مادلين كُلّاب ملهمة أسطول الحرية تروي لـ"العربي الجديد" قصّة حياتها
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

لم يكن عشوائياً اختيار نشطاء دوليين اسم "مادلين" ليطلقوه على سفينة المساعدات الإنسانية التابعة لـ"أسطول الحرية" المتّجهة إلى قطاع غزة؛ لمحاولة كسر الحصار، بادرةً إنسانيةً تجاه القطاع الذي يعاني تفاصيل الحرب منذ أكثر من عشرين شهراً، بل كان تكريماً حياً للصيادة الفلسطينية مادلين كُلّاب التي خسرت مثل جميع الغزيين كل شيء خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي وقت يزداد شعور الخيبة والخذلان وترتفع صرخات أهالي غزة من دون مجيب، انطلقت سفينة "مادلين" أيقونةَ تحدٍ لا تحمل سلاحاً، بل تحمل حباً ووفاءً للإنسانية الجريحة، محمّلة بمواد غذائية يمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها منذ ثلاثة أشهر. لذا؛ لا يمكن اعتبار "مادلين" مجرد قطعة بحرية تقطع الأمواج، بل إنّها وسيلة لإطلاق نداء عابر للحدود، وصرخة ضدّ الحصار وآلة الدمار والموت التي لم تفرّق بين رضيع أو شيخ، وبين مسعف أو صحافي، وتوجيه رسالة تفيد بأنّ غزة لن تترك وحدها رغم تطويقها بالحديد والنار.

وعلى متن "مادلين" صعد نشطاء من جنسيات مختلفة حاملين قيماً تتجاوز العرق والجنسية، واجتمعوا تحت راية واحدة قاعدتها "العدالة لغزة" التي واصلوا طريقهم إليها رغم الخطر وعدم ضمان النتيجة.

لم تنجُ الثلاثينية مادلين كُلّاب من التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي الذي تسبب في تدمير مختلف مقومات الحياة والقطاعات الاقتصادية في غزة، وبينها الصيد، إذ دمّرت الحرب ممتلكاتها وآمالها وأحلامها. ورثت في عمر الخامسة عن والدها حبّ البحر والصيد، ولم تكتفِ بصيد السمك، بل بصيد الحياة بين الموت والحصار حين تخرج كل صباح إلى عرض بحر محاصر، ليس للبحث عن رزق فحسب، بل عن كرامة تؤكّد حقّها في بحر غزة وخيراته. وباتت مادلين رمزاً للمرأة الكادحة التي تعكس بملامحها الفلسطينية ويديها المملوءتين بملح البحر حقّها في البقاء، ما شجع المتضامنين على إطلاق اسمها على سفينتهم التي جاءت لإخبار أهالي القطاع بأنهم ليسوا وحدهم، وأنّ ملايين الأحرار حول العالم إلى جانبهم.

قالت مادلين كُلّاب (31 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال وحامل بطفلها الخامس، لـ"العربي الجديد": "بدأت حكايتي مع البحر في سنّ الخامسة حين كنت أرافق والدي، وعملت في الصيد بعدما مرض والدي حينَ كنت في سن الثالثة عشرة، وكأيّ صياد فلسطيني في غزة انحصرت حياتي ونمطي اليوميّ بين البحر والبيت، والاهتمام بمعرفة سرعة وقوة الأمواج والرياح لمعرفة أوقات وجود السمك من عدمه، وهذا ما اعتدت عليه منذ صغري".

ولم تشكل المتطلبات الجسدية لمهنة الصيد التحدي الأكبر للفلسطينية كُلّاب، بل نقص المعدات والإمكانيات، وأوضحت أن الحرب تسببت في خسارتها على غرار باقي الصيادين كل شيء، "إذ دُمّرت المراكب وتمزقت الشباك، وكل ما بنيته مع والدي وزوجي وتطويرنا المراكب وتوفيرنا النقود ذهب أدراج الرياح خلال الحرب".

ماذا طلبت مادلين كُلّاب من أسطول الحرية؟

وعن إطلاق اسمها على أسطول الحرية، أوضحت مادلين أن أحد أفراد الطاقم التضامني تواصل معها بعدما عرف بعلاقتها الوثيقة مع أهلها بالبحر، وتفاصيل ما جرى معها قبل العدوان وخلاله، ومدى الصعوبات والتحديات التي واجهتها، وأخبرها برغبة النشطاء في إطلاق اسمها على مركب التضامن لتكريم رحلة معاناتها المتواصلة. وقد قبلت العرض وطلبت من المتضامنين عدم المخاطرة، فيما أخبروها أنهم يحملون مواد تموينية مثل الأرز والطحين والأدوية، وأنهم سلميون وسيحافظون على التعليمات من دون أي مجازفة أو مخاطرة.

ومثل باقي أهالي قطاع غزة المحاصرين بالبارود والنار والجوع، تمنّت مادلين أن تستطيع السفينة دخول ميناء غزة، بسبب رمزيتها المهمة على صعيد إنهاء الحصار والحرب، وحاجة أهل القطاع الماسة للغذاء والدواء الذي يمنع الاحتلال إدخاله منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ورأت مادلين أن السفينة تحمل بعداً إضافياً يتمثل في إشعار أهل غزة بأنهم ليسوا وحدهم، وأنّ هناك شعوباً حرة تناصرهم في العالم، وتمنّت أن يحمل وصول السفينة بشرى انتهاء الحرب، وما يرافقها من تبعات كارثية يعاني منها أهالي غزة المحاصرون.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية