من جذور إسكندرانية إلى نوبل..فيليب أغيون ورحلة الابتكار والنمو
عربي
منذ يومين
مشاركة
كان صباح ستوكهولم هادئا حين التقط فليب أغيون الهاتف، إتصال من آدم سميث كبير المسؤولين العلميين في مبادرة نوبل للتوعية، كلمتين خفيفتين كانتا كافيتين لوضع فليب في القائمة الذهبية لأصحاب نوبل للاقتصاد. "ألو فليب، أنا أدم سميث من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم..تهانينا..". خبر لم يكن يتوقعه فليب، بل كان متأكدا أنه لم يكون له نصيبا هذا العام بعد أن منحته جامعة ستوكهولم منذ أسبوعين درجة فخرية، لكن الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم قررت بأن جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية 2025 تذهب إليه بالاشتراك مع جويل موكير وبيتر هاويت لشرحهم النمو الاقتصادي القائم على الابتكار، وقسمت الجائزة، نصفها لموكير، ونصفها الآخر مناصفة بين أغيون وهاويت. هذا التتويج رسخ مكانة نموذج "النمو عبر التدمير الخلاق" في قلب علم الاقتصاد المعاصر. الإسكندرية خميلة العلماء بعد الخبر مباشرة تأتي الخلفية التي صاغت حسّه، إنها الإسكندرية. هناك ولدت والدته غابي أغيون، مؤسسة دار كلويه للأزياء الفرنسية، وهناك عاش والداه قبل انتقالهما إلى باريس عام 1945. الإسكندرية عروس المتوسط، بتعددها وهوائها الفني، ظلت حاضرة في حكايات البيت الذي نشأ فيه، خيطا مبكرا نحو فكرة الحرية وكسر القوالب. في المسار الأكاديمي، تتوالى محطات فليب أغيون بوضوح، دكتوراة عام 1987 من جامعة هارفرد، ثم عمل مبكرا في معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في كامبريدج، ثم قضى فترات في كلية يونيفرسيتي كوليدج بلندن فكلية هارفرد. اليوم يُدرِّس فليب أغيون في كلية "كوليج دو فرانس" في باريس، وكلية "إنسياد" في ذات العاصمة، وهو كذلك أستاذ في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، لكن محطته العلمية المفصلية جاءت عام 1992 عندما وضع مع هاويت الورقة التي ستصبح علامة: "نمو عبر التدمير الخلاق". الخلاصة ببساطة، "الابتكار يدخل جديدا ويزيح قديما، ترتفع الإنتاجية حين تُفتح أبواب المنافسة والدخول، ويتباطأ التقدم عندما تُقفلها المصالح الراسخة". هذه الصياغة قدمت بعدا داخليا للنمو، التكنولوجيا ليست "هدية من خارج النموذج"، بل نتيجة قرارات ومنافسة داخل الاقتصاد.    وليس أغيون بعيدا عن السياسات. في أول حوار بعد الإعلان، لخص الرسالة بلغة عملية: منافسة فعالة لا تحتكرها جماعات المصالح، سياسة صناعية ذكية ترافقها، وشبكات أمان اجتماعي تساعد من يفقدون وظائفهم على الانتقال إلى وظائف جديدة. لحظة نوبل ولمن يريد لقطة إنسانية من اللحظة نفسها: مكالمة التهنئة التي نشرها موقع نوبل، كان يهمس فيها أغيون لرفيق دربه هاويت الذي تقاسم معه نصف الجائزة: "إنه رائع يا بيتر…نعم!" عبارة تكشف شيئا من تاريخ شراكة علمية بدأت أواخر الثمانينيات بين معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفرد واستمرّت حتى التكريم. وخلالها ألّفا الرجلان كتابين، معا، وأنتجا أوراقا بحثية أخرى حول النمو والبطالة، والنمو والمنافسة، وطوار الكثير، لقد أنجزا الكثير معا. وفي باريس، حيث يتواصل الجدل حول مشروع موازنة 2026، لم يقف أغيون على الحياد، لقد دعا إلى تعليق إصلاح التقاعد حتى انتخابات 2027 لخفض الاحتقان وفتح باب تسوية سياسية، كما أبدى تحفظه على "ضريبة زوكمان" المقترَحة على كبار الثروات، محذرا من إدخال "أدوات العمل" في الوعاء الضريبي والاعتماد على تقييمات متقلّبة، ومؤكدا ضرورة صون بيئة الابتكار والاستثمار.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية