العرب وحسابات الربح والخسارة من الحرب الإيرانية الإسرائيلية
Arab
4 hours ago
share

سارع العرب للإمساك بقوة بالآلة الحاسبة لحساب الأرباح والخسائر الناتجة عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، تتساوى في ذلك حكومات دول نفطية ثرية مثل دول الخليج التي لديها فوائض مالية وصناديق سيادية تتجاوز أصولها خمسة تريليونات دولار، أو دول نفطية ليست ثرية مثل العراق وليبيا والجزائر، مع دول فقيرة تعتمد أسواقها كلياً على الخارج سواء في تموينها بالسلع والخدمات، أو تغذية موازناتها العامة العاجزة بالديون والقروض.

ومع توقعات بطول أمد الحرب الإيرانية الإسرائيلية واتساع رقعتها، ارتبكت الحسابات وتعقدت القرارات لدى صانعي القرار بجميع دول المنطقة سواء العربية أو غيرها، فالدول المستفيدة مالياً من الحرب نجدها في المقابل متضررة أيضاً، وبالتالي لا أحد رابحاً أو مستفيداً كلياً من الحرب على طول الخط، باستثناء دول بعيدة عن المشهد في منطقة الشرق الأوسط، ولديها ما تصدره في تلك الأوقات الحرجة مثل روسيا التي تمثل لها الحرب فرصة ذهبية لزيادة إيراداتها النقدية سواء من صادرات النفط أو السلاح.

مع توقعات بطول أمد الحرب الإيرانية الإسرائيلية واتساع رقعتها، ارتبكت الحسابات وتعقدت القرارات لدى صانعي القرار بجميع دول المنطقة سواء العربية أو غيرها

خذ على سبيل المثال، دول الخليج التي تقول القراءة السريعة إنها أكبر المستفيدين من الحرب المشتعلة، فأسعار النفط تواصل القفزات على خلفية تنامي المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وتزايد مخاوف إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي، حيث يمر عبره نحو 20 مليون برميل يومياً، ما يعادل 20% من الاستهلاك العالمي للسوائل النفطية ومشتقات الطاقة.

فزيادة نحو 20 دولاراً في سعر برميل النفط منذ انطلاق الحرب تعني سيولة نقدية إضافية لدول الخليج تقدر بنحو 225 مليون دولار تضاف للإيرادات النفطية اليومية والتي تقدر بنحو 940 مليون دولار، حيث تصدر تلك الدول ما يقارب 13 مليون برميل في اليوم. ومن المتوقع أن تقفز تلك المكاسب في حال صدقت توقعات بنك جي بي مورغان تشيس JPMorgan Chase الأميركي، الذي قال إن أسعار النفط قد ترتفع إلى 130 دولاراً للبرميل إذا تصاعد النزاع في المنطقة.

يتكرر المشهد مع صادرات الغاز الطبيعي الذي ارتفعت أسعاره في أوروبا رغم التنسيق بين دول القارة والولايات المتحدة لتأمين الاحتياجات من الوقود الأزرق، مع توقع الأسواق والتجار تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، وزيادة المخاطر التي تهدد إمدادات الطاقة العالمية، ومن المتوقع زيادة سعر الغاز أكثر مع توقف إنتاج 12 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من إيران، بسبب استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية مصفاة فجر جم في القسم البري من المرحلة 14 بحقل بارس، جنوب إيران. أيضاً تعتزم المفوضية الأوروبية تبني مقترح لحظر إبرام شركات الاتحاد الأوروبي أي تعاقدات جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي من روسيا، علما بأن الأسواق تراقب خطط الاتحاد لإنهاء الاعتماد على الإمدادات الروسية، سواء الغاز المنقول عبر أنابيب أو الغاز الطبيعي المسال، بحلول نهاية 2027، والتي تشكل حالياً نحو 13% من واردات المنطقة.

في المقابل، فإن دول الخليج العربية تعد أكبر المتضررين من الحرب الإيرانبة - الإسرائيلية، إذ هناك مخاوف من إغلاق إيران مضيق هرمز، وبالتالي تعطيل إمداداتها من النفط. وهناك مخاوف من استهداف إيران القواعد والسفن الأميركية في الخليج، وهو ما يعني زيادة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية داخل تلك الدول، وهناك مخاوف بين المستثمرين المحليين والأجانب داخل أسواق تلك الدول.

دول الخليج من المتضررين من حرب إيران - إسرائيل، إذ هناك مخاوف من إغلاق إيران مضيق هرمز، وبالتالي تعطيل إمداداتها من النفط

كما أنّ استمرار الحرب قد يبعد السياح والمستثمرين عن دول الخليج وباقي الدول العربية، وقد يؤدي إلى موجة نزوح للأموال والاستثمارات، خاصة من إمارة دبي، التي يوجد فيها مستثمرون إيرانيون وأجانب بكثافة، وكذا من البورصات العربية وهو ما جرى في الأيام القليلة الماضية. أضف إلى ذلك توقعات بزيادة فاتورة الواردات داخل دول الخليج والتي تستورد سنوياً أغذية تفوق قيمتها 53 مليار دولار، إلى جانب سلع ومواد خام ومدخلات إنتاج أخرى تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات.

على الجانب الآخر، تبدو سورية والعراق والأردن ومصر ولبنان واليمن في مقدمة الدول العربية المتضررة من الحرب الحالية، فأسواق العراق تعتمد بشكل كبير على سلع وكهرباء وغاز ووقود إيران، وإغلاق الحدود بين العراق وإيران يمكن أن يؤثر سلباً على التجارة بين البلدين ويدفع الأسعار نحو الأعلى. يتكرر المشهد في الدول الأخرى المجاورة لإيران، مع توقف حركة الطيران وإغلاق الحدود.

يتكرر الأمر أيضا في الدول العربية البعيدة عن بؤرة الحرب الإيرانبة - الإسرائيلية مثل تونس والمغرب وليبيا والجزائر والسودان واليمن، فهذه الدول وغيرها قد تشهد موجة تضخم للأسعار وضغطاً إضافياً على عملاتها الوطنية في حال طول أمد الحرب، خاصة أنّ زيادة أسعار السلع ومنها الأغذية والوقود ستضغط على المراكز المالية لتلك الدول التي قد تشهد موجة تعويم جديدة للعملات في حال طول أمد الحرب كما جرى عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows