التفاوت الطبقي والفساد.. شرارة احتجاج "جيل زد" من آسيا إلى أفريقيا
Arab
2 hours ago
share
تزدان العاصمة المغربية الرباط بطرق جديدة ومبانٍ مرممة ومقاهٍ مزدحمة وحدائق أندلسية أنيقة، لكن على الضفة الأخرى من النهر، سرعان ما يبهت بريق حاضرة الملك محمد السادس الزاهية. فالمدينة المجاورة هي سلا، تمثل مركزاً للازدحام السكاني، مليئة بالطرق المتهالكة والمساكن المتداعية والجريمة. وعلى مدى سنوات، كانت بؤرة لنشاط المعارضين، لتنفجر مجدداً هذا الأسبوع حين خرج شباب غاضبون في حي الأمل المكتظ بالسكان، حيث حطموا سيارات الشرطة وخربوا بنوكاً وأشعلوا النيران في ممتلكات، قبل أن يواجهوا قمعاً عنيفاً من السلطات. ويقول تقرير لوكالة بلومبيرغ إن غضب المحتجين ينبع من اتساع فجوة عدم المساواة في بلد ينفق المليارات على استضافة كأس العالم وعلى مشاريع مثل أكبر حلبة لهوكي الجليد في أفريقيا، وبينما يعيش كبار المسؤولين في بذخ، يواجه شبابه بطالة تصل إلى 60%، وهو إحباط يتردد صداه حول العالم اليوم. فبينما يُظهر الأوروبيون والأميركيون استياءهم عبر خيارات سياسية أكثر تطرفاً، انضم المغاربة إلى موجة من احتجاجات "جيل زد" في أفريقيا وآسيا ضد قادة مسنين، وفساد، وبطالة، وتفاوت في الدخل، واقتصادات تخلّت عن الشباب من أواخر سن المراهقة إلى أواخر العشرينيات. على مدى العام الماضي، خرج آلاف في مدغشقر وإندونيسيا وكينيا ومنغوليا إلى الشوارع، بعدما فاض الكيل، مدفوعين بوسائل التواصل الاجتماعي. الاستعراضات الفجة للثراء ــ من رؤساء يرتدون ساعات فاخرة تساوي دخل ثلاث سنوات إلى أبناء وزراء ينشرون صوراً مترفة من إيبيزا على إنستغرام ــ زادت الغضب الشعبي. وكان ذلك بارزاً في نيبال الشهر الماضي وبنغلادش العام الماضي، حيث أدت احتجاجات الجيل زد إلى انهيار حكومات. وتنقل الوكالة في تقريرها عن بلال بسيوني، رئيس التوقعات في شركة الاستشارات بانجيا-ريسكإن: "ما يميز الموجة الحالية من التعبئة الشبابية هو تقاطع الظروف عبر بيئات سياسية شديدة الاختلاف. فالشباب يواجهون ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف خلق فرص العمل في الوقت نفسه الذي تتركز فيه السلطة السياسية بيد نخب مسنة لا تتيح مجالاً للتجديد". استمرت الاحتجاجات اليوم الجمعة في مدغشقر حيث قتلت الشرطة ما لا يقل عن 22 شخصاً، رغم أن الرئيس أندريه راجولينا أقال حكومته بالكامل استجابة للاضطرابات. وفي المغرب، قُتل ثلاثة أشخاص واعتُقل أكثر من ألف، في أخطر موجة اضطرابات منذ الربيع العربي الذي بدأ في تونس على الساحل الشمالي لأفريقيا، ونجا المغرب منه حينها. الاحتجاجات المستمرة لليوم الثامن على التوالي، يقودها هذه المرة تنظيم شبابي من دون قيادة يُعرف باسم GenZ212، مدفوعاً بانتقادات لإنفاق الدولة الباذخ على كأس العالم 2030 على حساب التعليم والصحة. وكما في كثير من الدول النامية التي شهدت اضطرابات مؤخراً، اتسعت الفوارق الاجتماعية في المغرب. البطالة بين الشباب متفشية رغم أن البلاد أصبحت مركزاً صناعياً رئيسياً لأوروبا، خاصة في إنتاج السيارات. ومنذ 2011، لم يتجاوز متوسط نمو الاقتصاد 4%، وهو معدل غير كافٍ لتقليص البطالة، في مشهد يذكر ببعض مؤشرات الربيع العربي. يقول حسام، وهو سائق في تطبيق InDrive بالرباط (رفض ذكر اسمه الكامل خوفاً من الملاحقة): "أعلم أنني لن أتمكن يوماً من امتلاك منزل، ليس بما أكسبه اليوم ــ موادي في حالة نقص دائماً. نحن فقط نتفرج على واجهات العرض في هذا البلد". هذا الشعور يوحّد بين احتجاجات تفصلها آلاف الأميال. فقد شهدت نيبال، الشهر الماضي، أكبر أزمة سياسية منذ سنوات، حين أشعل شباب مباني حكومية غضباً من الفساد المستشري وفرص العمل المحدودة. بدأ الغضب بحظر على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن رغم التراجع عنه، توسعت الاحتجاجات. وقد استهدف المحتجون بشكل خاص "أبناء النخبة" ــ أبناء السياسيين والأثرياء الذين يتباهون بحياتهم على الإنترنت. وأُحرقت منازل عائلات نافذة في كاتمندو. وأسفرت الأزمة عن استقالة رئيس الوزراء وعدد من كبار المسؤولين، ومقتل أكثر من 70 شخصاً وإصابة المئات. بعدها بأيام فقط، اندلعت احتجاجات في إندونيسيا بسبب منحة إسكان بقيمة 3,000 دولار للبرلمانيين، لتتحول إلى حركة أوسع ضد الفساد وضد الإفلات من العقاب بين النخب الحاكمة. أما في كينيا العام الماضي، فقد اقتحم عشرات الآلاف من الشباب البرلمان وأجبروا الرئيس ويليام روتو على إقالة حكومته وسحب قانون ضريبي مثير للجدل. وتركز غضبهم على عجزه عن مواجهة الفساد المستشري. وفي بنغلادش عام 2024، أدت الاحتجاجات الشبابية إلى إطاحة الزعيمة المخضرمة شيخة حسينة. وحسب مايكل كوغلمن، وهو زميل غير مقيم في مؤسسة أبحاث آسيا والمحيط الهادئ، فإن الحكومات "اعتادت في الماضي التعامل مع هذا الغضب العام عبر التجاهل أو الاسترضاء أو القمع، لكن هذا النهج لم يعد مجدياً اليوم".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows