
حذر الخبير الاقتصادي ومؤرخ النفط العالمي دانييل يرجن، نائب رئيس "ستاندرد آند بورز غلوبال"، من أن الأيام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل أسواق الطاقة العالمية، في ظل تصاعد الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، التي تدخل يومها السادس. وقال يرجن، الفائز بجائزة بوليتزر ومؤلف كتاب "الجائزة"، في حديث لوكالة "رويترز" على هامش مؤتمر آسيا للطاقة: "نبدو وكأننا نعيش ذروة معركة بدأت منذ 46 عاما"، في إشارة إلى أزمة الرهائن الإيرانية عام 1979، مشددا على أن أي تطور نوعي في هذه المواجهة قد يقلب المعادلات الاستراتيجية للأسواق.
وتتبادل إيران وإسرائيل الضربات الصاروخية لليوم السادس، في وقت دعا فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران "للاستسلام غير المشروط" بعدما غادر قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى مبكرا بسبب الأزمة. وقال يرجن: "إدارة ترامب تبعث بإشارات شديدة الوضوح. مغادرة الرئيس لاجتماع مجموعة السبع مبكرا رسالة واضحة. هذا موقف غير مسبوق". وتابع: "إن تعليقات أدلى بها ترامب أخيرا تشير إلى احتمال عقد محادثات (...) في تلك المرحلة السؤال هو من سيتفاوض عن الجانب الإيراني؟ يبدو أن قنوات الاتصال واتخاذ القرار في إيران هي نفسها التي تعطلت".
وهددت إيران من قبل بإغلاق مضيق هرمز، وهو ممر مائي حيوي بين الخليج وخليج عمان تمر منه إمدادات نفط توازي نحو 20% من إجمالي الاستهلاك العالمي. وقال يرجن "إذا تم إغلاق مضيق هرمز فبالطبع وعلى الفور سينعكس ذلك على أسعار النفط". وتابع قائلا "لكنني أعتقد أنه لا يجب التقليل من حقيقة أن البحرية الأميركية كان لديها نحو 40 عاما لتستعد لما يجب أن تفعله، وبالتالي فإنه لن يظل مغلقا وسيتكبد الذين سيغلقونه ثمنا باهظا".
أسعار النفط تواصل الارتفاع
وفي السياق، ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية اليوم الأربعاء، بعدما أنهت الجلسة السابقة على زيادة بأكثر من أربعة بالمئة وسط مخاوف من أن يؤدي الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى تعطيل الإمدادات. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 26 سنتا، بما يعادل 0.3%، إلى 76.71 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 35 سنتا، أو 0.5%، إلى 75.19 دولاراً للبرميل، بحسب رويترز.
وقال محللون إن السوق قلقة إلى حد كبير من تعطل الإمدادات في مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله خُمس النفط المنقول بحرا في العالم. وإيران ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إذ تستخرج نحو 3.3 ملايين برميل يوميا من الخام، لكن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى المنتجين في (أوبك) وحلفائها قادرة على تغطية هذا الكم بسهولة. وبحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في مذكرة للعملاء، فإن "أي خلل جوهري في البنية التحتية للإنتاج أو التصدير في إيران سيزيد الضغط على الأسعار. لكن حتى في حال توقف جميع الصادرات الإيرانية، يمكن تعويضها من خلال الطاقة الإنتاجية الفائضة من منتجي أوبك+... حوالي 5.7 ملايين برميل يوميا".
وقفزت أسعار خام برنت بنحو عشرة دولارات للبرميل خلال الأسبوعين الماضيين، وتوقع محللو فيتش اقتصار علاوة المخاطر الجيوسياسية في أسعار النفط على ما يتراوح بين خمسة وعشرة دولارات تقريبا. وفي مؤشر آخر إلى اضطرابات سوق الطاقة، قالت مصادر في السوق إن علاوة خام برنت فوق خام دبي القياسي للشرق الأوسط ارتفعت إلى ما يزيد عن ثلاثة دولارات للبرميل اليوم الأربعاء، لتصل إلى ما تشير بيانات مجموعة بورصات لندن إلى أنه أعلى مستوى منذ أواخر سبتمبر/ أيلول 2023. كما تترقب الأسواق أيضا اليوم الثاني من مناقشات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) اليوم الأربعاء، إذ من المتوقع أن يبقي على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في نطاق بين 4.25% و4.50%.
رغم ذلك، قال توني سيكامور، محلل الأسواق لدى آي.جي، إن الصراع في الشرق الأوسط وخطر تباطؤ النمو العالمي قد يدفعان المجلس إلى خفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في يوليو/ تموز، وهو ما يسبق الموعد الذي تتوقعه السوق حاليا وهو سبتمبر/ أيلول. وأضاف "يمكن أن يصبح الوضع في الشرق الأوسط حافزا للاحتياطي الفيدرالي ليبدو أكثر ميلا للتيسير، كما فعل في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023". ويعزز انخفاض أسعار الفائدة بشكل عام النمو الاقتصادي والطلب على النفط. لكن ما يربك قرار الاحتياطي الفيدرالي هو أن الصراع في الشرق الأوسط يتسبب أيضا في مصدر جديد للتضخم من خلال دفعه أسعار النفط للارتفاع.
(رويترز، العربي الجديد)
