توجّه لتعديل قانون العمل في تونس بإلغاء المناولة والعقود المحدودة
Arab
3 hours ago
share

يبدو أن سوق العمل التونسية مقبلة على تغييرات عميقة في صيغ التوظيف بعدما كشفت الحكومة عن مشروع لتعديل قانون العمل بشكل يمنع ويجرّم مناولة اليد العاملة مع الحد من استخدام العقود محددة المدة وإلزام المشغلين بتسوية الوضعية المهنية للعاملين وفق هذه الصيغة. ونظر مجلس الوزراء أمس الخميس، في مشروع قانون يتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الشغل، متعلقة بمنع مناولة اليد العاملة وتجريمها، مع حفظ حقوق من جرى إنهاء عقود شغلهم معيّنة المدة، ومن تم فسخ عقود مناولتهم.

وسيتم بمقتضى مشروع القانون الجديد إجراء تعديلات على بنود مجلة الشغل (قانون العمل) بما ينهي كل أشكال التوظيف بصيغة مناولة اليد العاملة، إلى جانب تحديد مدة التجربة عند الانتداب بمدة لا تتجاوز ستة أشهر وقابلة للتجديد مرة واحدة ولنفس المدة. ووفق مقتضيات مشروع القانون الجديد، سيتم إلغاء العمل بمبدأ مناولة اليد العاملة، الذي كان يسمح بإبرام عقود بين مؤسسات مؤجرة لليد العاملة ومؤسسات مستفيدة، على أن يتم تجريم كل مشغل يبرم عقدا يهدف إلى تشغيل الأجراء عبر مؤسسة وسيطة غير قانوني، ويعرّض كلا من المؤسسة المشغّلة والمستفيدة لعقوبات مالية وحتى عقوبات بالسجن مع منع إبرام عقود العمل لمدة معينة في غير الحالات الاستثنائية المتمثلة في القيام بأعمال.

وبحسب مشروع القانون الذي سيحال على البرلمان، سيتم فرض تحويل جميع عقود الشغل محددة المدة، إلى عقود غير محددة المدة تلقائياً، دون الحاجة إلى إبرام عقد جديد أو انتظار انتهاء العقد السابق. وبموجب الأحكام الجديدة، يُعتبر جميع العمال الذين كانوا يشتغلون في إطار مناولة اليد العاملة عمالاً ثابتين في المؤسسة المستفيدة من خدماتهم، اعتباراً من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ.

ويعاني آلاف العمال التونسيين في القطاعين الحكومي والخاص من هشاشة العمل نتيجة اعتماد عقود العمل لا تمكنهم من تحصيل حقوقهم المادية والمهنية، فضلا عن تصاعد نسبة البطالة التي بلغت 16% وفق أحدث البيانات التي نشرها معهد الإحصاء الحكومي نهاية الربع الثالث من عام 2024. وحالياً، يمنح قانون الشغل إمكانات واسعة للمشغلين باستعمال آليات للتشغيل الهش التي لا تحمي حقوق العمال بالقدر الكافي في القطاعين الحكومي والخاص.

ويرى وزير التشغيل السابق فوزي عبد الرحمان أن التعديلات الجديدة التي يُتوقع إجراؤها في قانون العمل صيغت بعقل قانوني وإداري بحت ولا تنتمي للعقل الاقتصادي، مرجحاً أن يتسبب ذلك في زيادة نسب البطالة وموجات تسريح العمال. وقال لـ"العربي الجديد" إن القاعدة العامة في سياسة التوظيف هي إضفاء المرونة على سوق الشغل لجعلها أكثر قدرة على النشاط واستيعاب طالبي الشغل، بينما يفضي التضييق إلى مزيد غلق منافذ سوق التشغيل، وفق تقديره. واعتبر أن قانون العمل الجاري به العمل حالياً يتضمن العديد من الثغرات التي تتسبب في استغلال العمال وانتهاك حقوقهم، مؤكداً أن معالجة هذه الثغرات تتم عبر تحسين أداء أجهزة المراقبة والقضاء المتخصص.

وعن إلغاء صيغة العمل بعقود المناولة والاتجاه نحو تجريمها، قال عبد الرحمان إن المؤسسات الاقتصادية تلجأ إلى المناولة والاستعانة بمؤسسات خدماتية لإدارة الوظائف الجانبية بهدف تحسين التركيز على تخصصاتها الاقتصادية وتنمية قدراتها التنافسية في السوق. وفي وقت سابق، طالب اتحاد الشغل التونسي بتوسيع دائرة المشاركة في صياغة تعديلات قانون العمل، محذراً من تنقيح أحادي لمجلة الشغل (قانون العمل) ومحاولة إلغاء الممثلين الشرعيين للعمال والنقابات من النقاشات حول مسائل ملفات مهمة تتطلب مشاورات ثلاثية بين الأطراف الاجتماعية.

وعبّر المكتب التنفيذي في بيان أصدره في يوليو/ تموز الماضي، عن رفضه انفراد السلطة بتنقيح قانون الشغل، معتبرا ذلك "إلغاء للعمّال ولممثّليهم الشرعيين من النقابات واستفراداً بالقرار والسلطة ونسفاً للحوار الاجتماعي".
وقالت النقابة العمالية الأكثر تمثيلا في تونس إن ''إقصاء الهياكل المهنية والاستفراد بالقرار لا يمكن أن يخلّف إلّا الأخطاء والإخلالات والثغرات".

وأكدت المنظمة الشغيلة أن تنقيح قانون العمل كان من ضمن مطالبها منذ أكثر من 18 سنة بهدف توفير مقوّمات العمل اللائق، وإنهاء كلّ أشكال العمل الهشّ وتحقيق الكرامة والأمان الوظيفي لكلّ العمّال والعمل على بلوغ مقولة الأجر المعيشي، وذلك من خلال ملاءمتها مع أحكام الدستور ومعايير العمل الدولية. ومنذ توقيع الاتحاد العام التونسي للشغل اتفاق الأجور مع الحكومة السابقة برئاسة نجلاء بودن في سبتمبر/ أيلول 2022، أغلقت السلطة باب التفاوض مع النقابات، ولم تعقد أي جلسات تقييمية لوضع العمال.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows