قمّة في الجزائر تناقش أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية
Arab
5 days ago
share

شهدت الجزائر، اليوم الاثنين، انعقاد القمّة الوطنية للشباب للتباحث بشأن انخراطهم في العمل السياسي والمشاركة في صناعة القرار، وكذا أسباب عزوفهم عن السياسة، تحت شعار "بالقيادة والابتكار نساهم في صنع القرار"، وذلك ضمن محاولات السلطة تهيئة مناخ مناسب يتيح مشاركة أكبر للشباب والمستقلين في الاستحقاقات الانتخابية والسياسية المقبلة، خاصة مع بداية إحماء سياسي مبكر تمهيداً للانتخابات المحلية والنيابية المقرّرة في غضون عام.

ويشارك في القمّة التي ينظمها المجلس الأعلى للشباب (هيئة دستورية استشارية)، ثلاثة آلاف شابة وشاب من مختلف البلدات والولايات، بما فيهم شبان منتخبون وأعضاء في المجالس البلدية والولائية، وتناقش قمّة الشباب، ثلاثة محاور رئيسية بينها فحص واقع مشاركة الشباب في الحياة السياسية، وتحليل المكتسبات التشريعية التي تحققت لصالح المشاركة السياسية للشباب منذ 2019، وكذا استشراف آفاق مشاركة الشباب سواء مترشحين أو منتخبين في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أو بوصفهم فاعلين في الشأن العام، كما تتضمن القمّة جلسة حوارية رفيعة المستوى بمشاركة أعضاء من الحكومة وأعضاء منتخبين شباب من مختلف المجالس المحلية والوطنية.

ودافع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في كلمة وجهها إلى المشاركين في القمّة عن سياساته بشأن قطاع الشباب وتوسيع هوامش مشاركتهم في الفعل والقرار السياسي، وقال إن هذه القمة تُمثل فرصة لتقييم ما جرى إنجازه على صعيد تمكين الشباب من المساهمة في صناعة القرار، وتعزيز وجودهم في مختلف المؤسّسات والهيئات الوطنية، واعتبر أن "الخطوات المحقّقة لإدماج الشباب في الساحة السياسية وتسيير الشأن العام تبعث على الارتياح، على غرار استحداث المجلس الأعلى للشباب كهيئة تُعنى بمسائل الشباب وانشغالاتهم لمد التواصل مع المؤسّسات الدستورية وترقية الحوار، إضافة إلى وزارة الشباب لضمان التكفل بانشغالاتهم ومرافقتهم".

وأوضح أن "هذا الزخم المتصاعد يجب أن يُقابل من مؤسّسات الدولة بانفتاح مماثل تجاه فئة الشباب"، مشدداً على أن "الالتزام بترقية الشباب في الحياة السياسية لن يتأتى دون تمكينه كذلك من التسهيلات في المجال الاقتصادي وهو ما يجري تجسيده". وأقرت الجزائر في القانون الانتخابي عام 2021 حزمة تعديلات كانت موجهة لصالح الشباب، إذ تضمن تسهيلات كبيرة للمرشحين الشباب المستقلين عن الأحزاب، ونشطاء المجتمع المدني أقل من 35 عاماً في الانتخابات المحلية والنيابية، وتغطية مالية لجزء من حملتهم الانتخابية، بهدف تشجيع انخراطهم في العمل والمشاركة السياسية. بيد أن تلك التسهيلات كانت تستهدف أيضاً توفير حزام كبير من المستقلين لصالح السلطة، وتقليص مساحة حضور القوى والأحزاب السياسية، ولم تحقق نتائج الانتخابات المحلية والنيابية السابقة تلك الغايات على النحو المطلوب.

بيئة كابحة في الجزائر

النائب الشاب في البرلمان الجزائري، عز الدين زحوف، اعتبر أن مسألة مشاركة الشباب في العمل السياسي ترتبط بمشكلة البيئة الجزائرية التي تدفع في الغالب الشباب إلى العزوف وعدم الانخراط في الشأن العام أو إلى الهجرة، وقال زحوف في تصريح لـ" العربي الجديد"، "إذا تحدثنا عن البيئة السياسية فإننا نجد أن السلطة شجعت الشباب على العمل السياسي، لكن وفقاً لتصورات تخدمها هي فقط دون أن يكون هذا التصور يخدم العمل والمشاركة السياسية"، وأضاف "صحيح أن السلطة دفعت الشباب إلى الترشح المستقل خارج الأحزاب والأطر التقليدية، وقدمت وفقاً للقانون الانتخابي دعماً مالياً للمستقلين، لكنّها عملت في المقابل على تشويه الأحزاب القائمة، وهذا خلق صعوبات لاحقة تخصّ غياب التنشئة السياسية لدى الشباب المتوجهين إلى المشاركة السياسية".

وأشار إلى أن "خطاب السلطة عن دعم مشاركة الشباب في العمل السياسي يصطدم مع غياب ومنع إنشاء أحزاب سياسية جديدة في البلاد، وبالتالي حرمان الشباب من التأطير الذاتي"، معتبراً أن "معضلات الشباب مع المشاركة السياسية لا تتحملها السلطة وحدها: هناك مشكلات أخرى داخل الأحزاب السياسية نفسها التي تجد قياداتها التقليدية صعوبة في التأقلم مع طروحات الشباب وحيويته، وهذا يحدُّ ويؤخر فاعلية الشباب".

من جانبه يرى الكاتب والأستاذ في جامعة الجلفة وسط الجزائر كمال رعاش، أن "أي استباق في الحديث عن فرصة الشباب في العمل السياسي خلال الاستحقاقات المقبلة، يستدعي قبل ذلك فحص دوافع عزوف الشباب عن العمل السياسي"، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة التساؤل حول "ما إذا كانت الظروف مناسبة من حيث البيئة السياسية المحلية، لدفع الشباب نحو العمل والممارسة السياسية".

وقال رعاش إن البيئة السياسية لم تتغير كثيراً "ما فرض محدودية واضحة في واقع وعلاقة الشباب مع العمل السياسي الذي يتوقف على ثلاث محددات هي؛ أولاً مدى وجود الانفتاح السياسي، وثانياً فعالية الأحزاب والأطر السياسية التي تمنح فعلياً الفرصة لشباب للمشاركة في ما تعتبره السلطة اتخاذاً للقرار، وثالثاً تكوين الشباب علمياً و فكرياً بما يرفع مستوى وعيهم بالسياسة"، وشدّد على أن "فحص مجموع هذه المحدّدات يجعلنا نشهد محدودية واضحة في ذلك، ما يقلص الفرص الفعلية والمشاركة الفعالة في العمل السياسي لدى الشباب".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows