الحرب الإيرانية الإسرائيلية تخنق واردات العراق
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

يرفع استمرار الحرب الإيرانية الإسرائيلية من منسوب عدم الاستقرار الاقتصادي والخلل بالميزان التجاري في العراق، بسبب تداعياتها المباشرة على حجم التبادل التجاري غير النفطي مع طهران.
ويعد العراق مستورداً رئيسياً للسلع غير النفطية من إيران، حيث تُقدر قيمة الواردات منها بنحو 20 مليار دولار سنوياً، في حين بلغت 1.5 مليار دولار خلال الشهرين الأولين من العام الإيراني الحالي (من 21 مارس/آذار إلى 21 مايو/أيار من العام الجاري 2025) وفق مصلحة الجمارك في إيران.

وهذا الاعتماد يتجسد في دخول آلاف الشاحنات المحملة يومياً عبر المنافذ الحدودية، ناقلة سلعاً تُعد عصب الحياة اليومية والإنشاءات في السوق العراقية، فتعتمد العديد من القطاعات على المنتجات الإيرانية مثل السلع الغذائية (كالخضروات والفواكه الطازجة، ومنتجات الألبان التي تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات سنوياً)، ومواد البناء (مثل السيراميك والحديد والإسمنت التي تقدر بعشرات الملايين)، وصولاً إلى المنتجات الصناعية المتنوعة.

يرى مختصون أن أي تصعيد للصراع، سواء بشكل مباشر أو عبر التأثير على طرق التجارة وسلاسل الإمداد، سيؤدي حتماً إلى اضطراب كبير في تدفق هذه السلع إلى العراق وإرباك في السوق المحلية.

تحذيرات من استغلال التجار

من جهتها، أكدت وزارة التجارة العراقية أن حركة التبادل التجاري مع إيران مستمرة بشكل طبيعي حالياً، لكن هناك مخاوف جادة من استغلال بعض التجار للظروف الراهنة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد حنون، إن وزارة التجارة تمكنت من تأمين كميات كبيرة من الحبوب كالقمح والأرز، إضافة إلى الزيوت والسكر والبقوليات والطحين، وذلك بدعم فاعل من القطاع الخاص العراقي.

وأوضح حنون لـ"العربي الجديد"، أن هذه الكميات تغطي الحاجة المحلية لفترات زمنية مناسبة، مما يعزز قدرة الدولة على مواجهة أي ظرف طارئ أو اضطراب إقليمي قد ينجم عن الأوضاع الراهنة بين إسرائيل وإيران أو غيرها من التحديات.
وأضاف، أن الوزارة تعمل بجد على متابعة الأسواق وضبط الأسعار ومراقبة جودة المواد المطروحة، والتنسيق الوثيق مع المنافذ الحدودية والموردين لتأمين بدائل استيرادية فعالة وسريعة عند الحاجة.
وشدد، على أن الإجراءات المتخذة كفيلة بحماية الأمن الغذائي الوطني، والتزام الوزارة الكامل بتنفيذ توجهات الحكومة والعمل بمسؤولية عالية لحماية الأمن الغذائي للمواطنين، والاستعداد لأي طارئ في ظل المتغيرات الإقليمية الراهنة التي قد تؤثر على حركة التجارة الدولية.

ضبابية السوق في العراق

في السياق، قال رئيس اتحاد رجال الأعمال في محافظة البصرة، صبيح الهاشمي، إن الحركة التجارية مع الجانب الإيراني تتسم حالياً بـ "الضبابية"، فبينما لا تزال البضائع تتدفق عبر المنافذ الحدودية، فإن وتيرة هذه الحركة قد تأثرت بالفعل بالمخاوف الأمنية وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، أوضح الهاشمي أن أبرز المعوقات التي تواجه التجار اليوم تتمثل في تقلبات سعر الصرف، الذي تجاوز حاجز الـ1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، مما يزيد كلفة الاستيراد على التاجر العراقي.
وحذر الهاشمي، من مخاوف فرض قيود دولية جديدة قد تؤثر على حركة التجارة مع إيران بشكل مباشر أو غير مباشر، أو حدوث اضطرابات أمنية أكبر في المنطقة تؤدي إلى إغلاق المنافذ أو تعطل خطوط الشحن، مما سيخلق نقصاً في المعروض من السلع الأساسية التي تعتمد عليها السوق المحلية.
وبخصوص وضع السوق في إيران، بيّن الهاشمي أنه يشهد تقلبات داخلية متأثرة بالضغوط الاقتصادية والعقوبات، مما قد يؤثر على استقرار الأسعار وقدرة المنتجين الإيرانيين على الوفاء بالكميات المطلوبة، خاصة مع التركيز الإيراني على تأمين احتياجاته الداخلية أولاً في أوقات الأزمات.

أما عن وضع السوق العراقي، فقد حذر الهاشمي من أنها ستكون المتضرر الأكبر، فمع أي نقص في الواردات من إيران أو ارتفاع في تكلفتها، سنشهد ارتفاعاً في أسعار السلع الغذائية ومواد البناء، مما سيزيد من مستويات الأسعار محلياً.

تداعيات وخيمة على السوق

حذّر الباحث الاقتصادي، أحمد عبد الله، من تداعيات اقتصادية وخيمة على السوق المحلية العراقية جراء التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بين إسرائيل وإيران، مؤكداً أن هذه التوترات ستترجم مباشرة إلى ضغوط معيشية إضافية على المواطن.
وأوضح عبد الله، أن الاضطراب المحتمل في سلاسل الإمداد مع إيران، والتي تُعد مصدراً رئيسياً للعديد من السلع غير النفطية للعراق، سيؤدي حتماً إلى ارتفاع في أسعار السلع المستوردة منها.
وأضاف خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذا الارتفاع لن يقتصر على زيادة تكاليف الشحن فحسب، بل سيشمل أيضاً نقصاً في المعروض أو حتى فرض رسوم أخطار إضافية من قبل الموردين وشركات النقل، مما ينعكس سلباً على مستويات التضخم في الأسواق.
وشدد عبد الله، على أن هذا الوضع سيُفاقم بشكل كبير من معدلات التضخم في العراق، ويلقي بعبء إضافي على كاهل المستهلك، الذي يعاني أصلاً من تحديات اقتصادية، وأن زيادة الضغوط المعيشية على شريحة واسعة من السكان ستُهدد استقرار السوق المحلية، مما يتطلب يقظة حكومية وسرعة في إيجاد بدائل لضمان أمن الإمدادات.
وبين عبد الله، أن العراق مطالب اليوم بسياسات نقدية جديدة لإدارة ملف التجارة مع إيران وحركة المسافرين، وضرورة تنويع مصادر الإمدادات من خلال التوجه نحو تركيا، دول الخليج العربي، سورية، والأردن لكونهم موردين رئيسيين للسلع غير النفطية.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية