
عربي
تتعامل مؤسسات الاتحاد الأوروبي بجدّية مع التوسّع السريع لمنصّات التجارة القادمة من خارج الاتحاد في إشارة إلى الصين، وعلى رأس هذه المنصات "شي إن" (Shein) (منصّة أزياء سريعة وتجارة إلكترونية مقرها سنغافورة) و"تيمو" (Temu) (منصّة تجارة إلكترونية عابرة للحدود)، لما تثيره من أسئلة حول عدالة المنافسة وسلامة المنتجات وشفافية الممارسات. وقد رسّخت تحقيقات وإعلانات المفوضية الأوروبية، إلى جانب توصيات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، هذا الملف كأولوية تنظيمية لحماية المستهلك والسوق الموحدة.
حملة أوروبية
ودعت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية في 23 سبتمبر/أيلول 2025، إلى حملة أوروبية عاجلة ضد ممارسات منصّات قادمة من دول ثالثة لم تسمّها (تقصد الصين)، لكنها أشارت إلى منصات مثل "شي إن" و"تيمو"، محذّرة من تقويض المنافسة العادلة وارتفاع مخاطر السلع غير المطابقة للمعايير. واستندت اللجنة إلى معطيات كشفت عن تسجيل 4.6 مليارات طرد منخفض القيمة في 2024 (نحو 12 مليونا يوميا)، وأكثر من 91% من السلع تحت 150 يورو تأتي من الصين، مع تقدير وصول 400 ألف طرد يوميا من "شي إن" أو "تيمو" إلى ألمانيا.
أمام هذه المعطيات أوصت اللجنة بحزمة من الإجراءات، أبرزها إلغاء عدم فرض رسوم على السلع التي تقل على 150 يورو ما يسمى بالشحنات الصغيرة، وإنشاء منصّة بيانات جمركية أوروبية، واشتراط مشغّل اقتصادي مقيم داخل الاتحاد لكل منصّة، والتشدّد مع "الممارسات المضلّلة مثل الخصومات الوهمية".
وشرحت المفوضية الأوروبية في 22 سبتمبر/أيلول 2025، كيفية إنفاذ قانون الخدمات الرقمية على "المنصّات الإلكترونية الكبرى جدًا" التي تتجاوز 45 مليون مستخدم شهريا في الاتحاد، مؤكدة حظر "الأنماط المظلمة" وإتاحة خيار تغذية غير مُشخّصة، وإتاحة آليات بلاغ سهلة وإزالة سريعة للمحتوى أو السلع غير القانونية. وذكرت صراحة أن تيمو موضع تحقيق بسبب المنتجات غير القانونية والتصاميم الرقمية ذات الطابع الإدماني وأنظمة التوصية، مع إمكانية غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية عند عدم الامتثال.
التشديد على الشفافية
وجرى تصنيف "شي إن" كمنصّة كبرى جدًا في 26 إبريل/نيسان 2024، و"تيمو" في 31 مايو/أيار 2024، ما أطلق حزمة التزامات إضافية خلال أربعة أشهر من الإخطار، من بينها تقييم المخاطر المنهجية والتخفيف منها، وتشديد شفافية الإعلانات، وإتاحة بيانات للباحثين، والخضوع لتدقيق مستقل سنويا. هذه الالتزامات تستهدف خصوصا الحدّ من تداول السلع المقلّدة وغير الآمنة وتحسين آليات الإبلاغ والإزالة.
وفتحت المفوضية إجراءات رسمية ضد تيمو في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 للتحقّق من خروقات محتملة لقانون الخدمات الرقمية تشمل بيع منتجات غير قانونية، والطابع الإدماني للتصميم، وشفافية أنظمة التوصية، وإتاحة البيانات للباحثين. وفي أواخر يوليو/تموز 2025، أعلنت نتائج أوّلية تشير إلى أن تيمو "لم تُقيِّم على نحو واف مخاطر انتشار المنتجات غير القانونية"، مع رصد "مخاطر مرتفعة" على المستهلك الأوروبي، وهو مسار قد يفضي إلى إجراءات تصحيحية وغرامات إذا تأكدت الانتهاكات.
الإغراق القادم من الصين
ومنذ إعلان ترامب عن رسومه الجمركية كثّفت منصات الصين وجودها في أوروبا وأنفقت على عروضها التجارية لجذب المستهلك الأوروبي، خاصة وأن مبيعاتها انخفضت بشكل كبير في الولايات المتحدة حسب ما أوردته بيانات "بلومبيرغ سيكند ميجر"، التي تحلّل بيانات بطاقات الائتمان والخصم في الولايات المتحدة. هذه التحركات قالت عنها المفوضية الأوروبية في 28 يوليو/تموز الماضي إنها تنتهك قواعد الاتحاد الأوروبي وتبيع منتجات غير قانونية.
