما قُتل تسعة أفغان وجُرح 16 آخرون.  وتجددت الاشتباكات أول من أمس الأربعاء، إذ اتّهم الجيش الباكستاني طالبان الأفغانية بمهاجمة نقطتين حدوديتين في جنوب غربي وشمال غربي البلاد، وقال إنه تم التصدي للهجومين، فيما قتل 20 مقاتلاً من طالبان في هجمات قرب سبين بولدك على الجانب الأفغاني من الحدود في ولاية قندهار الجنوبية. من جهة أخرى، هز انفجاران العاصمة الأفغانية، مساء أول من أمس الأربعاء، بحسب "فرانس برس"، فيما فرضت القوات الأفغانية طوقاً في عدد من شوارع المدينة. وذكرت منظمة "إيميرجنسي" غير الحكومية الإيطالية التي تدير مستشفى في كابول أن خمسة أشخاص قتلوا على الأقل وأنها عالجت 35 جريحاً. وأعلنت إسلام أباد وقف إطلاق النار بعد ساعة تقريباً من وقوع الانفجارين، لمدة 48 ساعة، وذلك بهدف إتاحة الوقت "لإيجاد حل إيجابي... من خلال الحوار البناء"، فيما أمرت حكومة طالبان الجيش باحترام وقف إطلاق النار. ونقلت "فرانس برس" عن مسؤولين من الجانبين أن وقف إطلاق النار على طول الحدود بين باكستان وأفغانستان صمد أمس الخميس، و"لم يتم الإبلاغ عن أي أعمال عنف خلال الليل (الأربعاء - الخميس)".  من جهته، رحب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، أمس، بوقف إطلاق النار وناشد في بيان "كلا الطرفين منع أي ضرر إضافي للمدنيين والالتزام بوقف دائم لإطلاق النار". وتتقاسم الصين حدوداً مع أفغانستان وباكستان في منطقتها الغربية، ولطالما سعت إلى أداء دور الوسيط في تهدئة الأعمال العدائية بين الجانبين. وفي أغسطس/ آب الماضي، حضر وزير الخارجية الصيني وانغ يي اجتماعاً مع نظيريه الباكستاني إسحاق دار والأفغاني أمير خان متقي في كابول، داعياً إلى تعزيز التبادلات على جميع المستويات. وفي اجتماع ثلاثي غير رسمي عُقد قبل أسابيع، استضافته بكين، أعلنت الصين أن كابول وإسلام أباد اتفقتا على تعزيز علاقاتهما الدبلوماسية. يشار إلى أن المستعمرين البريطانيين رسموا في عام 1893 الحدود بين باكستان وأفغانستان المعروفة أيضاً باسم "خط ديورند"، وتمتد تلك الحدود على مسافة ألفي كيلومتر. وعلى مر السنين، أدت الشكوك حول شرعية "خط ديورند" إلى اشتباكات حدودية متكررة بين البلدين. مخاوف بكين  وبرأي الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في بكين جيانغ قوه، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن الاشتباكات الأخيرة بين باكستان وأفغانستان "تمثل، في بعدها السياسي، عدم تسامح باكستان مع الأزمة الأمنية الداخلية (الأزمة بين إسلام أباد وطالبان الباكستانية، وغيرها من الجماعات المسلحة)، فضلاً عن كونها تحذيراً استراتيجياً للعلاقات المتصاعدة بين سلطات طالبان الأفغانية والهند". ولكن ما تخشاه الصين، وفق جيانغ قوه، أن تتحول هذه الاشتباكات "إلى مواجهة مفتوحة بين الطرفين، وبالتالي قد تترتب على ذلك ارتدادات أمنية تمس المصالح الصينية". جيانغ قوه: ليس من مصلحة الصين أن تكون هناك توترات أمنية على حدودها الغربية وأوضح في هذا السياق أنه "من جهة تمتلك الصين حدوداً ممتدة مع كلا البلدين، وليس من مصلحتها أن تكون هناك توترات أمنية على حدودها الغربية، ومن ناحية أخرى، هناك مصالح مرتبطة بمشاريع ضخمة في إطار ما يعرف بالحزام والطريق (مبادرة استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية)". ولفت إلى أن "إسلام أباد شريك رئيسي في المبادرة الصينية، إذ يعتبر الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني مشروعاً رائداً". وقد شهد المشروع الذي سيربط الصين بميناء جوادر في المياه العميقة على المحيط الهندي استثمار الصين حوالي 65 مليار دولار أميركي فيه. وبالرغم من الاستثمارات الصينية الكبيرة في باكستان، فإنها لم تسلم من سلسلة من الهجمات المسلحة التي استهدفت المواطنين الصينيين والمشاريع الصينية، خصوصاً في إقليم بلوشستان، جنوب غربي البلاد، حيث يوجد العديد من مشاريع "الحزام والطريق" الكبرى. من جهتها، اتهمت منظمة جيش تحرير بلوشستان المسؤولة عن العديد من هذه الهجمات بكين باستغلال الموارد المحلية وتمكين الحكومة في إسلام أباد. كما سبق أن أشارت تقارير إلى أن الصين تسعى إلى توفير وجود أمني واسع النطاق، لكن إسلام أباد لم تبد حتى الآن اهتماماً كبيراً بهذه الخطوة.   لين تشين: كثفت بكين خلال السنوات الأخيرة علاقاتها مع باكستان وأفغانستان في عدة مجالات من جهته، قال أستاذ الدراسات السياسية في معهد قوانغ دونغ (الصين)، لين تشين، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "لدى الصين مصلحة في تعزيز التعاون مع كلا البلدين من أجل ضبط الأمن الإقليمي والترابط الاقتصادي". وفي رأيه، فإن "القيادة الصينية تعتقد أن الحفاظ على علاقة وطيدة مع الطرفين أمر حيوي للسلام في المنطقة، سواء ما يتصل بمكافحة الإرهاب، أو ضبط عمليات التهريب العابرة للحدود". وأشار إلى أن بكين "كثفت خلال السنوات الأخيرة علاقاتها مع باكستان وأفغانستان في عدة مجالات ذات صلة، من بينها: معاهدات تسليم المجرمين وتبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بهاربين متورطين بقضايا نصب واحتيال".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية