تراجع ملحوظ بالأسعار في أسواق غزة بعد وقف الإبادة
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
شهدت أسواق قطاع غزة تراجعًا ملموسًا في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، عقب إعلان وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، حيث جاء هذا الانخفاض بعد أسابيع طويلة من الارتفاعات الحادة التي أثقلت كاهل المواطنين واستنزفت مدخراتهم في ظل أزمة إنسانية ومعيشية غير مسبوقة. ومع إعلان الأطراف الاتفاق، عاشت الأسواق حراكًا متزايدًا في حركة البيع والشراء، وسط تفاؤل حذر لدى التجار والمستهلكين على حد سواء. ويعزو مراقبون هذا التحسن إلى زيادة نسبية في تدفق البضائع خلال الأيام الأخيرة، مع ترقّب إدخال مئات الشاحنات الجديدة بالتزامن مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ خلال أيام قليلة. ويأمل التجار الفلسطينيون عموما أن تُسهم هذه الخطوة في إنهاء الأزمة المعيشية التي تفاقمت بفعل الحصار المستمر. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الأسبوع الماضي، إنّ الاحتلال الإسرائيلي أدخل خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي 1.824 شاحنة مساعدات فقط من أصل 18 ألف شاحنة كان من المفترض وصولها؛ أي ما يعادل نحو 10% فقط من الاحتياجات الإنسانية الفعلية لأكثر من 2.4 مليون مواطن في القطاع، بينهم أكثر من مليون طفل. ويحتاج قطاع غزة يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب المستمرة. كما أشار إلى أنّ الحصار الممنهج أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للسكان، فأكثر من 95% من المواطنين لا يملكون القدرة على شراء السلع حتى في حال توفرت أحياناً بالأسواق، الأمر الذي يفاقم نسب الفقر والجوع، ويجعل الحياة الإنسانية في قطاع غزة شبه مستحيلة. وشرحت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد"، أن بنود المساعدات الإنسانية المرافقة لاتفاق وقف إطلاق النار تنص على إدخال ما لا يقل عن 400 شاحنة يوميًا خلال الأيام الأولى، على أن يرتفع العدد تدريجيًا لاحقًا. ويأتي تراجع الأسعار بعد فترة طويلة شهدت خلالها الأسواق ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار، إذ تجاوزت بعض السلع الأساسية نسبة 8000% مقارنة بقيمتها الطبيعية قبل الحرب على غزة، ونجم عن ذلك استنزاف واسع لجيوب المواطنين الذين فقد أغلبهم القدرة الشرائية مع تجاوز معدلات الفقر 90%، وارتفاع البطالة إلى نحو 83%، ما جعل الحياة اليومية شبه مستحيلة لمعظم العائلات الغزّية. ويعكس الانخفاض الحالي في الأسعار بداية تعافٍ نسبي للأسواق المحلية، نتيجة تطمينات التجار وعودة النشاط التجاري التدريجي بعد شهور من الجمود، كما يعزو مراقبون ذلك إلى رغبة التجار في تصريف بضائعهم بسرعة خشية انخفاضات أكبر متوقعة مع زيادة كميات الشاحنات الواردة عبر المعابر. ومع ذلك، يُحذر اقتصاديون من أن هذا التحسن قد يكون مؤقتًا ما لم تستمر حركة إدخال البضائع بشكل مستقر، وخصوصًا أن الأسواق تعاني من تشوّه اقتصادي كبير، إذ لا تزال تعاني من نقص كبير في السلع الأساسية إلى جانب ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين الذين أنهكتهم شهور الحصار والعدوان. حركة في الأسواق وقال الفلسطيني حسين المقيد، النازح من شمال غزة إلى منطقة الزوايدة وسط القطاع، إنه شعر للمرة الأولى منذ شهور بـ"انفراجة حقيقية" في الأسواق بعد إعلان وقف إطلاق النار، مضيفًا: "الأسعار التي كانت تشهد ارتفاعًا متواصلًا بدأت تنخفض تدريجيًا خلال الأيام الأخيرة حتى باتت ملاحظة لدى الجميع صباح الخميس". وأوضح المقيد لـ"العربي الجديد" أن سعر كيس الطحين مثلًا انخفض من 250 شيكلًا قبل 10 أيام ليصبح اليوم 45 شيكلًا، كما تراجعت أسعار الأرز والسكر والزيت بنسب متفاوتة تُقدَّر بين 500% و800% خلال الفترة نفسها، ما أعاد الأمل للكثير من العائلات التي كانت عاجزة عن شراء الأساسيات. وعبّر عن أمله في أن يستمر هذا التحسن مع استمرار دخول الشاحنات التجارية إلى القطاع، مؤكدًا أن الناس بدأت تشعر ببعض الطمأنينة بعد شهور من المعاناة والقلق، لكن الطريق لا يزال طويلًا نحو الاستقرار الحقيقي. في حين أكدت الفلسطينية هالة الكيالي، وهي نازحة من مدينة غزة إلى منطقة مواصي خانيونس جنوب القطاع، أن انخفاض الأسعار أعاد الحياة إلى الأسواق بعد شهور من المجاعة الفعلية. وقالت الكيالي في حديث لـ"العربي الجديد" إن ما عاشه الناس خلال الأشهر الماضية كان أصعب من أي فترة سابقة، حيث كانت الأسعار ترتفع يوميًا بشكل جنوني وسط ندرة شبه تامة في السلع. وأوضحت أن الأسعار بدأت بالانخفاض التدريجي منذ قرابة 10 أيام، ثم تراجعت بشكل أوضح مع إعلان وقف إطلاق النار، مشيرةً إلى أن سعر بامبرز الأطفال انخفض إلى النصف من 80 شيكلًا إلى 42 شيكلًا في غضون يوم واحد، بينما تراجعت أسعار المعلبات بنسبة تفوق الـ40%. وأضافت: "بعد شهور من الحرمان واستنزاف أموالنا، نشعر اليوم أن الأمور بدأت تتحسن، المهم أن تبقى المعابر مفتوحة وألّا تعود أيام الجوع التي عشناها في ذروة الحصار". من جانبه، يؤكد بائع المواد الغذائية في سوق النصيرات، طارق الحاج، أنه قرر عرض جميع السلع التي اشتراها مؤخرًا بأسعار الجملة، لتصريفها قبل بدء دخول الشاحنات الجديدة. وقال الحاج لـ"العربي الجديد" إن الحديث عن تدفق مئات الشاحنات يوميًا جعله يُفضّل البيع بسرعة بدلًا من انتظار انخفاضات أكبر لاحقًا. وأضاف: "نحن الآن لا نفكر بالربح، بل في تصريف البضائع دون خسارة، فالأسواق بدأت تستعيد بعض النشاط، وهذه المرة متفائلون أكثر من السابق بعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها تدريجيًا". تباين الأسعار يتلاشى بدوره، ذكر الفلسطيني فادي قاسم، الذي رفض النزوح من مدينة غزة رغم القصف، أن الأسعار شهدت خلال الأسبوعين الماضيين ارتفاعات تجاوزت 300% مقارنة بالجنوب، بسبب الإغلاق الكامل للمعابر ونقص الإمدادات، "لكنه يؤكد أن هذا الواقع تغيّر تمامًا مع إعلان وقف إطلاق النار". وقال قاسم لـ"العربي الجديد": "الأسواق الشمالية بدأت تشهد تدفقًا محدودًا للبضائع التي كان التجار يحرصون على عدم عرضها بالكامل بسبب حالة الحصار، ما أدى إلى تراجع الأسعار بشكل ملحوظ"، مضيفًا: "البائعون أنفسهم يسارعون لتخفيض الأسعار خوفًا من الخسارة بعد سماعهم أن مئات الشاحنات ستدخل خلال الأيام المقبلة". وعبّر عن تفاؤله بأن تستعيد غزة توازنها الاقتصادي تدريجيًا مع إعادة فتح المعابر، لاسيما أن حالة الركود التي عاشتها الأسواق خلقت تراكمًا في البضائع جنوبًا يقابله نقص شديد شمالًا، وهو ما يُتوقَّع أن يتوازن مع عودة النازحين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية