7.5 ملايين تنفيذ قضائي في تركيا جراء الضغوط المالية وعدم السداد
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لم يعد أمام الأتراك وسيلة لمواجهة الغلاء وتراجع سعر صرف الليرة واستمرار التضخم الذي تجاوز 33% في سبتمبر/أيلول الماضي، سوى الاستدانة من المصارف، رغم ارتفاع أسعار الفائدة التي بلغت بعد تخفيضين متتاليين 40.5%. هذا الواقع أدى إلى تراكم الديون إلى مستويات غير مسبوقة، وعجز كثيرين عن السداد، ما دفع المصارف للجوء إلى القضاء لتحصيل ديونها من الأفراد والشركات على حد سواء. انفجار في عدد القضايا القضائية يكشف نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري المعارض (CHP)، غوكان زيبك، عبر وكالة "نيو تورك" المحلية عن زيادة قياسية في عدد ملفات التنفيذ القضائي خلال عام 2025، إذ تجاوز عدد القضايا الجديدة المسجّلة في دوائر التنفيذ 7 ملايين و651 ألف ملف منذ مطلع العام وحتى الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري. ووفق زيبك، فإن إجمالي عدد الملفات لدى دوائر التنفيذ وصل إلى 35.4 مليون ملف، في مؤشر خطير على تفاقم الأزمة المالية التي يعانيها المواطنون نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة واستمرار الضغوط الاقتصادية. ويضيف أن ديون المواطنين الناجمة عن القروض المصرفية وبطاقات الائتمان ارتفعت بمقدار 85.8 مليار ليرة تركية (حوالي 2.06 مليار دولار) خلال أسبوع واحد فقط (من 19 إلى 26 سبتمبر الماضي)، ما يعكس اعتماد الأسر التركية المتزايد على الاقتراض لتغطية نفقاتها اليومية. ويرى أن الارتفاع المتسارع للأسعار وانخفاض القوة الشرائية دفع شريحة واسعة من المواطنين إلى الاستدانة، ما سبَّب زيادة كبيرة في عدد القضايا التنفيذية لدى المحاكم. ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من ارتفاع الديون الخاصة وتخفيف الأعباء عن المواطنين من خلال سياسات اقتصادية أكثر استدامة تركز على حماية ذوي الدخل المحدود. اتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق يعاني المستهلك التركي ارتفاع أسعار السلع وكل الخدمات، بعد زيادة أسعار الطاقة وأجور النقل، ما أدى إلى تجاوز الإنفاق حجم الدخل واللجوء إلى التمويل الاستهلاكي لتغطية النفقات المعيشية. وبحسب اتحاد نقابات العمال الأتراك "ترك إيش"، بلغ حد الفقر في تركيا نحو 85 ألف ليرة، وحد الجوع حوالي 26 ألف ليرة، بينما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور بعد زيادة مطلع العام 22,104 ليرات، في ظل رفض الحكومة واتحادات العمال إجراء زيادة ثانية كما جرت العادة في الأعوام الماضية. وحذّر الاتحاد من ارتفاع مقلق في خطي الجوع والفقر، في ظل استمرار تصاعد أسعار الغذاء والخدمات الأساسية، ما يُنذر بتفاقم الأعباء على الأسر ذات الدخل المحدود. وبيّن أن حد الجوع هو المبلغ الأدنى الذي تحتاج إليه أسرة مكونة من أربعة أشخاص لتأمين الحد الأدنى من السعرات الحرارية الشهرية، بينما يشمل حد الفقر مجمل النفقات الأساسية مثل الغذاء والملبس والسكن والتعليم والرعاية الصحية والمواصلات، لضمان مستوى معيشة لائق. تزايد الإفلاسات ومخاطر اقتصادية من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أوزجان أويصال أن الهوة تتسع بين الدخل والمصاريف في تركيا، بعد غلاء طاول أسعار الخضر والفواكه والزيوت ومنتجات الألبان واللحوم، مشيراً إلى أن الاقتراض أصبح الخيار الوحيد أمام المواطنين. ويقول في تصريح لـ"العربي الجديد" إن القروض الشخصية محدودة ويمكن معالجتها، إلا أن قروض الشركات الكبيرة تمثل المشكلة الكبرى للمصارف وللاقتصاد التركي كله، إذ دفعت مؤشرات الركود وتراجع القدرة الشرائية العديد من الشركات إلى إعلان إفلاسها وعجزها حتى عن تسديد أجور موظفيها. وخلال الأشهر الأخيرة، أعلنت عدة شركات تركية كبرى إفلاسها، منها شركات في قطاع البناء "يابي"، والورق "Konil Kağıt"، والغذائيات "مودرن تشوكليت"، والنسيج "ليدر جانسو نسيج"، والصلب "أرويمك تشيليك"، ما استدعى تدخل القضاء لتعيين لجان مفوضين لمتابعة إجراءات التصفية من دون الإضرار بحقوق الدائنين. ويؤكد أويصال ضرورة أن تتدخل الحكومة لحماية القطاع الإنتاجي والشركات المتعثرة عبر منحها مهلاً وتسهيلات وقبول طلبات الحماية من الإفلاس، إضافة إلى مساعدة المقترضين الأفراد، كما فعلت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية أخيراً. تسهيلات للمقترضين وقانون إفلاس جديد في يوليو/تموز الماضي، أعلنت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية سلسلةَ تسهيلاتٍ لتخفيف العبء المالي عن المواطنين، ولا سيما ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون كثيراً على بطاقات الائتمان ويواجهون صعوبات في السداد. وشملت الإجراءات إمكانية إعادة هيكلة الديون لمدة تصل إلى 48 شهراً، وبسقف فائدة لا يتجاوز 3.11% شهرياً. وتُطبق التسهيلات على جميع المقترضين الذين عجزوا عن دفع الأقساط أو الفوائد، وحتى الذين سبق أن استفادوا من إعادة الهيكلة. يُذكر أن إجراءات الإفلاس في تركيا تبدأ بتقدم الشركة العاجزة عن السداد بطلب "كونكورداتو" أمام القضاء للحصول على اتفاقية تسوية ديون، في محاولة لإعادة هيكلة التزاماتها المالية. وفي حال استمرار العجز، تعلن المحكمة الإفلاس وتعيّن مراقبين لتصفية الأصول ودفع المستحقات. وأعلنت الحكومة التركية أخيراً مشروع قانون جديد لتعديل قانون الإفلاس والتنفيذ الذي يعود إلى عام 1932، بهدف تحديث النظام القانوني وضمان حماية حقوق المدينين والدائنين، وتعزيز العدالة المالية، وتنظيم الإجراءات القانونية المتعلقة بالديون بطريقة أكثر مرونة وتوازناً مع تطورات الاقتصاد الرقمي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية