
تسعى بعض شركات السيارات الأوروبية وبعض العواصم الأوروبية للتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسمح بتخفيف الرسوم الجمركية مقابل زيادة الاستثمارات الأميركية، وفقاً لما نقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة على سير المفاوضات اليوم الجمعة. وقد جرى اطلاع دول الاتحاد الأوروبي على آخر مستجدات مفاوضات التجارة يوم الجمعة، بعد جولة من المحادثات في واشنطن هذا الأسبوع، حيث أُبلغوا بأن الاتفاق الفني المبدئي بات قريباً، بحسب ما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، فيما نقلت رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض، اليوم الجمعة، قوله إن محادثات التجارة بين الجانبين مستمرة، وإن هناك تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق في وقت قريب.
ويملك الاتحاد الأوروبي مهلة حتى 9 يوليو/ تموز للتوصل إلى اتفاق تجاري مع ترامب، قبل أن ترتفع الرسوم الجمركية على ما يقرب من جميع صادراته إلى الولايات المتحدة إلى 50%. وقد فرض ترامب رسوماً جمركية على معظم شركائه التجاريين، معللاً ذلك برغبته في إعادة تنشيط الصناعة المحلية، والحاجة إلى تمويل تمديد تخفيضات الضرائب، بالإضافة إلى وقف استفادة الدول الأخرى على حساب الولايات المتحدة. وأكدت مصادر مطلعة أن المفاوضات بين مسؤولي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ستستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أولوف جيل، إن "تقدماً جرى إحرازه نحو اتفاق مبدئي خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت هذا الأسبوع"، مضيفاً أن "المفوضية ستعاود التواصل مع الجانب الأميركي لمناقشة التفاصيل خلال عطلة نهاية الأسبوع".
ويعتمد أي اتفاق نهائي على قرار ترامب، مع وجود عدة سيناريوهات محتملة للأسبوع المقبل، منها التوصل إلى اتفاق مبدئي يحافظ على الهدنة الحالية من دون فرض رسوم جديدة، أو استمرار المحادثات من دون اتفاق ودخول الرسوم المعلقة حيز التنفيذ، أو اعتبار الولايات المتحدة أن الاتحاد الأوروبي لم يلتزم بشروطه وإعلان المزيد من الرسوم الأحادية. وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس قد دعم الشهر الماضي فكرة ما يُعرف بـ"قاعدة التعويض"، التي تمنح تخفيفاً للرسوم الجمركية لشركات السيارات الأوروبية التي تنتج في الولايات المتحدة.
ولم تؤيّد المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة في الاتحاد، حتى الآن آلية التعويض هذه للسيارات، خشية أن تؤدي إلى تحويل الإنتاج والاستثمارات بعيداً عن أوروبا. وأشارت تقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لقبول ترتيب يتضمن رسوماً جمركية عامة بنسبة 10% على العديد من صادراته، لكنه يطالب الولايات المتحدة بالالتزام بمعدلات أقل على قطاعات رئيسية مثل الأدوية والكحول وأشباه الموصلات والطائرات التجارية.
كما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على حصص وإعفاءات تخفض من الرسوم الأميركية البالغة 25% على السيارات وقطع الغيار، و50% على الصلب والألمنيوم. ورغم أن المفاوضات تسير بصعوبة، تختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في رؤيتها لمستوى التفاوت الذي يمكن قبولها في أي اتفاق. ويتوقع أن يكون أي اتفاق أولي محدود المدة وغير ملزم قانونياً، حيث يسعى الطرفان أيضاً للتوصل إلى تفاهم حول الحواجز غير الجمركية، والتجارة الرقمية، والأمن الاقتصادي.
وتفضل بعض العواصم الأوروبية التوصل إلى اتفاق سريع لتجنب التصعيد، في حين ترغب أخرى في التفاوض من موقع قوة من خلال الرد على الرسوم الأميركية بإجراءات مقابلة. ويريد الاتحاد الأوروبي إطاراً أولياً يسمح بخطوتين، تبدأ بمعالجة القضايا غير الجمركية ثم متابعة تفاصيل الرسوم العامة وغيرها بعد المهلة النهائية في 9 يوليو. وتشمل النقاشات أيضاً معايير الزراعة ومعدلات الرسوم، حيث عرضت الولايات المتحدة تخفيض الرسوم إلى 17% بدلاً من 20% المخطط له، وهو مستوى أعلى من السابق على عهد ما قبل ترامب. وتظل المفاوضات حول الرسوم القطاعية على السيارات والصلب والألمنيوم الأكثر تعقيداً، ولا يُتوقع حلها في الوقت القريب.
على صعيد الأمن الاقتصادي، يبحث الجانبان أرضية مشتركة بخصوص مراقبة الاستثمارات الأجنبية الواردة والصادرة، وضوابط التصدير، مع ضغط أميركي لإدراج الشراء العام ضمن أي اتفاق. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: "نريد حلاً تفاوضياً، ولكن في الوقت نفسه نستعد لاحتمال عدم التوصل إلى اتفاق مرضٍ. سندافع عن المصالح الأوروبية بكل الأدوات المتاحة". وقد صادق الاتحاد الأوروبي على رسوم على بضائع أميركية بقيمة 21 مليار يورو يمكن تطبيقها سريعاً رداً على رسوم المعادن الأميركية، تستهدف ولايات أميركية حساسة سياسياً ومنتجات مثل فول الصويا من لويزيانا، التي ينتمي إليها رئيس مجلس النواب مايك جونسون، إضافة إلى المنتجات الزراعية والدواجن والدراجات النارية.
كما أعد الاتحاد قائمة إضافية لرسوم على بضائع أميركية بقيمة 95 مليار يورو رداً على الرسوم المتبادلة وضرائب السيارات الأميركية، تشمل سلعاً صناعية مثل طائرات بوينغ، والسيارات المصنعة في الولايات المتحدة، والبراميل الأميركية (بوربون). ويجري الاتحاد مشاورات مع الدول الأعضاء لتحديد المجالات الاستراتيجية التي تعتمد فيها الولايات المتحدة على الاتحاد، إضافة إلى إجراءات محتملة تتجاوز الرسوم، مثل ضوابط التصدير وقيود على عقود الشراء. وسيقيّم الاتحاد الأوروبي النتيجة النهائية للمفاوضات ليقرر مستوى التفاوت الذي يمكن قبوله، وما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراءات موازنة.

Related News


