فيلمان في "كارلوفي فاري 59": بداية مُتعِبة لكنّ المُقبل أفضل
Arab
4 days ago
share

أفلام عدّة مختارة لمسابقة بروكسيما، في الدورة الـ59 (4 ـ 12 يوليو/تموز 2025) لـ"مهرجان كارلوفي فاري السينمائي" (تشيكيا)، تُثير تساؤلاً عن معنى الصورة واختباراتها الجمالية، في المعاينة الدرامية لحالات وانفعالات وتجارب فردية. تساؤلٌ ينبثق من حدّة التجريب البصري، التي تتجاوز أحياناً الحكاية أو الحالة أو المرغوب في سرد تفاصيل منه، تكون (التفاصيل) واقعية ويومية وحياتية.

في اليومين الأولين على الأقلّ، أفلامٌ توصف، بلا تردّد، بأنّها "مُتعِبةٌ" في "اختباراتها" السينمائية، رغم أنّ كلاماً نقدياً، بعد العرض، يقول ببراعةٍ في ابتكار تلك الأشكال "المُقلِقة"، وهذه لعبةٌ يُراد لها إثارة "تعبٍ" في المتلقّي. والوصف يطرح التالي: أيكون الإمعان في "التجريب"(!)، الذي يغلب عليه ما يُظَنّ أنّه تلاعبٌ بصريّ، تورّطاً في اشتغالات هذيانية غير سينمائية، لا علاقة لها البتّة بجماليات "هذيان سينمائي" يصنعه الرائع غاسبار نُوِ مثلاً؟ الأسوأ أنّ اختبارات كهذه تستند إلى وقائع، أي أنّها تنبثق من تفاصيل وحكايات ومآزق وانفعالات وحالات واقعية ومُتداولة ومعروفة، لكنْ من دون قدرة على جعل تناولها "التجريبي" شفّافاً وصادقاً في كشف ما فيه من تفاصيل وحكايات ومآزق وانفعالات وحالات، لأنّ "التلاعب البصريّ"، الذي يُفترض به أنْ يكون "اختباراً تجريبياً"، خانقٌ غالباً.

 

 

مسألة الثورة والاستعمار نموذجٌ يظهر في "تشريح الأحصنة" (2025)، للإسباني دانيال فيدال توتشي. الاشتغال على هذه المسألة يُقابله إسراف النص (سيناريو توتشي وإنياسيو فويلتا) في خلطِ شعريّة تأمّلية فاقعة، ومتشاوفة أحياناً، بيوميات قهرٍ وخراب ورغبات وأحلام، إلى حدّ غير مُحتَمَل. ومع أنّ لقطات عدّة تُبيِّن بهاء طبيعة (مع شيءٍ من قسوتها أيضاً)، يُضيف التصوير (أنجيلو فاتشيني) عليها بهاءً أكثر بإبرازه تلك الثنائية المتناقضة في الطبيعة نفسها (ألوان غامقة، غالباً)، وبجعلها (الثنائية) مرادفاً للفرد الآدميّ؛ هذه اللقطات تتحوّل غالبية الدقائق الـ106 إلى ما يُشبه معمودية نار قاتلة، يصعب توقّع معرفة نتائجها، وكيفية النفاذ منها.

في المسابقة نفسها، فيلمٌ بلجيكي بعنوان "قبل/بعد" (2025)، لمانويل دوبون، غير منتمٍ كلّياً إلى ما يُفترض بالتجريب البصري أنْ يمنحه من اختبارات وتلاعبٍ جمالي، ولا بأس بهذيانات سينمائية إنْ يتمكّن صانعها/ صانعتها من بلوغ مرتبة الإبهار بصرياً وانفعالياً وتأملياً، تُفعِّل (الاختبارات/ التلاعب) جماليات الصورة في كشف المراد كشفه: سرد حكاية صديقين، يرغبان في خلاصٍ من واقع (كلّ واحدٍ منهما يُعبِّر عن رغبته تلك بشكلٍ يختلف، بل يتناقض أحياناً، عن/مع تعبير الآخر عن الرغبة نفسها)، فيُقرّران القيام بمغامرة، توحي إشارات أولى بكونها "رحلة اغتسال"، قبل انكشافها "رحلة تعذيب". أحدهما يريد زرع شعر في رأسه، فيرافقه الآخر إلى إسطنبول.

الحاصل أنّ النص (سيناريو دوبون نفسه) يولي أهمية لكلامٍ علمي مرتبط بالعملية، ربما يُفيد بشكل عام، لكنّ توظيفه درامياً غير نابض بما يتلاءم والإحساس النفسي لهما إزاء اختبار كهذا. والنص ذاك يوحي بأنّ الاختبار متعلّق بمصير الصديقين ووجودهما، بينما زرع الشعر غير مطروح، درامياً، بما يُثير فعلياً قلقاً وجودياً، مع تمثيل (جيريمي لامبلو وباتيست لوكلير) مبالغٌ به أحياناً، وساقط في فراغ خانق، انفعالياً وسردياً وتأمّلياً.

إنّها بداية دورة جديدة، ليس ضرورياً أنْ تعكس كلّ المُقبل من أفلامٍ وأيام. فالبرنامج، بحسب المتداول عن بعض ما فيه، واعدٌ بما يُثير متعة، ويحثّ على تساؤلات.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows