الاحتلال يتعمد تفليس اقتصاد الضفة: استهداف المتاجر وتقييد التنقلات
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تراجع أنشطة الاقتصاد في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق، مع فقدان آلاف الوظائف وتراجع الحركة التجارية والنشاط الصناعي والزراعي، وزيادة البطالة والفقر. بالتزامن، تعمّد الاحتلال خنق الاقتصاد الفلسطيني بتقييد الحركة التجارية، وزيادة المعابر، وقرصنة أموال المقاصة التي أضعفت قدرة الحكومة الفلسطينية على النهوض وسداد الأجور والرواتب وتوفير الخدمات. ومن أبرز العوامل التي أدت إلى تصاعد الأزمات "منع دخول العمال إلى الداخل المحتل، وعددهم يقارب الـ200 ألف عامل، حيث كان هؤلاء يحركون أكثر من 35% من اقتصاد الضفة الغربية"، كما يقول أمين سرّ اتحاد الغرف التجارية الصناعية والزراعية الفلسطينية، عمار أبو بكر، لـ"العربي الجديد". وعلى سبيل المثال، في جنين، وفق أبو بكر، فإن إغلاق حاجز الجلمة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مثّل صدمة كبيرة للاقتصاد المحلي، إذ كان يمر عبره يوميًا نحو 20 ألف مركبة تحمل نحو 10 ملايين شيكل من البضائع، بالإضافة إلى دخول نحو 25 ألف عامل، ما يعني خسارة شهرية تصل إلى حوالي 20 مليون شيكل. وبحسب أبو بكر، فإن هذه الخسائر تنطبق على جميع المحافظات بحسب اعتمادها الاقتصادي على العمالة وحركة المرور التجارية. وكذلك الحال في المحافظات الشمالية مثل طولكرم ونابلس، إذ أدى إغلاق الحواجز المحيطة بها إلى تقييد التنقل بين المدن والقرى، خاصة مع وجود أكثر من 1000 حاجز في الضفة الغربية، ما انعكس بشكل مباشر على النشاط التجاري اليومي. ويؤكد أبو بكر أن نسبة البطالة ارتفعت إلى نحو 55%، كما تراجع الدخل اليومي للعمال، ما قلّص تدفق السيولة في الأسواق المحلية، وأدى إلى انتشار حالات الفقر بين الأسر الفلسطينية. ضرب اقتصاد الضفة ويبيّن أبو بكر أن انتشار الحواجز أعاق العملية التعليمية في الجامعات والمدارس خلال أشهر طويلة، ما أثر على حركة الأسواق والتنقل بين المحافظات، إلى جانب تراجع دخل العاملين في قطاع النقل. وتكبد القطاع الخاص خسائر فادحة بلغت حتى نهاية عام 2024 نحو 1.3 مليار دولار، مع توقع زيادة هذه الخسائر في العام الجاري. ووفق أبو بكر، فإن مئات المحالّ التجارية أغلقت أبوابها نتيجة تراكم الديون وعدم قدرة أصحابها على الوفاء بالتزاماتهم، بينما عمد الاحتلال إلى تدمير محالّ في طولكرم وجنين والمناطق المصنفة "ج" في جنوب الضفة الغربية، ما انعكس على تعطّل المحالّ بشكل كامل، وضرب مناطق تجارية بأكملها كانت تشكل موقعًا للحركة الصناعية النشطة. ويشير أبو بكر إلى انهيار قطاعات رئيسية مثل السياحة، التي تعتمد عليها محافظات بيت لحم وأريحا، بخسائر لا تقلّ عن 90%، فيما شهدت الخليل تراجعًا في كميات الإنتاج الصناعي بنسبة 35% على الأقل، نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة الذي كان يستقبل ثلث الإنتاج الصناعي المحلي من المدينة التي تُعدّ أكبر المدن اقتصادًا. ويلفت أبو بكر إلى أن الأزمة الاقتصادية بعد الحرب على غزة انعكست على الحكومة الفلسطينية، التي تواجه مشكلات مالية حادّة نتيجة تدهور الإيرادات الضريبية بسبب احتجاز أموال المقاصة منذ أربعة أشهر، واقتطاعها بشكل دوري قبل الحرب على غزة، ما حدّ قدرة الحكومة على القيام بخطوات جوهرية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، يؤكد أبو بكر. وتُظهر نسبة البطالة في الضفة الغربية حجم التأثير الاقتصادي والارتدادات لحرب الإبادة على قطاع غزة، حيث وصلت، بحسب معطيات زوّدت بها وزارة الاقتصاد "العربي الجديد"، إلى 28.6% في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بـ12.9% قبل حرب الإبادة، بحسب آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد). خسائر ضخمة وقد فقد الاقتصاد الفلسطيني، بحسب أونكتاد، أكثر من 300 ألف وظيفة بعد الحرب، ما جعل الخسارة اليومية تقارب 25.5 مليون دولار من دخل العمال، ومعظمهم من العمال في السوق الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1948، إضافة إلى وظائف في السوق المحلي، فيما تعطلت الأنشطة التجارية بسبب القيود المتزايدة على حركة الأشخاص والبضائع. وإضافة إلى القيود ومنع العمال من استكمال عملهم في السوق الإسرائيلي، فقد أثرت قرصنة أموال المقاصة (أموال الضرائب الفلسطينية التي تجمعها السلطات الإسرائيلية على البضائع المستوردة عبر الموانئ الإسرائيلية) على الاقتصاد الفلسطيني. وبحسب وزارة الاقتصاد، فقد بلغت قيمة الأموال التي قرصنتها حكومة الاحتلال ما يزيد على 10 مليارات شيكل (قرابة 3 مليارات دولار) من أموال المقاصة، التي تشكّل حوالي 68% من إيرادات الخزينة العامة الفلسطينية. ونتيجة لذلك لم تتمكن الحكومة الفلسطينية من الإيفاء بالتزاماتها تجاه صرف رواتب الموظفين الحكوميين، ودفع المستحقات للقطاع الخاص، وتنفيذ الخطط والبرامج، ما أثّر بشكل واسع على الاقتصاد. وارتفع العجز في الموازنة في عام 2024 إلى 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي (1.3 مليار دولار). وأكدت وزارة الاقتصاد لـ"العربي الجديد" أن ذلك يُعزى إلى الانكماش الاقتصادي، ونقص المساعدات الخارجية، وزيادة الاستقطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة المستحقة للحكومة الفلسطينية. ويقول الباحث والخبير الاقتصادي البروفيسور طارق الحاج لـ"العربي الجديد": "إن الخلل البنيوي في الاقتصاد الفلسطيني أدى إلى ازدياد ظواهر لم يعتد عليها السوق الفلسطيني، مثل تصاعد نسبة الشيكات المرتجعة". ويقول الحاج: "إن مؤشرات البطالة عالية جدًا، والفقر مستشرٍ، ما تسبب بانخفاض السيولة وضرب الحركة التجارية، وبالتالي التأثير على المشاريع الكبيرة، والمستوردين، والتجار". كل ذلك، برأي الحاج، أدى إلى تراجع إمكانية الحكومة الفلسطينية في جباية الضرائب، التي انخفضت بسبب زيادة البطالة وإغلاق منشآت تجارية، ما انعكس على الموازنة العامة، خاصة مع حجز أموال المقاصة، وانخفاض الإيرادات المحلية، والاقتحامات، والاجتياحات، والتوسع الاستيطاني الذي منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم ومزارعهم، ما جعل إمكانية الإنفاق التنموي معدومة، وبالتالي زاد ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية