
Arab
قررت الحكومة المصرية تأجيل إجازة الاحتفالات بذكرى 6 أكتوبر من يوم غد الاثنين إلى الخميس 9 أكتوبر، لدمجها مع إجازة نهاية الأسبوع. وأثار تأجيل احتفالات حرب أكتوبر حملات من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب عدم الاحتفاء بشكل لائق بهذا الحدث التاريخي، وإطلاق الحكومة على الإجازة يوم عطلة وليس الاحتفال بيوم النصر على إسرائيل.
ولم تعد ذكرى السادس من أكتوبر 1973 تمرّ في عيون المصريين باعتبارها مناسبةً للحديث عن نصر عسكري فقط، بل أصبحت تختلط بمعانٍ متناقضة؛ فهي من جهة لا تزال رمزاً لعبور تاريخي أعاد بعض الثقة للأمة بعد هزيمة 1967، ومن جهة أخرى تبدو وكأنها عبء ثقيل في الحاضر العربي، خصوصاً مع حرب غزة وما خلّفته من دمار وتهجير ومجازر.
طقوس رمزية في ذكرى حرب أكتوبر
وتبدو احتفالات 6 أكتوبر هذا العام، والتي أفردت لها صفحات الصحف المصرية مساحات يومية، أقرب إلى استدعاء طقوس رمزية أكثر من كونها مناسبة لإعادة قراءة التاريخ. وفي الذكرى الحالية، لا يبدو أن استدعاء خطاب النصر، في المحافل والصحف ووسائل الإعلام، قادراً على أن يحجب صور الخراب المتدفق من غزة منذ عامين.
يُستعاد اليوم الحديث عن أكتوبر بطريقة تبدو أقرب إلى الاستهلاك السياسي
تاريخياً، اعتادت السلطة في مصر أن تجعل من حرب أكتوبر 1973 ركيزةً شرعيةً للحكم. فالرئيس أنور السادات صاغها باعتبارها "آخر الحروب"، والرئيس الراحل حسني مبارك اختزلها في "الضربة الجوية"، بينما الأنظمة التالية حاولت أن تربطها بمشروعها السياسي، حتى لو لم تكن طرفاً فيها. اليوم، وفي ظل الأوضاع الراهنة، يُستعاد الحديث عن أكتوبر بطريقة تبدو أقرب إلى الاستهلاك السياسي، إذ يُستدعى الإنجاز العسكري كمرآة لإنجازات اقتصادية أو مشاريع عمرانية، بما يجعل النصر التاريخي محمّلاً بدلالات لا تتناسب مع حجمه الحقيقي ولا مع معاناة الراهن.
وحملت الاحتفالات الرسمية في مصر هذا العام الطابع المعتاد منذ سنوات، إذ أفردت صحف وقنوات مساحات للحديث عن بطولات الحرب، مع بعض العروض العسكرية الرمزية، والأوبريتات الغنائية، والندوات التثقيفية، والخطابات التي تذكّر ببطولات الماضي. غير أن هذا كله لم يعد قادراً على إنتاج المعنى ذاته الذي حملته الذكرى في العقود الأولى بعد الحرب.
ويعتقد كثيرون أن المناسبة قد تحولت إلى ما يشبه "نوستالجيا وطنية"؛ حنين إلى لحظة نصر، ومحاولة لتعويض شعور جمعي بالعجز أمام الحاضر. ويعتقد كثيرون في مصر أن تاريخ أكتوبر كان يجب أن يُقدَّم باعتباره درساً في الوحدة والتخطيط والصبر الاستراتيجي.
آخر المقتنيات التاريخية وأهمها
ويقول السفير معصوم مرزوق، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري وأحد المحاربين القدامى في حرب أكتوبر، لـ"العربي الجديد"، إن تلك الحرب تمثل "آخر الجواهر في صندوق مقتنيات الشعب المصري التاريخية وأهمها"، مؤكداً أنها كانت نموذجاً يُدرّس في التخطيط العسكري وتطبيق مبادئ الحرب الحديثة، خصوصاً في ما يتعلق بالمبادأة والمفاجأة والحشد الفعّال، إضافة إلى الاستخدام الجديد لأسلحة قديمة. ويوضح أن حرب أكتوبر نجحت في كسر نظرية الأمن الإسرائيلية، وأثبت المقاتل المصري خلالها شجاعته وتفوقه على الجندي الإسرائيلي.
معصوم مرزوق: حرب أكتوبر نجحت في كسر نظرية الأمن الإسرائيلية
وفي المقابل، يشدّد مرزوق على أن ما يجري في الواقع الفلسطيني لا يُختصر في "خيبات"، بل يقدّم نموذجاً ملهماً لشعب قرر بإمكاناته البسيطة أن يهزم نظرية الردع الإسرائيلية، ولا يزال يقاتل بضراوة في كل شارع وحارة، وخلف كل بيت في غزة منذ عامين. ويضيف: "إذا كانت معركة السادس من أكتوبر 1973 قد كسرت نظرية الأمن الإسرائيلية، فإنّ معركة السابع من أكتوبر 2023 قهرت نظرية الردع، إذ حلّت معادلة الرعب التي تنتصر فيها المقاومة والعمليات الفدائية مهما طال الزمن واشتدت الآلام".

Related News

"تردد" يسرا الهواري... تأمُّل وارتياب
alaraby ALjadeed
10 minutes ago
لبنان والمعادلة المستحيلة
alaraby ALjadeed
15 minutes ago
انفلات الشعبوية
alaraby ALjadeed
15 minutes ago
تونس وتفاهة الاستبداد
alaraby ALjadeed
15 minutes ago