الإغلاق الأميركي سبَّب عمى معلوماتياً لصناع القرار الاقتصادي عالمياً
عربي
منذ 4 أيام
مشاركة
مع توقف البيانات والمعلومات الرسمية الخاصة بأداء الاقتصاد الأميركي في ظل الإغلاق الحكومي، تنتاب الأسواق المحلية والدولية حالة من العمى المعلوماتي. فقرارات المستثمرين والشركات تعتمد في جزء كبير منها على أرقام الوظائف في الولايات المتحدة ما إذا كانت تزيد أم تتراجع، وأرقام التضخم ترتبط بأسعار الفائدة، وهكذا دواليك. القاعدة واضحة، ما يحدث في أميركا لا يبقى في أميركا وما يؤثر على أكبر اقتصاد في العالم تتداعى له بقية الأسواق الكبرى بالقلق والتوجس، حيث تعتمد نظرتهم إلى عملاتهم وأدائهم التجاري ومستويات التضخم على فهم أوضاع الاقتصاد الأميركي. ويقول مسؤولون عالميون إن العمى المعلوماتي الناتج عن الإغلاق الحكومي المستمر منذ أسبوعين، قد يؤدي بمرور الوقت إلى تعقيد عملية صنع القرار في بلادهم ويزيد من احتمال وقوع أخطاء في لحظة تحاول فيها الدول التكيف مع جهود إدارة ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية. وقال محافظ بنك اليابان (البنك المركزي) كازو أويدا في مؤتمر صحافي في 3 أكتوبر: "إنها مشكلة خطيرة. نأمل أن يتم حلها قريباً"، في إشارة إلى الصعوبات التي يواجهها البنك في تحديد موعد استئناف رفع أسعار الفائدة. وتنقل رويترز عن أحد صانعي السياسات اليابانيين، الذي طلب عدم ذكره اسمه القول: "إنه أمر سخيف، جيروم بأول (رئيس الاحتياطي الفيدرالي) يواصل القول إن سياسة البنك تعتمد على البيانات، ولكن لا توجد بيانات يعتمد عليها". وقالت كاثرين مان، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا (المركزي البريطاني) إن التساؤلات حول البيانات الأميركية والجدل بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وغيرها من القضايا لا تدخل بشكل مباشر في نقاشات السياسة النقدية البريطانية بقدر التغيرات في السياسة التجارية، على سبيل المثال، والتي تؤثر مباشرة على الأسعار وآفاق الصادرات. لكنها أشارت إلى أنه مع مرور الوقت فقد الجنيه الإسترليني مكانته المركزية في النظام المالي العالمي، وهي عملية استغرقت عقوداً وقادتها قوى متعددة وصفتها بأنها "نمل أبيض" أضعف دور الجنيه تدريجياً. وأضافت مان: "التغييرات في السياسات التي قد تضعف مكانة الدولار أو تقوض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي هي أمور نضعها في الحسبان، لكنها ليست في صدارة الاهتمام". وتابعت: "إنها مثل النمل الأبيض، وليست خطراً وشيكاً". ويجتمع هذا الأسبوع في واشنطن قادة المال والاقتصاد من أنحاء العالم في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفي عالم مثقل بحرب مستمرة في أوروبا وتوترات وأعمال عنف في الشرق الأوسط وقضايا طويلة الأمد مثل تغير المناخ، يُتوقع أن تهيمن على النقاشات خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعالم، وأداؤه في الحكم حتى الآن، وتوقف تدفق المعلومات الرسمية فجأة عن اقتصاد تبلغ قيمته نحو 30 تريليون دولار، أي ما يعادل ربع الناتج العالمي تقريباً. قد ينتهي الإغلاق في أي وقت وتُستأنف البيانات، لكن الحادثة تُعد دليلاً على مجموعة أعمق من المشكلات المتعلقة بالحكم في الولايات المتحدة وبموثوقية البيانات، بما في ذلك مساعي ترامب لفرض نفوذه على الاحتياطي الفيدرالي وإقالته رئيس مكتب إحصاءات العمل بعد أن أغضبه تقرير الوظائف الأخير، وهو التقرير الذي أشار إليه صندوق النقد ضمن "المخاطر السلبية" التي تواجه الاقتصاد العالمي حالياً. وورد في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد يوم الثلاثاء:"إن تصاعد الضغوط السياسية على المؤسسات المعنية بوضع السياسات قد يقوّض الثقة العامة المكتسبة بصعوبة في قدرتها على تنفيذ مهامها. كما أن الضغوط على المؤسسات التقنية المكلفة بجمع البيانات ونشرها يمكن أن تضعف ثقة الجمهور والأسواق بالإحصاءات الرسمية، مما يعقّد بشكل كبير مهام البنوك المركزية وصانعي السياسات... كما يزيد احتمال وقوع أخطاء في السياسة إذا أدى التدخل السياسي إلى المساس بجودة البيانات وموثوقيتها وتوقيتها". تزايد احتمالات الخطأ لم تختفِ كل البيانات تماماً. فالاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يمول نفسه ذاتياً ولا يتأثر بالإغلاق، ما زال يجري مسوحه الواسعة حول الاقتصاد، وتوفر الخدمات الخاصة بدائل للبيانات الرسمية تعلم صانعو السياسات كيفية إدماجها في تحليلات مؤقتة، وإن كانت غير مثالية، على الأقل في الأمد القصير. وقال آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وعضو لجنة السياسة النقدية السابق في بنك إنكلترا:"تُناقش البيانات الشهرية الأميركية في اجتماعات البنوك المركزية الأخرى، لكنها نادراً ما تكون عاملاً حاسماً". لكن بوسن أضاف أن الإغلاق نفسه والجدل المحيط بمكتب إحصاءات العمل "يسهمان في تنامي الشكوك العامة حول الحوكمة في الولايات المتحدة وموثوقيتها... وهذا أمر مهم، إذ ينعكس في نهاية المطاف على إدارة الاحتياطيات وقرارات العملات، ويزيد من تقلبات الأسواق الأميركية على نحو لم يكن موجوداً من قبل". وفي حين ركزت اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين على حالة عدم اليقين الناتجة عن خطط ترامب لفرض رسوم جمركية أعلى وسياسات حمائية متزايدة، ينصبّ التركيز الآن على كيفية تكيف الشركات والدول والمستهلكين مع الواقع الجديد. والإجابة المختصرة، بحسب تحديث تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية، هي أن التأثير لم يكن بالسوء المتوقع عند تولي ترامب منصبه، على الأقل حتى سبتمبر، لكن التكيف ما زال جارياً. فبعد أن خفّض الصندوق في إبريل توقعاته للنمو العالمي بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.8%، استعاد في توقعاته الأخيرة المنشورة يوم الثلاثاء معظم هذا الانخفاض، إذ يرى أن النمو العالمي سيبلغ 3.2% هذا العام. لكن الآن، ومع وجود فجوة كبيرة في تدفق البيانات التي تغطي نحو ربع الإنتاج الاقتصادي العالمي، ستصبح الصورة أكثر ضبابية كلما طال أمد الإغلاق. وقال روبرت كاهن، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في مجموعة أوراسيا: "لا شك أن هناك قدراً كبيراً من المعلومات المتاحة، وصانعو السياسات يبذلون جهداً كبيراً لجمع بيانات دقيقة ومؤشرات نوعية حول الاقتصاد الأميركي. لكن كيفية إدماجها معاً، والأهم كيفية تفاعل الأسواق مع مثل هذه الأخبار، تظل أموراً غامضة. ومع مرور الوقت، يزداد خطر الخطأ مع تراكم الشكوك". (رويترز، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية