
في ظل انتظار الأوساط الاقتصادية الروسية والأميركية لتخفيف العقوبات المتبادلة، يبدو أن المستثمرين الروس حصلوا على نافذة جديدة للوصول إلى الأسواق الغربية، خاصة الأميركية، بعد فترة من العزلة النسبية. وبينما تستمر النقاشات السياسية، يبحث رجال الأعمال عن طرق مبتكرة لجذب رؤوس الأموال، مما يتيح للمواطنين الروس فرصاً متزايدة للاستثمار بشكل قانوني في شركات الولايات المتحدة والحصول على أرباح الأسهم، لكن الخبراء يحذّرون من أن هذه الفرص ليست متاحة للجميع، وتحمل في طيّاتها بعض المخاطر.
سعياً لتنويع محافظهم الاستثمارية، يتطلع المستثمرون الروس إلى تجاوز حدود السوق المحلية، مع تركيز تقليدي على البورصات الغربية. ورغم القيود المفروضة، بدأت تظهر نتائج ملموسة. فمنذ الربيع الماضي، قدّمت عدة بنوك روسية لعملائها عقود الفروقات (CFD)، التي تعتمد كأصول أساسية على أكثر من 20 سهماً أميركياً عالية السيولة، تشمل عمالقة التكنولوجيا مثل آبل (Apple)، تسلا (Tesla)، إنفيديا (Nvidia)، جوجل (Google)، مايكروسوفت (Microsoft)، وذلك وفقاً لما قاله ألكسندر شنايدرمان، رئيس قسم دعم العملاء والمبيعات في "ألفا فوركس".
وأوضح شنايدرمان لوكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي"، اليوم الأحد، أن المتداولين الروس أصبحوا قادرين على العمل في نطاق الولاية القضائية الروسية بمخاطر واضحة ومتوازنة، وبيع وشراء أوراق مالية لشركات أميركية، وتنفيذ استراتيجيات تداول بمؤشرات الأسهم الأميركية. والتطور القادم المتوقع هو عقود الفروقات على أكبر صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) العالمية المتخصصة في العملات المشفرة، وأسهم البورصات المشفرة المتداولة في ناسداك مثل "كوين بيس".
ويخطو أحد البنوك الاستثمارية خطوة أبعد الآن، فوفقاً لوكالة "ريا نوفوستي"، يقدّم للمستثمرين إمكانية تداول الأوراق المالية الأميركية، بما في ذلك الأسهم والسندات وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) والأصول المشفرة، والحصول فعلياً على أرباح الأسهم "دافينديس"، وتجري هذه الصفقات في إطار القانون الروسي، مع الإشارة إلى وجود قيود مفروضة على شراء أسهم شركات الدفاع (مثل بوينج ولوكهيد مارتن) أو المنظمات المصنفة "متطرفة".
ورغم أن فتح نافذة على أكبر سوق مالي في العالم يُعدّ خبراً إيجابياً بالنسبة للروس، فإن الواقع أكثر تعقيداً، إذ أوضحت يوليا كوزنيتسوفا، المستشارة الاستثمارية المسجلة لدى البنك المركزي الروسي، للوكالة الروسية، أن هذا الوصول ليس محدوداً فحسب، بل هو في جوهره "نخبوي". ويتفق خبراء روس على أنه لا يوجد حالياً مسار آمن تماماً للاستثمار في الأوراق المالية الأجنبية. فالتداول عبر وسيط روسي يحمل مخاطر العقوبات، حيث جرى تجميد الأصول الأميركية مراراً. وقد تُحظر الأوراق المالية على مستوى هيئات الإيداع أو تصبح غير قابلة للوصول بسبب تغيّرات في السياسة الخارجية.
أما محاولة الوصول إلى الأصول الأجنبية عبر دول "صديقة"، فتواجه عقباتها الخاصة، تبدأ من فتح الحساب المصرفي. وفي هذا السياق، قالت كوزنيتسوفا: "كثير من الدول، بما في ذلك الجبل الأسود، ترفض تقديم مثل هذه الخدمات دون تسجيل محلي أو تصريح إقامة. في أرمينيا وقيرغيزستان وكازاخستان، لا تزال الفرصة متاحة جزئياً، لكن الحصول على رقم تعريف ضريبي كازاخستاني، على سبيل المثال، أصبح صعباً، بعد أن جرى تقييد هذه الخدمة". وتابعت: "حتى في حالة نجاح فتح الحساب، تظل عملية تحويل الأموال إليه، وتحويل العملة، وإيداعها في حساب وساطة، ثم إعادتها إلى روسيا عند الحاجة، إجراءات معقدة ومحفوفة بالمصاعب".
ويقترح الاقتصاديون على المستثمرين الروس الذين يسعون للتعرض للأسواق الدولية النظر في بدائل داخلية. وتتضمن هذه البدائل الاستثمار في الصناديق الاستثمارية الروسية التي لديها تعرّض للأصول الأجنبية، أو شراء أسهم الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات والمدرجة أيضاً في البورصات المحلية الروسية، لتقليل المخاطر العقابية المباشرة.

Related News


