مخاطر التلوث الإشعاعي وسبل التعامل معها
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

برزت مخاوف وتساؤلات متعدّدة بشأن المخاطر الإشعاعية المحدقة في ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي على إيران، والتهديدات الجديّة التي تطاول المفاعلات والمنشآت النووية، وتأثيراتها على السكان في المناطق المحيطة، وفي البلدان المجاورة. ويؤكد خبير الطاقة الذرية المصري، علي عبد النبي، أنه "في حال حدوث كوارث نووية، فإن محطات رصد الإشعاع النووي التي تدعمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتولى تحذير سلطات الدول المعرضة للمخاطر، أو القريبة من مناطق وجود مفاعلات نووية، ولدى غالبية هذه الدول خطط طوارئ جاهزة لمواجهة خطر الإشعاعات النووية، تهدف إلى توفير المعدات والمعلومات للمواطنين لمساعدتهم في مواجهة حالات التسرّب النووي".

وقال عبد النبي لـ"العربي الجديد" إن "التسرب النووي مهما كانت خطورته لا يقارن أبداً بتداعيات الانفجار الناتج عن قنابل نووية، كون القنابل تطلق سحابة نووية هائلة على شكل فطر، وتسبب تدميراً شاملاً في محيط دائري بمساحة تمتد إلى عدة كيلومترات، وتنتشر الانبعاثات الناتجة عنه بسرعة هائلة إلى طبقات الجو العليا، وفي البيئة المحيطة بمكان الانفجار". ويفصل مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، بلال نصولي، لـ"العربي الجديد" أن "المخاطر الناجمة عن التسرّب الإشعاعي تطاول الهواء والمياه والتربة والبيئة، لكن لا يمكن توجيه الإرشادات قبل رصد نسبة التلوث الإشعاعي وطبيعته، فلكل مستوى إشعاعي إرشاداته الخاصة. وعموماً تتراوح نسب الإشعاع الطبيعي في الهواء بين 50 و200 نانو سيفرت/ ساعة (nSv/h)، وتعدّ وحدة القياس هذه مؤشّراً إلى نسبة الإشعاعات التي يمكن أن يتعرّض لها الشخص خلال الساعة، وهي تتفاوت بحسب جغرافية الأرض ونوعية التربة". 
ويعدّد نصولي المستويات الستّة للإشعاعات، إذ يعبّر أول مستوى عن منطقة المفاعل النووي، أو المنطقة الساخنة، والتي تضم مستويات إشعاع تتجاوز مليون نانو سيفرت/ ساعة، حيث ينبغي الإخلاء الفوري لكل كائن حي، وارتداء عمّال الإغاثة والطوارئ الألبسة والأقنعة الواقية. أما المستوى الثاني فيشمل المنطقة المحيطة بالمنطقة الساخنة، حيث تتراوح نسبة الإشعاع بين 100 ألف ومليون نانو سيفرت/ ساعة، وهناك خطورة عالية في بقاء الأشخاص في هذه المنطقة، فالإشعاعات تتسبب فوراً بارتفاع حرارة الجسم، وبحروق متباينة، وتنشق المواد المشعة يحمل مخاطر جمّة على الصحة العامة.
ويشمل المستوى الثالث المنطقة الواجب إخلاؤها سريعاً، والتي تتراوح نسبة الإشاعات فيها بين 20 ألفاً و100 ألف نانو سيفرت/ ساعة، والبقاء فيها يزيد من خطر الإصابة بالأمراض السرطانية، وتنبغي مراقبة المنطقة ورصد نسب الإشعاع فيها قبل السماح للسكان بالعودة إليها. ويشمل المستوى الرابع المنطقة التي تستدعي تدابير وقائية، وتتراوح نسبة الإشعاع فيها بين 5000 و20 ألف نانو سيفرت/ ساعة، وفي منطقة المستوى الخامس تتراوح نسبة الإشعاع بين 200 و5000 نانو سيفرت/ساعة، وتعد منطقة صالحة لفترات البقاء القصيرة فقط. وفي المستوى السادس، تتراوح نسبة الإشعاع بين 50 و200 نانو سيفرت/ ساعة، وهو الوضع الطبيعي.

`

ويتحفّظ نصولي على اتخاذ إجراءات استباقية، ويؤكد أن "الإجراءات تتخذ بعد رصد معطيات واضحة حول نسبة الإشعاع، ووفق تلك المعطيات تبنى خطة الطوارئ الإشعاعية، وتتخذ التدابير المناسبة بعد حساب سرعة الرياح واتجاهها. نحن في فصل الصيف، ما يعني أن الغبار النووي العابر، في حال وجوده، لن يتمكن من التموضع في النظام البيئي، وعليه لن يتسرّب إلى التربة والأشجار والمياه الجوفية نتيجة غياب الأمطار".
ويحذّر مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية من "الإرشادات الزائفة التي يتم تداولها، مثل دعوة الأفراد إلى تناول أقراص اليود، مؤكداً أن "أقراص اليود تُعطى فقط لسكان المناطق الساخنة عند رصد تجاوز مستوى اليود المشع 20 ألف بيكريل (وحدة قياس النشاط الإشعاعي). في حال انفجر مفاعل ديمونة، لن يصل إلى مدينة صور في جنوب لبنان سوى 5 بيكريل، كون المسافة بينهما تقارب 500 كيلومتر، بينما على العاملين في المفاعل والمقيمين بالمنطقة تناول جرعة معينة من (البوتاسيوم يوديد) من أجل حماية الغدة الدرقية. عندما وقعت كارثة فوكوشيما النووية في عام 2011، رصدنا في لبنان نسبة يود مشع لا تتطلب أي إجراء وقائي، وكذلك الحال عندما وقعت كارثة تشيرنوبيل، إذ رصدنا كميات هزيلة من السيزيوم 134 والسيزيوم 137".

ويقول الخبير البيئي العراقي زهير الزبيدي، لـ"العربي الجديد": "ينبغي الاستعداد لأي طارئ، وإمداد المناطق الحدودية مع إيران بالملابس الواقية والكمامات، ونشر الوعي الوقائي بين السكان، ولا يمكن أن يقتصر العمل على الداخل العراقي، بل يجب التعاون مع الجانب الإيراني لضمان عمليات الرقابة، والتنبيه حول أي ملوثات، خاصة وأن التلوث الإشعاعي ينتقل عبر الهواء بسرعة كبيرة، واليورانيوم المنضب، وهو عبارة عن غبار، يجعل المناطق التي يصل إليها غير صالحة للسكن لفترة من الزمن حتى يتم تطهيرها".
وكشف مرصد "العراق الأخضر" البيئي أنّ ثمّة حاجة إلى جهد مكثّف لمتابعة الأوضاع الإشعاعية على مدار الساعة، وتسجيل نشاطات مختلف العناصر المشعة في الجوّ، الطبيعية منها وغير الطبيعية، والتعاون مع الدول المجاورة التي تمتلك إمكانات حديثة لمراقبة أيّ نشاط إشعاعي مستقبلي في الأيام المقبلة، لتنبيه المواطنين تجاهه مبكراً. وأوضح المرصد أنّ "تأثير أيّ نشاط سحابي إشعاعي يتوجّه إلى العراق في حال تعرّض أيّ منشأة نووية إيرانية لتدمير مباشر سيكون على الأراضي الزراعية، ثمّ على مصادر المياه المكشوفة، وسيكون التأثير المباشر طفيفاً على الإنسان في حال التعرّض المباشر للإشعاع".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية