عندما يحاضر جدعون ساعر في الشرف
Arab
2 hours ago
share

لا بأس في أن يحاضرنا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في الشرف، وفي ما يجوز ولا يجوز في التعامل مع الأسرى، وحسناً فعل (الاثنين الماضي) حين استحضر تعامل النازيين مع اليهود في معرض تطرّقه لفيديوهين بثهما الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وظهر فيهما المحتجزان إفيتار ديفيد وروم بريسلافسكي، وآثار الجوع بادية عليهما.
وإذ يتذكّر ساعر الحقبة النازية فإنه يتناسى متقصّداً حقبته ونتنياهو التي شهدت ولا تزال أول إبادة بالتجويع في التاريخ، ما يجعل من هتلر نفسه حملاً وديعاً وربما يدفع أنصاره، إذا كان ثمّة أنصار له، إلى مقاضاة نتنياهو ووزرائه بتهمة التشهير.
صحيحٌ أن صور المحتجزيْن الإسرائيليين مؤلمة، لكن ثمة ما هو أكثر إيلاماً، فمئات آلاف الغزّيين يواجهون فعلياً خطر الموت من التجويع، والصور القادمة من قطاع غزّة لا تظهر وحسب كيف أن مئاتٍ تحوّلوا هياكل عظمية، بل تؤكد مقتل كثيرين منهم من التجويع. ويستطيع مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي أن يطلب البيانات التي يرغب فيها عن أوضاع التجويع في غزّة من الوكالات الأممية المختصة ليتأكد، رغم أنه يعلم.
كما يستطيع ورئيس وزرائه إنقاذ ديفيد وبريسلافسكي بالتوصل إلى اتفاق يرفضانه، أما إلقاء اللوم على "حماس" وتشبيهها بالنازية ففانتازيا وقحة لا تليق بأي مسرحة مبتذلة لأي صراع يقوم فيه القاتل بذرف الدموع لإقناع النّظّارة بأنه الضحية بينما تمتلئ يداه بالدماء.
تجوّع ديفيد وبريسلافسكي لأنهما يأكلان مما يأكله الغزّيون، ولو توفر كافيار لديهم لمرّروه للمحتجزين الإسرائيليين، وعلى ساعر أن يكون واثقاً أن القائمين على احتجاز مواطنيه يقتطعون الطعام من أفواههم وأفواه آخرين ليوفّروه للمحتجزين، لا لأن ثمّة معايير أخلاقية يحرصون على الالتزام بها فقط، بل أيضاً لضمان الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين في أي اتفاق تبادل محتمل.
ولا أعرف ما إذا كان ساعر ورئيس وزرائه يعرفان، على سبيل المثال، شين غولدشتاين، وهي ممن أفرجت "حماس" عنهم في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وكيف تعامل معها محتجزوها، مقارنة بما تفعله إسرائيل التي تحتجز أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزّة الذي تحوّل إلى أكبر معسكر اعتقال في التاريخ. ... في عدة مقابلات أجريت معها بعد الإفراج عنها، تحدّثت غولدشتاين التي كانت محتجزة مع أبنائها عن "حرّاسها"، وكيف أنهم كانوا مستعدّين للموت من أجل حمايتها وأبنائها، مؤكّدة أنهم كانوا يحمونهم بأجسادهم من القصف الإسرائيلي.
قالت غولدشتاين، في مقابلةٍ معها، إنها سألت هؤلاء عما إذا كانوا سيقتلوها وأبناءها، فردّوا عليها "نموت نحن قبل أن تموتوا". ... وتروي أنها كانت تلعب مع أولادها خلال الاحتجاز، ومع الحرّاس أيضاً، وتقول إن ابنيها الصغيرين كانا يلعبان ويرسمان، بل إن الحرّاس علموهما بعض الألعاب، ومنها لعبة الورق. وعن تعاملهم معها باعتبارها امرأة قالت غولدشتاين "المرأة بالنسبة لهم مقدّسة ولا يجوز لمسها. المرأة بالنسبة لهم ملكة".
من هو النازي والحال هذه؟ من عالج أسيرة إسرائيلية لديه كانت تشكو من كسر في قدمها أم من قتل 18 ألف طفل ونحوهم من النساء في قطاع غزّة؟ ... عندما أفرج عن ميا ليمبرغ، عام 2023، خرجت بمعية كلبها كما لو كانت محتجزة في أحد المنتجعات لا في ما حوّلته إسرائيل إلى أسوأ مكان للعيش في العالم. ... وفي مطلع هذا العام، قبّل الأسير عومير شيم توف رؤوس محتجزيه بعد الإفراج عنه، ولا يمكن لأحد أن يفعل ذلك لو كان هؤلاء نازيين أو ينتمون إلى الجيش الإسرائيلي الذي مارس عمليات قتل كثيرة في غزّة على سبيل التسلية، وانتهك حرمات البيوت ولبس أفراده الثياب الداخلية للفلسطينيات.
من هو النازي ما لم يكن نتنياهو وجنده؟
لم تتعرّض أسيرة إسرائيلية واحدة لدى "حماس" وفصائل المقاومة للتحرّش أو الاغتصاب، بل على العكس خرجن وهن على إعجاب بيّن بحرّاسهن، وكانت صورهن خلال تسليمهن إلى الصليب الأحمر شهاداتٍ حيّة على أن ثمة شعباً هنا يناضل من أجل حريته ولا يسعى إلى إبادة غيره، بينما ثمّة على الجهة المقابلة من رآهم "حيوانات بشرية"، وأعمل فيهم قتلاً وذبحاً وتجويعاً، وعندما شاهد صور بعض أسراه لدى هذا الشعب، وقد كاد الجوع يفتك بهم، اتهم الشعب الذبيح بالنازية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows