
اختير مارك كارني Mark Carney لخلافة جاستن ترودو على رأس الحزب الليبرالي الكندي، وتولي رئاسة الحكومة، في ظروف سياسية واقتصادية غير مسبوقة، حيث يُشغل الكنديون أكثر بالالتفاف بمواجهة معركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه بلدهم سواء على المستوى السياسي حيث يهدد بضم كندا للولايات المتحدة، أو على المستوى الاقتصادي حيث يستهدف ترامب كندا برسوم تجارية ضخمة وتدابير انتقامية.
كارني الذي حصل قبل انتخابه، الأحد الماضي، لخلافة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، على تأييد 25 وزيراً و60 نائباً برلمانياً، يقدم نفسه باعتباره الأقدر على مواجهة حالة عدم اليقين الناجمة عن تهديدات الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية.
بعد انتخابه، مساء الأحد، رئيساً لوزراء كندا، قال المصرفي السابق الذي لم يسبق له تحمل مسؤولية سياسية في بلده، في خطاب النصر إن "الأميركيين يريدون بلدنا"، مضيفاً: "لا يمكننا السماح لترامب بالانتصار"، مشدداً على حاجة كندا إلى بناء اقتصاد قوي وإقامة علاقات تجارية جديدة.
وتصاعدت الحرب التجارية مساء الثلاثاء بين ترامب وكندا، إلا أن البيت الأبيض قال أمس إن ترامب صرف النظر عن مضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات الكندية من الصلب والألمنيوم إلى 50 بالمئة، بعد محادثات بين البلدين.
وفي وقت سابق أعلن ترامب تعليقاً مؤقتاً إلى غاية 2 إبريل/ نيسان، على الرسوم التي فرضها حديثاً على معظم السلع من كندا والمكسيك بنسبة 25%، في خطوة مفاجئة تتناقض مع مواقفه السابقة التي أثرت سلباً على الأسواق. ورغم ذلك ما زالت الضغوط الأميركية تتواصل على كندا بشأن مكافحة تهريب مخدر الفنتانيل، وسط خلافات كبيرة حول مفاوضات التجارة البينية بين البلدين.
تدابير مضادة للرسوم الجمركية
في سعيه لخلافة جاستن ترودو على رأس الحزب الليبرالي الكندي ورئاسة الوزراء، في سياق الحملة لرئاسة الحزب الحاكم، وعد كارني بدعم التدابير المضادة في مواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على كندا.
وبعث رسائل طمأنة للكنديين حول طريقة تعاطيه مستقبلاً مع ما سماه جاستن ترودو بـ"التحدي الوجودي" المرتبط بتهديدات الرئيس الأميركي، غير أنه لم يغفل انشغالات أخرى تؤرق الكنديين مثل ارتفاع أسعار المساكن وأسعار السلع واسعة الاستهلاك والصعوبات التي يواجهها النظام الصحي. وتعهد بخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة وإلغاء زيادة الضريبة على أرباح رأس المال، في الوقت نفسه التزم بالتحكم في النفقات العمومية بهدف بلوغ التوازن للنفقات المتكررة.
تخفيف أزمة كلفة المعيشة
يلفت كارني إلى أن التخفيف من أزمة كلفة المعيشة والسكن، سيمر عبر وضع سقف للهجرة كي تعود إلى المستويات التي كانت عليه قبل الأزمة الصحية. ويتطلع إلى تعويض ضريبة الكربون ببرنامج تحفيزات خضراء وزيادة الدعم بهدف شراء المركبات الكهربائية، مع تطوير بنيات تحتية طاقية كي تصبح كندا أقل ارتهاناً للموردين الأجانب والولايات المتحدة الأميركية. كما عبر عن الرغبة في بلوغ هدف حلف شمال الأطلسي (ناتو) بتخصيص 2% من الناتج الإجمالي المحلي للنفقات العسكرية اعتباراً من 2030.
بعث رسائل طمأنة للكنديين حول طريقة تعاطيه مستقبلاً مع ما سماه جاستن ترودو بـ"التحدي الوجودي" المرتبط بتهديدات الرئيس الأميركي
رأى كارني النور قبل 59 عاماً في مدينة صغيرة بمنطقة فور سميث، وترعرع بإدمونتون في منطقة ألبرتا، حيث كان والداه يشتغلان في التعليم. تزوج بالاقتصادية ديانا كارني ورزق منها بأربع بنات.
محافظ سابق لبنكي كندا وإنكلترا
يستحضر الكثيرون تجربته محافظاً لبنك كندا المركزي بين 2008 و2013، ومحافظاً لبنك إنكلترا المركزي بين 2013 و2020، بل إنه عمل منذ العام الأخير مستشاراً لرئيس الوزراء الكندي ترودو في القضايا الاقتصادية، قبل أن يصبح في نهاية العام الماضي، مستشاراً خاصاً ورئيساً لمجموعة عمل حول النمو الاقتصادي.
جاء ذلك بعد مسار طويل راكم خلاله كارني خبرة طويلة بالقضايا الاقتصادية العالمية. فقد عمل خريج جامعتي هارفارد أوكسفورد، بوزارة المالية في 2004، وشغل منصب مدير عام لدى غولدمان ساكس Goldman Sachs، وانضم إلى مجلس إدارة مؤسسة المنتدى الاقتصادي العالمي.
ينظر إليه مراقبون في بلده على أن له خبرة كبيرة في تدبير الأزمات، في إشارة إلى قراراته عندما كان محافظاً للبنك المركزي الكندي إبان الأزمة المالية العالمية، حيث بادر بعد شهر واحد من توليه أمر تلك المؤسسة إلى خفض معدلات الفائدة. ويحيل مراقبون إلى مواقفه عندما تولى أمر البنك المركزي في إنكلترا، فرغم انخراطه في الدفاع عن "بريكست"، إلا أنه كان يحذر من التداعيات الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

Related News

