
عربي
رفع المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية جديدة أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف "الأنشطة والفعاليات المخالفة" داخل منطقة أهرامات الجيزة والحرم الأثري. وتشهد المنطقة في السنوات الأخيرة، بعد إسناد إدارتها لإحدى الشركات الخاصة، تزايداً لافتاً في إقامة الحفلات والفعاليات الفنية الضخمة عند سفح الأهرامات.
وتجمع هذه العروض بين البهجة والإبهار، لكنها في الوقت ذاته أثارت جدلاً واسعاً بين المهتمين بالتراث والآثار. وبينما يرى البعض في هذه الفعاليات وسيلة لجذب السياحة وتسليط الضوء على الوجه الحضاري لمصر، يرى آخرون أنها تمثل خطراً على أحد أهم مواقع التراث الإنساني في العالم. وتأتي هذه الدعوى وسط جدل مستمر حول الحدود الفاصلة بين الاستثمار في التراث واستخدامه كمنصة ترفيهية، وبين الحفاظ على قدسيته الأثرية والتاريخية، في وقت تتجه فيه الأنظار عالمياً إلى كيفية إدارة الدول لمواقعها التراثية من دون المساس بقيمتها الأصيلة.
ذبذبات قد تهدّد البناء الحجري
تطالب الدعوى بمنع تنظيم الاحتفالات الليلية الصاخبة داخل الحرم الأثري، واستخدام معدات صوت تُنتج ذبذبات بترددات قد تُحدث خلخلة في البناء الحجري القديم، إضافة إلى الأضواء الليزرية غير المتوافقة مع الاشتراطات الدولية للإضاءة في المواقع الأثرية. كما طالبت الدعوى بمنع أي نوع من أعمال الحفر أو الإنشاءات المؤقتة أو الدائمة التي تُجرى بغرض إقامة تلك الحفلات، محذّرةً من أن استمرارها يشكل خطراً على سلامة أهرامات الجيزة والمناطق المحيطة بها.
ورفع المركز الدعوى بصفته وكيلاً عن عالمة المصريات وعميدة قسم التراث الثقافي والآثار بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مونيكا حنا، وعن المرشدة السياحية والباحثة سالي صلاح الدين، والمحامي بالنقض مالك عدلي، المهتم بحماية التراث الحضاري والآثار، ضد كل من وزير السياحة والآثار، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومحافظ الجيزة.
وأوضح المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان له، أن الدعوى استندت إلى أحكام الدستور المصري وقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، فضلاً عن اتفاقية "يونسكو" لحماية التراث العالمي، التي تُلزم الدولة المصرية باتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية لضمان سلامة مواقعها التراثية، بوصفها من ممتلكات الشعب والإنسانية جمعاء.
خطر جسيم على أهرامات الجيزة
أشار البيان إلى أن الجهات الإدارية امتنعت عن أداء واجبها في الحماية رغم علمها بما تشهده منطقة أهرامات الجيزة من احتفالات ليلية داخل الحرم الأثري، تُستخدم فيها معدات صوت وضوء قوية، وما يصاحبها من أعمال حفر وإنشاءات مؤقتة ودائمة لإقامة تلك الفعاليات، بما يشكل خطراً جسيماً على سلامة الأهرامات ومحيطها التاريخي، و"انتهاكاً لمبدأ المشروعية وواجب الدولة في صيانة المال العام والتراث القومي". وحذّر المركز من أن "استمرار هذه الممارسات يضرّ بسمعة السياحة المصرية ويعطي انطباعاً سلبياً عن التزام الدولة بالمعايير الدولية لإدارة مواقع التراث العالمي، كما يمثل إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص في استغلال الموارد العامة".
وطالبت الدعوى المحكمة بإصدار حكم عاجل بوقف تنظيم الحفلات والفعاليات داخل الحرم الأثري، وإلزام الجهة الإدارية باتخاذ إجراءات فورية لتأمين الموقع الأثري وإعادة تأهيله بما يتوافق مع المعايير الدولية، إضافة إلى مراجعة العقود المبرمة مع الشركات الخاصة المنظمة لتلك الفعاليات لضمان الشفافية وصون المال العام. وشدّد المركز على أن حماية التراث المصري مسؤولية وطنية ودستورية لا يجوز التهاون فيها، مؤكداً أن "صون أهرامات الجيزة، باعتبارها أحد رموز الهوية المصرية والتاريخ الإنساني، واجب يقع على عاتق الدولة والمجتمع معاً، التزاماً بحق الأجيال القادمة في تراث آمن ومستدام".
