
عربي
أكمل منتخب الرأس الأخضر، بقيادة المدرب البرتغالي بيدرو بريتو (55 عاماً) المعروف بلقب "بوبستا"، فصلاً تاريخياً في مسيرته الكروية بعدما حجز مقعده لأول مرة في نهائيات كأس العالم 2026، لينضمّ إلى كلٍّ من الأردن وأوزبكستان ضمن قائمة الوافدين الجدد على النسخة الـ23 من البطولة الأكبر عالمياً، التي ستُقام للمرة الأولى بمشاركة 48 منتخباً بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا خلال الفترة الممتدة من 11 يونيو/حزيران إلى 19 يوليو/تموز 2026.
ونجحَ منتخب "الأرخبيل الأطلسي الصغير"، الذي لا يتجاوز عدد سكانه 525 ألف نسمة موزّعين على عشر جزر، في أن يصبح ثاني أصغر دولة من حيث عدد السكان تصل إلى المونديال، بعد أيسلندا التي شاركت في نسخة روسيا 2018. ولم تتوقف أرقام الوافد الجديد عن هذا الحد، إذ يُتوقّع أن يكون الرأس الأخضر أيضاً أصغر دولة من حيث المساحة الجغرافية تُشارك في النهائيات (نحو 4000 كيلومتر مربّع فقط)، متقدّماً على ترينيداد وتوباغو التي سجّلت حضورها التاريخي في مونديال ألمانيا 2006.
وجاءَ هذا التأهل تتويجاً لمسار تصاعدي عاشه المنتخب الملقّب بـ"أسماك القرش الزرقاء" خلال العقد الأخير، إذ تحول من منتخب مغمور إلى منافس قوي على الساحة الأفريقية، بفضل استقراره الفني وظهوره المتكرر في نهائيات كأس الأمم الأفريقية. فمنذ مشاركته الأولى عام 2013، بلغ الرأس الأخضر ربع النهائي مرتين (2013 و2023)، إلى جانب الخروج من الدور الأول عام 2015، ومن ثمن النهائي عام 2021.
وقدّمَ منتخب القرش الأزرق مساراً استثنائياً خلال التصفيات الأفريقية المؤهّلة إلى كأس العالم، إذ لم يتعرّض سوى لهزيمة واحدة مقابل تعادلين وسبعة انتصارات كاملة، من بينها فوزٌ تاريخي على منتخب الكاميرون الذي كان يعد المرشّح الأبرز لانتزاع بطاقة التأهّل بسهولة، قبل أن يجد نفسه مضطراً الآن لانتظار نهاية التصفيات لمعرفة ما إذا كان سينال فرصة خوض الملحق ضمن أفضل أربعة منتخبات وصيفة. ويتكون منتخب الرأس الأخضر من لاعبين ينشطون خارج البلد، منهم أسماء بارزة مثل: حارس مرمى نادي الحزم السعودي برونو فاريلا، ولاعب ليل الفرنسي والنصر السعودي سابقاً وكوتشايلي سبور التركي حالياً الجناح راين منديش، إضافة إلى لاعب أومونيا القبرصي سيميدو.
وساهم تمويل برنامج "FIFA Forward" في النهضة الكروية التي يعيشها الرأس الأخضر، بعد أن دعم أنشطة المنتخبات الوطنية ومكّن فرق المنطقة من الاستفادة من الملاعب الاصطناعية في سانتا كروز بجزيرة سانتياغو، كما شمل التمويل تجديد ملعب أديريتو سينا في جزيرة ساو فيسينتي، عبر تطوير غرف الملابس وتحديث المرافق لتصبح أكثر ملاءمة للجماهير، ما أتاح للمنتخب الوطني استضافة مبارياته التأهيلية لكأس العالم، وامتدّ الدعم إلى تحديث المقر الرئيسي ومركز التدريب التابع لاتحاد الرأس الأخضر لكرة القدم.
ونظرا لأهمية الحدث بالنسبة للمواطنين، فقد قررت الحكومة أن يكون يوم لقاء الحسم يوم عطلة وطنية احتفاءً بالحدث، لمنح الفرصة للجماهير من أجل مؤازرة منتخبها، ما سمح للجماهير بالتجمع في الساحات والمدارس والمقاهي لمتابعة المباراة على الشاشات العملاقة، إضافة إلى ملء مدرّجات الملعب عن آخرها، والبالغة طاقته نحو 15 ألف متفرّج شاركوا اللاعبين الفرحة، ونقلت صحيفة ريكورد البرتغالية تصريحاتٍ مؤثرة من بعض المشجعين الذين عبّروا عن رغبتهم في مواجهة عمالقة الكرة العالمية تقديراً لقيمة الإنجاز. وقال أحد المشجعين بحماس: "نعيش حلماً جميلاً. الآن بعد أن بلغنا كأس العالم، يجب أن نستمر في الحلم، نريد مواجهة البرازيل أو ألمانيا أو البرتغال، الأفضل بين الكبار، لأننا نريد أن نكون بينهم".
وسمح النظام الجديد لكأس العالم، الذي يضمّ 48 منتخباً للمرة الأولى في التاريخ مع منح القارة الأفريقية تسعة مقاعد كاملة، بفتح الباب أمام منتخبات جديدة لصناعة أمجادها الخاصة ودخول سجل التاريخ الكروي من أوسع أبوابه. ومن المفارقات اللافتة في القارة السمراء، أن منتخبي الرأس الأخضر وغانا، اللذين فشلا في التأهّل إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية المقررة في المغرب نهاية هذا العام، نجحا في المقابل في حجز مقعديهما ضمن الحدث الكروي الأضخم في العالم.
ويمتلك الرأس الأخضر جالية ضخمة في الخارج تُقدر بنحو 1.5 مليون شخص، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد سكان الجزر، موزّعة بين أوروبا والولايات المتحدة وكندا، حيث ستُقام معظم مباريات كأس العالم. ومع هذا الامتداد الواسع، ينتظر "القرش الأزرق" دعماً جماهيرياً هائلاً خلال الحدث العالمي القادم.
