تصاعد الصدام بين القضاة والمحامين في مصر: القضاء يحظر جمعية المحامين
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

في تصاعد كبير لخط الأزمة بين نقابة المحامين ومؤسسة القضاء المصري، قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار مجلس النقابة بعقد جمعية عمومية طارئة، كانت مقررة السبت 22 يونيو/ حزيران الحالي، للتصويت على خطوات تصعيدية ضد الرسوم القضائية المستحدثة. ووضع الحكم، الذي اعتبر أن الدعوة لانعقاد الجمعية "افتقرت للسبب القانوني"، واتهم مجلس النقابة بـ"التهرب من اختصاصاته"، الأزمة في طور جديد من التوترات المتبادلة بين جناحي العدالة: القضاة والمحامين.

ولم يُقرأ الحكم القضائي فقط باعتباره اعتراضاً على إجراءات مجلس النقابة، بل اعتُبر من جانب قطاعات واسعة من المحامين بمثابة سابقة تمس استقلالية العمل النقابي، وتضعه تحت سلطة قضائية مباشرة، خصوصاً وأن الجمعية العمومية كانت ستناقش وسائل اعتراض سلمية مشروعة كالإضراب والاعتصام. وتكررت التحذيرات من داخل النقابة، من المساس بالحق في الاجتماع، واتخاذ القرار داخل الجمعيات العمومية، في ظل ما وصفه أعضاء بمجلس النقابة بمحاولات فرض الأمر الواقع من جانب الهيئات القضائية، عبر قرارات إدارية ذات طابع مالي، دون الرجوع إلى البرلمان أو الجهات المختصة.

وفي حيثيات حكمها الصادر بوقف انعقاد الجمعية العمومية، مساء أمس الأربعاء، اعتبرت محكمة القضاء الإداري أن دعوة مجلس النقابة لعقد الجمعية "افتقرت إلى سبب واقعي وقانوني"، مشيرة إلى أن اللجوء إلى خيارَي الإضراب والاعتصام، يُعدّ "تمهيداً لتكريس أمر واقع بانتزاع ما يدّعيه حقاً بغير الأطر الدستورية الحاكمة في الدولة القانونية". وأكدت المحكمة أن هذه الخطوة من شأنها "تعطيل مرفق العدالة، والنيل من حق التقاضي والإخلال بدولة القانون"، موضحة أن حرية الرأي والتعبير، وإن كانت مكفولة دستورياً، فإن ممارستها يجب أن تراعي التوازن مع مبدأ الفصل بين السلطات، واحترام الآليات القانونية للاعتراض على القرارات الإدارية.

وخلصت المحكمة إلى أن مجلس النقابة "تهرّب من أداء اختصاصاته القانونية، وورّط الجمعية العمومية في صراع سياسي إداري لا يدخل ضمن نطاقها المشروع"، معتبرة أن ما جرى يمثل "توظيفاً غير مشروع لصلاحيات المجلس، يهدد التوازن المؤسسي لمرفق العدالة". وقال عضو مجلس النقابة العامة للمحامين، أشرف عبد الغني، إن الرسوم المفروضة على الخدمات القضائية تمثل تهديداً مباشراً لحق التقاضي، مشيراً إلى أن فرض مثل هذه الأعباء المالية يحوّل العدالة إلى امتياز لمن يستطيع تحمل كلفتها.

وأوضح عبد الغني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن نقابة المحامين لم تقف مكتوفة الأيدي منذ بداية الأزمة، بل خاضت سلسلة من الإجراءات التصعيدية المنظمة، بدأت بتنظيم وقفات احتجاجية، ومقاطعة التعامل المالي مع محكمة الاستئناف، وتطورت لاحقاً إلى الامتناع عن حضور جلسات الجنايات، مع التلويح بخيار الإضراب الشامل أمام مختلف المحاكم. وحول موقف النقابة من اللجوء للقضاء للطعن في الرسوم، أشار عبد الغني إلى أن مجلس النقابة كان يدرك أن رفع دعوى ضد القرار سيلقى مصير الرفض بدعوى "عدم الاختصاص"، رغم أن طبيعة القرار، بحسب رأيه، إدارية بحتة وليست قضائية، ما يضع المحامين أمام واقع قانوني معقد.

وأضاف أن الحق في الطعن لا يزال قائماً بالنسبة للمحامين بصفتهم الفردية أو الجماعية، خصوصاً إذا فُرض عليهم سداد تلك الرسوم، مما يمنحهم الصفة القانونية لمواجهة القرار أمام مجلس الدولة. وأعلن عضو مجلس النقابة، ربيع الملواني، أن الجمعية العمومية للنقابة ستنعقد في موعدها "تحت أي مسمى"، مؤكداً في بث مباشر عبر منصة "فيسبوك" أن الاعتصام والإضراب "وسيلتان قانونيتان مشروعتان للتعبير عن الرفض لرسوم غير دستورية تمثل جباية لن نقبلها". وأضاف: "كان أولى بالمحكمة أن تسأل من فرضوا الرسوم عن تعسفهم بدلًا من اتهامنا بتعطيل مرفق القضاء".

وأكد الملواني أن "اجتماع المحامين السلمي في مقر النقابة السبت المقبل هو حق لا يمكن مصادرته"، كاشفاً عن اعتزام النقابة الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا. ومن المقرر أن يحسم مجلس النقابة موقفه من الحكم خلال اجتماع طارئ دعا إليه النقيب عبد الحليم علام مساء اليوم الخميس، بحضور النقباء الفرعيين، في مقر نادي المحامين بمدينة السادس من أكتوبر.

وتعود الأزمة إلى مطلع مارس/ آذار الماضي، حين أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار محمد نصر سيد، قراراً إدارياً استحدث بموجبه رسوماً جديدة على "خدمات مميكنة، أبرزها: "مراجعة الحوافظ" بقيمة 33 جنيهاً لكل ورقة، ورفع رسوم الشهادات إلى 60.5 جنيهاً، والحصول على الصيغة التنفيذية من الأحكام إلى 242 جنيهاً. واعتبر المحامون أن تلك القرارات تشكّل عبئاً مالياً إضافياً غير دستوري وغير مستند إلى تشريع، بينما دافعت دوائر قضائية عن القرار، باعتباره جزءاً من جهود تطوير العمل الرقمي داخل المحاكم.

ومع تزايد الاعتراضات، دعا مجلس نقابة المحامين منتصف مايو/ أيار إلى عقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة سبل التصعيد، الأمر الذي واجهته بعض الهيئات القضائية برفض مباشر، قبل أن تفصل فيه محكمة القضاء الإداري بالحظر القضائي. ولم تعد الأزمة محصورة بين النقابة والهيئات القضائية، إذ بدأت تظهر تداعياتها المباشرة على المتقاضين، الذين يواجهون صعوبات متزايدة في استخراج مستندات، أو إتمام إجراءاتهم القضائية، في ظل حالة من الشلل الجزئي الذي أصاب بعض المحاكم، خاصة بعد تلويح بعض النقابات الفرعية بإجراءات تصعيدية.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية