
طورت السلطات الجزائرية برنامجاً لدعم تعليم نزلاء المؤسسات العقابية ضمن برنامج إصلاح السجون الذي أطلق في عام 2003، بدعم من الاتحاد الأوروبي. وخلال السنوات الأخيرة حقق هذا البرنامج نتائج جيدة على صعيد حصول السجناء على شهادات البكالوريا (الثانوية) والتعليم المتوسط، كما وفر للمئات منهم فرصاً لاستكمال مستواهم التعليمي، ومعارفهم الثقافية أو رفعها، أو حتى الانخراط في التعليم العالي والحصول على شهادات جامعية.
ويتقدم 7244 من نزلاء سجون الجزائر حالياً إلى امتحانات البكالوريا داخل مراكز أعدت خصيصاً لذلك داخل المؤسسات العقابية. وبحسب بيانات المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فإن من بينهم 195 امرأة وثلاثة من الأحداث على مستوى 56 مؤسسة عقابية، ويجري الامتحان بتنسيق مباشر بين مديرية السجون ووزارة التربية الوطنية والديوان الوطني للامتحانات والمسابقات.
وخلال العام الدراسي 2024، بلغت نسبة النجاح الوطنية في امتحانات البكالوريا التي خاضها المساجين الجزائريون 63%، ووصل عدد الناجحين منهم إلى 3477 مسجوناً، من بينهم 90 امرأة، وهي نسبة جيدة مقارنة مع طبيعة المؤسسات العقابية وظروف السجن غير المثالية مقارنة مع بقية المترشحين للبكالوريا.
ولا يترك المساجين المسجلون في إطار النظام التعليمي لمبادرتهم الذاتية، بل تحرص إدارة السجون على توفير المعلمين المتعاقدين في إطار تعاون قائم بين وزارة التربية ووزارة العدل، ويقدم هؤلاء الأساتذة الدروس المقررة، وكل الدعم البيداغوجي اللازم للمساجين لتحضيرهم للامتحان، كما تزودهم بالكتب والمناهج، وتتاح لهم أوقات للمراجعة في مكتبات السجن.
قبل عام، أنهى الشاب الجزائري حسين، فترة عقوبة في سجن القليعة الواقع بالضاحية الغربية من العاصمة الجزائرية، في قضية شجار وتحطيم لأملاك الغير، ويقول لـ"العربي الجديد": "كان الأمر تهوراً مني، وقد نلت عقابي، وتلك الفترة صارت خلفي الآن، لكن أفضل ما عشته فيها كان أنني استفدت كثيراً في تحسين مستواي الدراسي، وقد ساعدتني إدارة السجن في استكمال الدراسة. حين دخلت السجن كنت مسجلاً في الصف الثاني الثانوي، وفي العام التالي تقدمت إلى امتحان البكالوريا، ولم أنجح في المرة الأولى، لكني أعدت الامتحان في السنة اللاحقة، وكانت آخر سنة لي في السجن، واجتزت البكالوريا، وبعدها بشهرين انتهت فترة محكوميتي، فكانت الفرحة فرحتين، الإفراج والبكالوريا. أشهد أن إدارة السجن توفر لنا الأساتذة والكتب وغيرها من ظروف التركيز والدراسة، ما يمكّن السجين من مواصلة دراسته، وهذا أسلوب جيد ونظام مهم".
وفي غضون السنوات الأخيرة، شجعت السلطات الجزائرية مئات المساجين على الحصول على شهادة البكالوريا لغرض الحصول على تدابير عفو، أو تخفيض العقوبات أو استبدالها. وخلال العام الماضي، تم الإفراج عن 90 محبوساً من الناجحين في البكالوريا بعد استفادتهم من مرسوم عفو في إطار القانون العام، واستفاد 35 محبوساً آخرين نجحوا في الامتحانات من تخفيض جزئي للعقوبة المتبقية.
يقول المحامي أمير فصيح لـ"العربي الجديد": "هذا الأسلوب يحفز المئات من المساجين على مواصلة الدراسة والحصول على شهادات، ما يمكّنهم من الاستفادة من تدابير الإفراج وتخفيض العقوبات، كما يوفر لهم إمكانيات أوسع للاندماج الاجتماعي، وفتح آفاق علمية، مع وجود برامج تكوين وتدريب أخرى في السجون تخص الحرف والمهن المختلفة".
وإضافة إلى من يخوضون امتحانات البكالوريا في العام الحالي، أعلنت وزارة العدل الجزائرية أن أكثر من خمسة آلاف من المحبوسين المسجلين في برامج الدراسة، مسجلون على لائحة اجتياز امتحانات التعليم المتوسط، والتي جرت في نهاية شهر مايو/أيار الماضي، ومن بينهم 57 امرأة و20 حدثاً (قاصر)، وتم تجهيز 56 مركزاً امتحانياً داخل المؤسسات العقابية لإجراء الامتحانات الرسمية بالتنسيق مع وزارة التربية، ما يعكس نجاحاً كبيراً لبرامج التعليم في السجون الجزائرية خلال السنوات الأخيرة.

أخبار ذات صلة.
