احتلال المباني من قبل الجيش اليمني... قضية عالقة في تعز
عربي
منذ ساعتين
مشاركة
لم يكن يوم 18 سبتمبر/ أيلول الماضي يوماً عادياً في مدينة تعز جنوبي غرب اليمن، إذ نُفذّت عملية اغتيال غير مألوفة في المجتمع اليمني كانت ضحيتها امرأة، هي افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين بالمحافظة، أما القاتل فهو أحد أفراد اللواء 170 دفاع جوي. اللافت أيضاً في جريمة الاغتيال أن القاتل، مع متهمين آخرين، كانوا ضمن مجموعة احتلت مكتب النظافة والتحسين، ورفضوا الخروج منه، مطالبين بمبالغ مالية كبيرة مقابل إخلائه. وبعد عجز ومماطلة السلطات الأمنية في إخراجهم جرى الاتفاق معهم على تسجيلهم حراساً للمبنى مقابل رواتب شهرية، وبسبب توقف الرواتب هدد القاتل الضحية، وفق بلاغ رسمي منها ومذكرة رسمية من محافظ تعز نبيل شمسان إلى الجهات الأمنية بضبط المدعو محمد صادق المخلافي، لكن السلطات الأمنية ماطلت بحمايتها قبل تنفيذ المخلافي تهديداته وإفراغ ما يقرب من 30 طلقة كلاشنكوف على رأس المشهري وأجزاء من جسمها ليرديها قتيلة على الفور. ملفات أمنية في تعز تحوّلت الجريمة إلى قضية رأي عام تبناها الشارع في تعز بمختلف أطيافه، ونجحت في تحريك عدد من الملفات التي عجزت الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية عن الدفع بها قدماً، وفي مقدمتها ملف المطلوبين أمنياً وملف استمرار احتلال عدد من المباني والمنشآت الحكومية والخاصة من قبل وحدات وأفراد تابعين لمحور تعز العسكري. وأمام الضغط الشعبي، بادر محافظ تعز بإصدار توجيهات عاجلة تقضي بإخلاء وتسليم كافة المباني والمنشآت العامة والخاصة التي جرى الاستيلاء عليها خارج الأطر القانونية. وأكد المحافظ، في توجيهاته لقيادة محور تعز ومستشاريه ومدير شرطة المحافظة، تخصيص أطقم من الحملة الأمنية المشتركة لمباشرة الإخلاء الفوري، ورفع تقرير عاجل بالنتائج. وشدد على إنهاء مظاهر السيطرة غير القانونية، وإعادة المباني والمؤسسات إلى الجهات المختصة لتقوم بمهامها في خدمة المواطنين. وتضمنت المذكرة أسماء 25 منشأة حكومية لسرعة إخلائها. هاني علي مهدي، هو أحد الأشخاص الذين احتُلّ منزلهم بعد نزوحهم من مدينة النور غربي تعز عام 2016، بسبب اشتداد الاشتباكات وسقوط قذائف باستمرار على الحارة، كونها تقع بالقرب من موقع الدفاع الجوي. قال هاني لـ"العربي الجديد" إنه "بعد سيطرة المقاومة على المنطقة عدنا من النزوح، وفوجئنا بأفراد من اللواء 17 مشاة يسكنون منازلنا، طالبناهم بالخروج فرفضوا رفضاً قاطعاً، خاطبنا قادتهم لكنهم قابلوا خطابنا بتعنت وعدم مبالاة". وأضاف: "عاد أخي محمد المغترب في السعودية في 2018، وحصل على توجيهات من المحافظة إلى قيادة المحور لإلزام قيادة اللواء 17 بإخلاء المنازل، لكن بدون فائدة". هاني علي مهدي: دفع حياته ثمن متابعته لحقنا المسلوب عام 2020 ولفت إلى أن أخاه "استمر بالمتابعة لأكثر من سنتين بلا جدوى، حتى دفع حياته ثمن متابعته لحقنا المسلوب عام 2020 على يد أفراد من قوات النجدة كانوا منتدبين كتعزيز لجبهة الدفاع الجوي تحت قيادة عبده حمود الصغير، وبعد أن كنا نطالب برد حقنا المسلوب أصبحنا نطالب بدم أخي أيضاً". وتابع هاني: "منذ ذلك الحين ونحن في المحكمة نريد حكماً في قضية أخي، ولم نجد إلا المماطلة وتغيير القضاة، فيما الجناة طلقاء ويتمتعون بحماية قياداتهم؛ عبده حمود الصغير قائد عمليات اللواء 17 مشاة، ومحمد مهيوب قائد النجدة"، مشيراً إلى معاناة "تسع سنوات وسكن بالإيجارات ومنازلنا أمام أعيننا لا نستطيع دخولها". إجراءات غير كافية من جهته، قال مدير المركز الإعلامي بمحور تعز العسكري، العقيد عبد الرحمن اليوسفي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش الوطني لا يرفض تسليم المنشآت والمباني الحكومية والخاصة، وخلال الأعوام الماضية جرى تسليم منازل ومنشآت خاصة"، مضيفاً أن "لجنة شُكلت لهذا الغرض برئاسة مستشار محور تعز، العميد عبده فرحان، ولجنة أخرى لتحديد المنازل التي تقع في خطوط التماس". وبحسب اليوسفي، فإن "الإجراءات تسير لتسليم المنازل بين فترة وأخرى وكثير من المنازل سلمت، ولا توجد جهات تعرقل، لكن هناك مشكلات خلّفتها الحرب وتحتاج إلى وقت، والجهود مستمرة في هذا الإطار". رغدة المقطري: استمرار السيطرة على المباني رسالة بأن القرار العسكري ما زال يتغلب على القرار المدني كذلك رأت المحامية رغدة المقطري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن استمرار سيطرة الجيش على مباني ومنشآت في تعز، سواء كانت عامة أو خاصة "يعكس في جوهره مشكلة عميقة تتعلق بضعف مؤسسات الدولة المدنية، وقدرتها على بسط سلطتها". واعتبرت أن "بقاء هذا الملف مفتوحاً لسنوات رغم وجود توجيهات رسمية وحتى رئاسية يدل على أن الأمر يتجاوز كونه مجرد "خلل إداري" إلى كونه مرتبطاً بتوازنات سياسية وعسكرية ومصالح نافذة يصعب تجاوزها بسهولة. وفي رأي المقطري فإن "استمرار السيطرة على المباني والمنشآت يبعث رسالة واضحة بأن القرار العسكري ما زال يتغلب على القرار المدني، وأن بعض الأطراف لا تزال تنظر إلى المباني والمنشآت كأوراق نفوذ أكثر من كونها مرافق لخدمة المجتمع". وأشارت إلى أن فتح هذا الملف في هذا التوقيت "هو نتاج طبيعي واستجابة متأخرة للضغط الشعبي المتزايد الذي يطالب بعودة المؤسسات لمهامها الطبيعية منذ 2018، وإشارة لمحاولة تصحيح صورة الوضع أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، خصوصاً بعد مقتل مديرة صندوق النظافة والتحسين". بدوره شدد الناشط الحقوقي المحامي ياسر المليكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "من غير الطبيعي السيطرة على المؤسسات والمباني الخاصة من قبل مسلحين ينتمون للجيش ويطوعونها لمصالحهم الخاصة"، موضحاً أنّ "استمرار ذلك إهانة بحق تعز وبحق الجيش كله". أما بشأن سيطرة الجيش ككيان رسمي على المؤسسات، بحسب المليكي "فهنالك بعض منها لا مجال له غير البقاء فيها في ظل انعدام المعسكرات الرسمية، والبعض الآخر، الزائدة عن حاجته، لا مجال للبقاء فيها بالمطلق وينبغي تسليمها". ياسر المليكي:  السيطرة على المباني الخاصة من قبل الجيش أو غيره هو عمل غير أخلاقي وبالنسبة للمباني الخاصة وسط المدينة، فقد قال إن "السيطرة عليها من قبل الجيش أو غيره، هو عمل غير أخلاقي ويتنافى مع القيم التي يعلن الجيش مراراً القتال من أجلها". أما المباني بالقرب من خط النار، ففي اعتقاد المليكي، "ما يمكن الوصول إليها بلا مخاطر كبيرة فيمكن استئجارها بلا مقابل كما قررت اللجنة المشكلة سابقاً برئاسة النائب علي المعمري، والخروج منها فور تحرير الجبهة المحاذية لها، أما ما كان منها غير قابل الوصول إليها فهي بحكم المواقع العسكرية التي يصعب إخلاؤها" معتبراً أن "هذا الأمر الخاص بالمنازل يحتاج إلى لجنة فنية لتحديده".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية