
حتى بعد صفقة المعادن في أوكرانيا وعرض موسكو على الشركات الأميركية الاستثمار في المعادن النادرة الضخمة الروسية، لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصر على أن الولايات المتحدة يجب أن "تمتلك وتسيطر" على جزيرة غرينلاند التي تعد أكبر جزيرة في العالم، وهو ما أثار قلق سكانها كما أثار أيضًا مجموعة من الأسئلة حول سبب وكيفية إنشاء اتحاد محتمل بين الولايات المتحدة وغرينلاند. وفق تقرير في صحيفة "بوليتيكو" اليوم السبت. ويرى التقرير أن ما فعلته الولايات المتحدة عندما اشترت ألاسكا من روسيا في منتصف القرن التاسع عشر لا يتماشى مع القواعد والمعايير القانونية الدولية اليوم التي تسمح له بشراء غرينلاند. ويقول التقرير إنه لا يوجد أيضًا مسار قانوني واضح للقيام بذلك، حيث يتمتع شعب غرينلاند بحقوق كثيرة للغاية في تقرير مصيره، بحيث لا يمكن شراؤه بشكل مباشر. ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد شيء يمكن لدونالد ترامب أن يفعله في ما يتعلق بغرينلاند.
ووفق تقرير بهيئة الإذاعة الوطنية الأميركية، تقدر الثروة المعدنية وثروة النفط والغاز في غرينلاند بما يتراوح بين 30 و70 مليار دولار، وهي ليست ثروة كبيرة، ولكن يبدو أن هنالك مصالح جيوسياسية وخطط استراتيجية وراء إصرار ترامب على شراء الجزيرة.
وتحدث ترامب لأول مرة عن شراء الجزيرة القطبية الشمالية الضخمة من الدنمارك في عام 2019، وأكد بقوة اهتمامه في الأسابيع الأولى من ولايته الثانية ضمن حملة "المصير الواضح" التي تضمنت أيضًا الحديث عن "استعادة" قناة بنما، وجعل كندا الولاية رقم 51. وقال ترامب إن شراء غرينلاند ضروري للأمن الاقتصادي الأميركي و"الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم". ويقول الخبراء إن الجزيرة لها قيمة جيوسياسية وجغرافية، إذ انها موطن للمعادن الأرضية النادرة التي تعتمد الولايات المتحدة إلى حد كبير على الصين للحصول عليها. وقد رحب الجمهوريون في الكونغرس بفكرة ترامب، وقدموا مشاريع قوانين داعمة بأسماء مثل "اجعل غرينلاند عظيمة مرة أخرى" و"قانون الأحمر والأبيض والأزرق"، وفق تقرير "بوليتيكو".
الكيفية القانونية للتملك
يرى تحليل "بوليتيكو" أن إحدى الأفكار الأكثر منطقية، التي اكتسبت بعض الاهتمام في دوائر السياسة الخارجية التي تميل إلى ترامب، هي ما يسمى بميثاق الارتباط الحر. وهذا نوع من الترتيبات التي أبرمتها الولايات المتحدة بالفعل مع بعض دول الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ، إلا أنها تقول إن هذه الترتيبات لا ترقى إلى مستوى تشكيل اتحاد مع غرينلاند أو جعلها الولاية رقم 51 ، ولكنه يتضمن امتيازات خاصة لكل من الولايات المتحدة والدولة الأخرى المعنية.
ويقول التقرير إن جزيرة غرينلاند كبيرة حقًا وليست بعيدة جدًا عن الولايات المتحدة، فهي في الواقع تبعد 13 ميلًا عن كندا في أقرب نقطة لها، كما أنها تتمتع بموقع استراتيجي في القطب الشمالي، وبدأ الجليد في القطب الشمالي في الذوبان. وأصبحت روسيا أكثر نشاطا في تلك المنطقة. كما أصبحت الصين، على الرغم من أنها ليست دولة في القطب الشمالي، أكثر نشاطًا فيه. لذا، فإن للولايات المتحدة مصلحة عسكرية واستراتيجية في أن يكون لها وجود أكبر في ذلك الجزء من القطب الشمالي. وتوجد بالفعل قاعدة جوية أميركية مهمة في شمال الجزيرة، وفي جنوب الجزيرة توجد رواسب من المعادن الأرضية النادرة. ويقول التقريرإنه بينما يبدو أن العالم يتراجع عن العولمة إلى حد ما، وتتشكل كتل اقتصادية استراتيجية، فإن مصدر المعادن الأرضية النادرة الذي تهيمن عليه الصين من المحتمل أن يكون ذا قيمة كبيرة للولايات المتحدة. ولم يوضح الرئيس ترامب، حتى الآن، الأهداف الاستراتيجية بشكل مباشر، على الرغم من أن البعض في إدارته حاولوا فعل ذلك.

Related News

