هكذا أثرت تهدئة الحرب التجارية الأميركية الصينية على أسواق الخليج
Arab
7 hours ago
share

مهدت تهدئة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، عبر الإعلان عن اتفاق جديد بينهما لخفض الرسوم الجمركية بشكل متبادل، لانعكاس إيجابي على الأسواق العالمية وسلاسل الإمداد. وقد سلط ذلك الضوء على تأثير التهدئة على أسواق دول الخليج، خاصة في ما يتعلق بأسعار الأجهزة الإلكترونية والسيارات. فقد شمل خفض الرسوم الأميركية على معظم الواردات الصينية، من 145% إلى 30%، قطاعات رئيسية مثل الإلكترونيات الاستهلاكية وقطع غيار السيارات والآلات والمواد الخام، وسط توقعات بأن يؤدي هذا الإجراء إلى انخفاض أسعار هذه السلع بالنسبة للمستهلكين والشركات على حد سواء.

وفي المقابل، خفضت الصين رسومها الجمركية على المنتجات الأميركية من 125% إلى 10%، ما خلق بيئة مؤاتية لانخفاض أسعار الأجهزة الإلكترونية والسيارات في دول الخليج، وفقًا لما أورده تقرير نشره موقع شركة "إمبريال ستيزين شيب" المتخصصة في برامج المواطنة والجنسية عن طريق الاستثمار. ووفقًا للتقرير نفسه، فإن تراجع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية ساهم في انخفاض أسعار الإلكترونيات المستوردة إلى دول مجلس التعاون، خاصة أن المنطقة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الصين في هذا القطاع الحيوي.

كما أن شركات السيارات الصينية، التي تواجه صعوبات في دخول السوق الأميركية بسبب الرسوم السابقة، باتت ترى في الخليج منفذًا استراتيجيًا لتصريف إنتاجها. وقد أدى ذلك إلى زيادة ملحوظة في حصة السيارات الصينية في أسواق مثل الإمارات والسعودية وقطر، مع توقعات بمزيد من التنافسية في الأسعار وتنوع الخيارات أمام المستهلك الخليجي، بحسب تقرير نشره موقع "أرابيان غلف بيزنس إنسايدر".

استقرار في سلاسل الإمداد

أما على مستوى سلاسل الإمداد، فقد أدى استقرار العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى تخفيف الضغوط على حركة البضائع والشحن، ما قلل من اضطرابات الإمداد التي شهدها العالم في السنوات الماضية. ويمنح هذا الاستقرار الأسواق الخليجية الصغيرة ميزة تنافسية، بحسب التقرير نفسه، إذ بات بإمكانها الاستفادة من تدفق البضائع بسلاسة أكبر وأسعار أقل، خاصة مع توجه الشركات العالمية لإعادة توزيع خطوط الإمداد بعيدًا عن الأسواق المتوترة نحو مناطق أكثر استقرارًا.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن استقرار سلاسل الإمداد العالمية وتراجع التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة يساهم في تقليل الاضطرابات التي كانت تشهدها عمليات الشحن البحري خلال السنوات الماضية، ما يؤدي إلى خفض تكاليف استيراد الإلكترونيات بنسبة تتراوح بين 10% و15%، وهو ما تنتفع منه دول الخليج بشكل مباشر، نظرًا لاعتمادها على موانئها باعتبارها مراكزَ رئيسيةً لإعادة التصدير.

ويضيف العامري أن انفتاح الدول الخليجية على الشراكات التكنولوجية مع الولايات المتحدة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي وتصنيع السيارات الكهربائية، يحمل آثارًا إيجابية على السوق المحلية؛ فالاتفاقيات القائمة أو المستقبلية مع شركات عالمية، مثل "آبل" و"مايكروسوفت"، من شأنها دعم توطين الصناعة وتخفيض أسعار المنتجات التكنولوجية في الأسواق المحلية، عبر بناء قدرات تصنيع محلية مستدامة.

ومن ثم، فإن تركيز دول الخليج على تعزيز الربط الشبكي بين موانئها وتجنب الازدواج في الخدمات اللوجستية يمثل خطوة استراتيجية نحو رفع الكفاءة وخفض الكلف. فبدلًا من التنافس غير المجدي بين الموانئ، يمكن لهذه الدول أن تتعاون فيما بينها لبناء شبكة مترابطة تخدم التجارة الإقليمية والدولية بفعالية أكبر، حسب ما يرى العامري. ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن التركيز المتزايد على قطاعات حيوية مثل التوصيل السريع والطاقة النظيفة يساهم في تنويع الاقتصاد الخليجي، ويقلل من الاعتماد التقليدي على النفط، وهو ما يدعم جهود المنطقة في تحقيق أهدافها التنموية طويلة الأمد.

كما أن هذه الخطوة تمكّن الخليج من أن يكون مركزًا محوريًا في إعادة تشكيل الخريطة اللوجستية والتجارية على المستوى العالمي. ويخلص العامري إلى أن الانفتاح على الشراكات التكنولوجية، وتعزيز التعاون اللوجستي بين دول مجلس التعاون الخليجي، لا يعززان فقط موقع المنطقة في الاقتصاد الرقمي والمستدام، بل يمنحانها أيضًا أدوات تنافسية جديدة تسهم في رفع جودة الحياة للمواطن، وتحفز النمو الاقتصادي المستقبلي.

تأثير تهدئة الحرب التجارية على أسعار النفط

وفي السياق نفسه، يشير الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن أسعار السلع والمنتجات، بما فيها الأجهزة الإلكترونية، تتأثر بحركة أسعار النفط، وهو أمر طبيعي خاصة في الاقتصادات المعتمدة على الاستيراد والتصدير. ويوضح أن انخفاض أسعار النفط، نتيجة هدوء الصراع بين إيران وإسرائيل من جانب والتهدئة بين الصين والولايات المتحدة من جانب آخر، سينعكس إيجاباً على كلفة النقل والتأمين، وبالتالي على الأسعار العامة في السوق.

ويضيف عجاقة أن التهدئة التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والصين تتيح فرصة لانخفاض الأسعار بعد فترة من الارتفاع الناتج عن التوترات الجيوسياسية، خاصة إذا ما قورنت بسلوك الشركات الصينية التي رفعت أسعارها في مرحلة سابقة لتعويض خسائرها، وهو ما يتطلب الآن تعديلًا في الاتجاه نحو تخفيضات تنافسية جديدة.

ومن ناحية أخرى، فإن استقرار الوضع بين الولايات المتحدة والصين يساهم في دعم استقرار العرض من المنتجات الصينية، مثل الأجهزة الإلكترونية والسيارات، وهو عنصر مهم جدًا في دعم استقرار الأسواق الخليجية، حسب تقدير عجاقة. فالعرض المستقر يعني استقرارًا في الأسعار، وهو ما يعزز القدرة التنافسية للأسواق المحلية، ويمنح المستهلك خيارات أكثر بتكلفة أقل، بحسب عجاقة، مشيرًا إلى أن حضور السوق الصينية إلى جانب الأسواق الأوروبية والأميركية يشكل تنوعًا تجاريًا يسهم في زيادة المنافسة وتراجع الأسعار بشكل آلي.

وكلما توفرت خيارات متعددة من الشرق والغرب والشمال، زادت فرص تحقيق استقرار في العرض، وتحقيق انخفاض في الكلف على المستهلك الخليجي. ويخلص عجاقة إلى أن تراجع التوترات الجيوسياسية والتهدئة التجارية بين الولايات المتحدة والصين لا يخدمان فقط الجانب الأمني، بل لهما انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الخليجي من خلال خفض التكاليف، ودعم القدرة الشرائية، وتحسين البيئة الاستثمارية في دول مجلس التعاون.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows