
تتزايد التوغلات الإسرائيلية في سورية والتي تتخذ منى تصاعدياً منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وتحولت التوغلات الإسرائيلية في سورية إلى نمط يومي من الاعتداءات في عدد من القرى، على غرار ما جرى قبل أيام عندما نفذت قوات إسرائيلية عمليات توغل ومداهمة لليوم الثاني على التوالي في قرية الحميدية، في ريف محافظة القنيطرة الجنوبي، جنوبي سورية. في المقابل، فشل رتل من قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة في جنوب سورية، الأربعاء الماضي، من الوصول إلى ثكنة عسكرية سورية استولت عليها إسرائيل بعد أيام قليلة من سقوط نظام الأسد.
وذكرت شبكات إخبارية محلية، ومنها "تجمع أحرار حوران"، أن رتلاً عسكرياً تابعاً للأمم المتحدة دخل، الأربعاء الماضي، إلى السهول الزراعية في قرية معرية في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، باتجاه ثكنة الجزيرة العسكرية التي تتمركز فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من قرية معرية، إلا أنه لم يدخل إليها، بسبب منعه من جنود الاحتلال. وكان الجيش الإسرائيلي قد استولى على هذه الثكنة القريبة من الحدود السورية مع هضبة الجولان المحتلة، بعد يومين فقط من سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، واتخذ منها نقطة تمركز وانطلاق لتنفيذ عمليات توغل في عمق الجنوب السوري في ريفي درعا والقنيطرة.
ضياء قدور: لدى إسرائيل مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من شمال شرقي سورية
استمرار التوغلات الإسرائيلية في سورية
في سياق استمرار التوغلات الإسرائيلية المتزايدة في سورية، ذكر المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو نقطة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي توغلت، قبل نحو أسبوع، برفقة عدد من السيارات، في أطراف تل أحمر الشرقي، المحاذي لتل أحمر الغربي، الذي سيطرت عليه قوات الاحتلال قبل نحو شهر. وأشار إلى أن التلين يقعان شرقي بلدة كودنا في ريف القنيطرة. وارتكبت قوات الاحتلال أكثر من مجزرة بحق السكان المحليين في ريف درعا أثناء توغلها فيه، تحت ذرائع أمنية أكدت الوقائع الميدانية زيفها، خصوصاً أن سورية أعلنت على لسان كبار المسؤولين فيها، أنها ليست بصدد الدخول في نزاعات مع دول الجوار.
وتعليقاً على عدم قدرة القوات الدولية التحرك بحرية في الجنوب السوري، أوضح الخبير العسكري ضياء قدور في حديث مع "العربي الجديد"، أن القوات الأممية في جنوب سورية "ضعيفة وغير قادرة على أداء مهامها". ولفت قدور إلى أن الاحتلال استولى على ثكنة الجزيرة بعد إرهاب السكان. وتابع: انطلاقاً من هذه الثكنة أطلقت القوات الإسرائيلية النار على قرية كويا، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين. واعتبر أن التوغلات الإسرائيلية في سورية واعتداءات الاحتلال "تزداد حماقة"، مضيفاً: لدى إسرائيل مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من شمال شرقي سورية، لذا تسرّع تنفيذ خطط توسعية وعدوانية وقضم أراض جديدة بشكل غير شرعي في الجنوب السوري.
من جانبه، أوضح المحلل العسكري مصطفى فرحات في حديث مع "العربي الجديد"، أن قوات الطوارئ الدولية الموجودة في منطقة الجولان السوري "دورها ليس عسكرياً رادعاً بل رقابي"، مضيفاً أنها وُجدت لتراقب التجاوزات من الجانبين على الاتفاق الدولي، وعندما تندلع الحروب تُعطى الأوامر لهذه القوات للإخلاء. وعندما يكون دور قوات الطوارئ الدولية هو المراقبة والتوثيق يعني أنها لا تستطيع فرض إرادة على أي طرف من أطراف النزاع. وأضاف أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي الأكثر تطرفاً من بين حكومات الكيان الصهيوني، وشُكلت من أحزاب متشددة، لذا من الطبيعي أن تقوم بالتمدد في الجنوب السوري، وعرقلة إقامة قاعدة عسكرية جوية تركية في مطار "تي فور" بريف حمص.
وأشار فرحات إلى أن نتنياهو "يريد سورية مستباحة لجيشه في البر والبحر والجو من دون أي رادع"، مضيفاً: لا أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية تفكر في سحب قواتها من الأراضي التي استولت عليها بعد إسقاط نظام الأسد، في ظل عدم وجود جيش سوري قوي. سورية ليست بصدد خوض حروب جديدة. وبيّن أن "استيلاء الكيان الصهيوني على مرصد جبل الشيخ يعني أنه لم يعد لنا قدرة على رصد التحركات العسكرية الإسرائيلية"، مضيفاً أن البنية العسكرية السورية مدمرة للأسف في الوقت الراهن.
مصطفى فرحات: دور قوات الطوارئ رقابي فقط
استيلاء الاحتلال على المنطقة العازلة
وأعلن نتنياهو بعد يوم واحد من سقوط نظام الأسد، الذي حافظ على هدوء الجبهة مع إسرائيل 50 عاماً، انهيار اتفاق "فض الاشتباك" مع سورية، وأمر جيشه بالاستيلاء على المنطقة العازلة، حيث تنتشر قوة الأمم المتحدة. كما استولى جيش الاحتلال على مواقع خارج المنطقة العازلة، أبرزها أعلى قمّة في جبل الشيخ، الحاكمة لأجزاء واسعة من الجغرافية السورية. كما شنت تل أبيب أكبر حملة قصف جوي دمّرت خلالها كل المقدرات العسكرية السورية التي خلّفتها قوات النظام المخلوع، في محاولة لإضعاف الدولة السورية
والحيلولة دون تشكيل جيش سوري جديد ينتشر في المواقع التي كانت تتمركز فيها القوات المنحلّة، وفق اتفاقية دولية. وكان نظام الأسد الأب (حافظ)، قد وقّع في مايو/ أيار 1974 "اتفاقية فك الاشتباك" مع الجانب الإسرائيلي، التي نصّت على أن "إسرائيل وسورية ستراعيان بدقة وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، وستمتنعان عن جميع الأعمال العسكرية فور توقيع هذه الوثيقة". حددت الاتفاقية بالتفصيل أماكن قوات النظام والجانب الإسرائيلي، ومنطقة الفصل بينهما والتي تبلغ مساحتها حوالي 235 كيلومتراً مربعاً، ورابطت بها منذ ذلك الحين قوة مراقبة تابعة للأمم المتحدة يبلغ عددها 1200 عنصر.

Related News
