الحرب تُشغل المغاربة بأسعار الوقود.. وقلق على موازنة تونس
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

ينشغل المغاربة بتداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية على أسعار النفط في السوق الدولية، بعدما كانت أحداث سابقة أفضت إلى زيادة فاتورة واردات المملكة والتسبب في قفزات قوية في سوق السولار والبنزين. وفي الوقت الذي كان المغاربة يترقبون انخفاض أسعار السولار والبنزين بعدما تراجع سعر برميل النفط إلى ما دون 70 دولاراً، تدفع الأنباء الواردة من الشرق الأوسط، المراقبين إلى التساؤل حول المستوى الذي يمكن أن يصل إليه سعر الوقود في سوق التجزئة. عند سؤال الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، الحسين اليماني، حول تأثير ما يقع حول مضيق هرمز على سوق المحروقات في المغرب، يحيل على أهمية ذلك المضيق الدي تعبر منه حوالى خُمس كميات النفط العالمية.

أزمة الممرات المائية

ويضيف اليماني في تصريح لـ"العربي الجديد": "في حال طال أمد الحرب وتوسعت، وضرب مصادر الطاقة والممرات المائية، فإن سعر البرميل سيحلق عالياً وربما قد تعرف بعض الدول ذات المخزونات الضعيفة، صعوبات في التزود أو حتى انقطاعات في التزود". ويبقى التعاطي مع احتمالات ارتفاع أسعار النفط في هذه الفترة رهيناً بمستوى المخزون الاستراتيجي من السولار والبنزين وغاز البوتان، والذي يفترض حسب القانون أن يمثل الحد الأدنى منه 60 يوماً من الاستهلاك، غير أنّ اليماني يلاحظ أن المخزون الذي تكونه شركات المحروقات يكون أدنى من السقف الذي يحدده القانون. ويتجلى أن تطور أسعار البترول في حال طال أمد الحرب يمكن أن ينعكس بقوة على سوق التجزئة في المغرب باعتبار استيراد المملكة حوالى 94% من حاجتها من الطاقة.

ويستحضر رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، الاقتصادي جواد الكردودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تداعيات ارتفاع سعر النفط على أسعار التجزئة والقطاعات الإنتاجية والخدماتية في حال قفز سعر برميل النفط إلى مستويات قياسية، مذكراً بالوقت التي كان بلغ فيها 140 دولاراً للبرميل، في 2022 إثر الحرب الروسية الأوكرانية. وكان أعلى سعر منذ 14 عاماً. وكان ارتفاع سعر النفط في سياق تلك الحرب، قفز بسعر السولار إلى حوالى 1.6 دولار للتر الواحد في الفترة الأخيرة، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار يقضي بتوفير دعم لأصحاب نقل السلع والأفراد بهدف تفادي زيادة أسعار.

ويشير الكردودي إلى أن ارتفاع سعر النفط بفعل التوتر بين إسرائيل وإيران من شأنه أن يفضي إلى ارتفاع الأسعار في سوق التجزئة، علماً أن سعر السولار يصل في الفترة الحالية إلى 1.17 دولار. ودأبت شركات المحروقات على التأكيد أن الأسعار في السوق المحلية تحدد على أساس سعر الخام المكرر في سوق "روتردام"، وتضاف إليه كلفة التأمين والنقل، ناهيك بالضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي تمثل 40% من مجمل السعر. ويؤكد أن ارتفاع سعر الوقود سيكون له تأثير على القطاعات الإنتاجية والخدمات، وميزان الأداءات بالنظر لتوقع ارتفاع فاتورة النفط، كما حدث في 2022. وكانت مشتريات المغرب من منتجات الطاقة قفزت في عام 2022، حسب مكتب الصرف، إلى 15.3 مليار دولار، مقابل 7.5 مليارات دولار في 2021، ما ساهم في تدهور عجز الميزان التجاري.

قلق على موازنة تونس

تبدي الأوساط الاقتصادية في تونس قلقاً من ارتدادات سريعة للعدوان الإسرائيلي على إيران والتأثيرات المرتقبة على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة على الموازنة العامة للبلاد التي لم تتجاوز بعد تأثيرات الجائحة الصحية والحرب الروسية الأوكرانية. وخلال السنوات الماضية، عانت تونس من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ما أدى إلى توسع عجز الموازنة وزيادة حاجيات البلاد للاستدانة الداخلية والخارجية لتأمين واردات المواد الأساسية. تمكنت تونس خلال الربع الأول من العام الحالي من الحفاظ نسبيا على توازنات الموازنة وتحقيق فائض بقيمة ملياري دينار خلال الأشهر الثلاثة الاولى من 2025، ما يُمثّل زيادة، في هذا الفائض، بـ 74%، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024 مستفيدة من استقرار أسعار النفط والغذاء في السوق العالمية منذ بداية السنة.

غير أن سيناريوهات توسع عجز الموازنة باتت أقرب حسب المحلل الاقتصادي ورئيس غرفة باعثي المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص، نتيجة تأثير التوترات الجيوسياسية على أداء الاقتصاد العالمي، بخاصة في منطقة الشرق الأوسط. يقول حواص لـ"العربي الجديد" إن تزايد وتيرة النزاعات الإقليمية سيؤدي حتما إلى تعميق حالة عدم اليقين، ما يضعف آفاق الاستثمار، ويؤثر سلباً على تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة ومن بينها تونس، التي تعاني في الأصل من هشاشة هيكلية ومحدودية الحيز المالي المتاح للتدخل.

ويؤكد حواص أن ارتفاع أسعار الطاقة دوليا قد يدخل البلاد في دورة تضخم جديدة ويؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات. ويستند المحلل الاقتصادي في توقعاته إلى تحاليل خبراء البنك الأميركي متعدد الجنسيات للخدمات المالية "جي بي مورغان" الذي رجح ارتفاع سعر برميل النفط إلى 120 – 130 دولارا نتيجة العدوان الإسرائيلي على إيران. ويعتقد أن تونس تواجه أيضاً تأثيرات ارتفاع كلفة شحن التي ستنعكس على الأسعار النهائية عند الاستهلاك. ورغم المخاطر المتعددة التي تحدق بالاقتصاد التونسي يرى حواص أن هذه الأزمة توفر فرصاً ينبغي على تونس اغتنامها، شريطة اعتماد سياسات مرنة واستباقية.

ارتفاع أسعار الطاقة

يتابع حواص: "يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التكاليف العالمية إلى إعادة تشكيل خريطة التموضع الصناعي والاستثماري، ما يتيح لتونس إمكانية لعب دور بديل في بعض سلاسل القيمة العالمية، خصوصا في القطاعات ذات القيمة المضافة المتوسطة مثل الصناعات الإلكترونية، والتجميع، والصناعات الدوائية". ويشرح أن حالة التوتر الأمني في منطقة الشرق الأوسط عموما ستعيد توزيع حركة السياحة في المنطقة بشكل عام، وهو ما يخدم تونس عبر تحويل جزء من سياح السوق المصرية أو منطقة النزاع نحو دول جنوب المتوسط ومن بينها تونس. ومنذ بداية السنة الحالية ترسم سلطات تونس توقعات متفائلة بتحقيق نسبة نمو اقتصاد تصل إلى 3.2% مع نهاية العام الحالي رغم عدم تخطي هذه النسبة عتبة 1.6% خلال الربع الأول من السنة.

ويرى حواص أنّ من المهم أن تبادر السلطات بتفعيل دور المرصد الوطني للاقتصاد لمراقبة الأسعار وتقديم تنبؤات دقيقة لتوجيه السياسات وتنسيق أكبر بين السياسة النقدية والمالية لحماية التوازنات الكبرى دون خنق الدورة الاقتصادية.
كما شدد المتحدث على أهمية استغلال موقع تونس الجغرافي القريب من أوروبا لجذب استثمارات وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل الإجراءات للمستثمرين الأجانب، بخاصة في القطاعات الحساسة لسلاسل القيمة كالصحة والغذاء والخدمات الرقمية. ويدعو حواص إلى إطلاق خطوط تمويل خاصة للمؤسسات المتضررة من تقلّبات الأسواق العالمية، وتقديم حوافز للمؤسسات التي توفّر بدائل محلية للمواد أو المنتجات المستوردة بأسعار مرتفعة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية