
عربي
أبدى المرصد المغربي لحماية المستهلك غير الحكومي قلقه من تنامي ظاهرة بيع المواد الغذائية بأسعار منخفضة، سواء في محلات تجارية أو حسابات على منصات التواصل الاجتماعي. وأعلن أنه رصد انتشاراً واسعاً لإعلانات بشعارات عدة تروّج لمنتجات غذائية بأسعار غير معقولة مقارنة بالأسعار المتوفرة في الأسواق.
ومن بين المعروض معلبات تباع بدرهمين (21 سنتاً) فقط، في حين أن سعرها الحقيقي يتجاوز 7 دراهم (75 سنتاً)، وأجبان وزيوت تُعرض بأقل من نصف ثمنها المعروف، إضافة إلى سلع مجهولة المصدر أو قريبة من انتهاء الصلاحية، تروّج بشعارات مثل تصفية المخزون أو العرض محدود.
وعلّق مرصد حماية المستهلك بأن "هذه الطريقة في التسويق تعتمد على إظهار تخفيضات وهمية قد تتجاوز نسبة 70%، وخلق شعور بالإلحاح على الشراء لدى المستهلكين. تحوّلت هذه الطريقة في السوق المغربية إلى وسيلة خطيرة للتغرير بالمواطنين، وترويج سلع منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر، والتخلص من منتجات تالفة أو مرفوضة من أسواق أخرى، وجعل المغاربة ضحية استهلاك غير آمن".
ولا يكاد يمر أسبوع من دون أن تتداول وسائل الإعلام المحلية أخباراً حول مضبوطات المواد الغذائية منتهية الصلاحية أو الفاسدة خلال حملات تنفذها لجان المراقبة في أنحاء البلاد. ودعا المرصد جميع المستهلكين المغاربة إلى توخي الحذر وعدم الانخداع بالأسعار المغرية جداً، والتأكد من المصدر وتاريخ الصلاحية قبل الشراء، والتبليغ عن أي محل أو حساب مشبوه.
يقول الباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، لـ"العربي الجديد": "بيع مواد غذائية بأسعار منخفضة عبر محلات تجارية وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي مصدر خطر على حياة المواطنين. وتناول مواد غدائية منتهية الصلاحية تتحوّل تدريجياً إلى مواد ضارّة بسبب نمو بكتيريا وفطريات فيها، وحدوث تفاعلات كيميائية بسبب المواد الحافظة، ويمكن أن تتسبب بعض هذه المواد بمرض السرطان". يضيف: "يجب أن يسأل المواطنون عن أسباب انخفاض أسعار هذه المواد، ويمتنعوا عن شرائها لأنهم قد يقعون ضحية عملية خداع، إذ قد تتضمن مواد انتهت صلاحيتها ويُعاد بيعها أو مغشوشة".
ويشدد على ضرورة أن "يتجنّب المواطنون شراء مواد طبية أو شبه طبية أو مواد غذائية من مواقع مشبوهة أو شبه مشبوهة، خصوصاً حين تعرض بضائع بأسعار زهيدة، لأنهم قد يقعون في مصيدة تصريف مواد غير صالحة أو مغشوشة لا يمكن تصريفها بطريقة قانونية".
ويملك المغرب ترسانة قانونية خاصة بالسلامة الغذائية، أبرزها القانون رقم 28.07، الذي يعرّف أحد فصوله مصادر الخطر بأنها "كل عنصر بيولوجي أو كيميائي أو فيزيائي يوجد في منتج غذائي، مثل الأكسدة والتعفن والتلوث، أو أي حالة أخرى مشابهة يمكن أن تؤثر سلباً في الصحة".
وتحدد المادة 14 من القانون ذاته المنتج المضر بالصحة بأنه "يحتوي على آثار سامّة تؤثر فوراً على صحة الفرد على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، أو تتسبب في حساسية صحية مفرطة، أو أشكال أخرى من الحساسية، والتي تصيب فرداً أو فئة معينة من الأفراد يوجه إليهم المنتج المعني".
ويعاقب القانون المغربي بالحبس فترة تتراوح بين شهرين وستة أشهر ودفع غرامة مالية لكل من يعرض أو يقدم في السوق الداخلية أو يستورد أو يصدّر أي منتج غذائي يشكل خطراً على حياة أو صحة الإنسان أو الحيوان. وتبلغ قيمة الغرامة المالية 20 ألف درهم (2000 دولار) لكل من لا يسحب أي منتج غذائي من السوق الوطنية خلال الأجل الذي تحدّده السلطات المتخصصة.
وأحدث تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، وهو أعلى هيئة رقابية في مجال تدبير المرافق العمومية، صدمة كبيرة لدى الرأي العام بسبب ما تضمّنه من معطيات خطيرة حول نتائج فحوص أجرتها الهيئة المكلفة مراقبة جودة الأغذية المتداولة في الأسواق المغربية، إذ أكد التقرير الذي صدر في سبتمبر/ أيلول 2019، أن "المغرب لا يملك رؤية واضحة أو سياسة عمومية في مجال السلامة الصحية للمنتجات الغذائية".
ولفت التقرير إلى ضعف المراقبة محلياً، وسهولة اختراق بعض النقاط الحدودية، وصعوبة المراقبة بسبب تهريب حيوانات حيّة وأدوية بيطرية ومبيدات لآفات زراعية، وأيضاً دخول أنواع كثيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر.
