
عربي
نشرت سلطات تونس، السبت، وحدات الجيش والشرطة لمنع المتظاهرين من دخول مقار المصانع الكيميائية بمحافظة قابس بعد تصاعد الغضب في المنطقة احتجاجاً على ارتفاع مستويات التلوث الناجمة عن مخلفات المصانع وتكرر حالات الاختناق في صفوف المواطنين. ومنذ أمس الجمعة، يحاول نشطاء بيئيون في قابس تنفيذ اعتصام في مقار المجمع الكيميائي رافعين شعارات تطالب بتفكيك وحدات المجمع وحماية المواطنين والحياة البرية والبحرية في المنطقة من مخلفات التلوث المتواصل منذ عقود.
وقال المتحدث باسم حراك "ستوب بوليوشن" (كفى تلوثاً) خير الدين دبيّة إن حشداً من المواطنين تجمع، السبت، في محيط المجمع الكيميائي للمطالبة بتطبيق قرار تفكيك الوحدات الصناعية التي تعدم الحياة في المنطقة وتسببت في مئات حالات الاختناق خلال الأسابيع الأخيرة، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن السلطات نشرت وحدات من الجيش والشرطة في محيط المجمع وأغلقت جميع المنافذ لمنع المحتجين من تنفيذ اعتصام مفتوح داخله، مشيراً إلى أن المجمع يصنف منطقةً عسكريةً. وتحدث دبية عن تصاعد الغضب الشعبي في محافظة قابس في ظل صمت تام من قبل السلطات المحلية والمركزية إزاء ما يحصل، لافتاً إلى أن العمر الافتراضي لأغلب وحدات المجمع الكيميائي انتهى وفق تقارير حكومية صدرت عام 2017 ويفترض وفق التقارير نفسها أن تفكك في غضون ست سنوات على أقصى تقدير.
وتركز أول مصنع تابع للمجمع الكيميائي التونسي سنة 1972، وهو مخصص لإنتاج الحامض الفسفوري، وبين العامين 1979 و1985، أُنشئت وحدتان لإنتاج سماد الفوسفات ثنائي الأمونيوم، وسنة 1983، أنشئ مصنع لإنتاج نترات الأمونيوم.
واعتبر خير الدين دبية أن عدم تعهد الوحدات بالصيانة وتقادم معداتها أصبحا يشكلان خطراً كبيراً على أمن المنطقة نتيجة المواد الخطرة التي يصنعها المجمع، مضيفاً: "أعدم المجمع الكيميائي على مر عقود الحياة البرية والبحرية في المنطقة بسبب الغازات التي تنفث من مداخن المصانع وكميات الفوسفوجيبس التي تسكب في البحر، ما تسبب في اختلال المنظومة البيئية في المنطقة وانقراض عشرات الأصناف من الكائنات البحرية على سواحل المدينة".
وفي مارس / آذار الماضي، أصدر مجلس وزاري مضيّق جملة من القرارات، من بينها حذف مادة الفوسفوجيبس من قائمة النفايات الخطرة، وهي مادة مصنفة خطرة منذ سنة 2000 طبقاً للأمر عدد 2339. وكان القرار الحكومي بمثابة خطوة قبرت قراراً حكومياً صادراً منذ 2017، ناضل سكان قابس من أجل تنفيذه، حيث يقضي القرار بإيقاف سكب الفوسفوجيبس في البحر وتفكيك وحدات إنتاج المجمع الكيميائي وتعويضها بوحدات متطورة تحترم البيئة.
ومنذ عام 2017، تؤجل الحكومات المتعاقبة تطبيق قرار تفكيك وحدات المجمع، الأمر الذي دفع نشطاء البيئة في المنطقة إلى تنفيذ احتجاجات متواترة، حيث تصنف قابس سابقاً أجملَ واحة بحرية في العالم، غير أن النفايات الكيميائية غيرت شكل المنطقة التي لم تعد صالحة للحياة وفق خير الدين دبية، مشيراً إلى أن شكل الواحة البحرية تغير بشكل كامل حيث أصبح البحر عبارة عن بؤر طينية سوداء من جراء المعادن الثقيلة التي تسكب في البحر من مخلفات صناعة الفوسفات.
يعتبر خليج قابس منطقة ذات إنتاجية عالية إذ يمثل موطناً لأصناف كثيرة من الأسماك والقشريات، وترتكز أنشطة الصيد في قابس على الصيد الساحلي أساساً إضافة إلى الصيد القاعي وشباك الجر. وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، الأسبوع الماضي، إن قابس تعرضت منذ سنوات طويلة "لاغتيال للبيئة والقضاء عليها" بسبب اختيارات قديمة وصفها بأنها "جريمة".
