جزرة الورقة الأميركية لبيروت وعصاها
Arab
2 hours ago
share

تضمنت نسخة الورقة الأميركية النهائية التي قدمت للحكومة اللبنانية في الخامس من أغسطس/آب الحالي، بعد ردود متبادلة بين بيروت وواشنطن، ممثلة بالمبعوث الأميركي توم برّاك، تصوّراً مُفصّلًا لتمديد "وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل" بشروط وأوامر وإملاءات تقوم على صيغة الترهيب والترغيب. الورقة التي اطّلعت "العربي الجديد" على نسخة منها تضع جدولاً زمنياً محدداً مقسماً على مراحل لتحقيق 11 هدفاً، أبرزها نزع سلاح حزب الله وترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل من جهة ولبنان وسورية من جهة أخرى، وملف تهريب المخدرات عبر الحدود. وتلوّح الورقة بفرض عقوبات اقتصادية على لبنان حال عدم الالتزام، فيما تكتفي بالتعهد بتوبيخ لإسرائيل من مجلس الأمن إزاء أي خروقات تقوم بها تل أبيب، كما تتحدث عن حوافز اقتصادية للبنان تشمل مساعدات اقتصادية ودعما لإعادة الإعمار.

بنود الورقة الأميركية

وتشمل الأهداف بحسب الورقة الأميركية نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية والمناطق الداخلية الرئيسية، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، وحل قضايا الحدود والأسرى دبلوماسياً، من خلال المفاوضات غير المباشرة، وعودة المدنيين من القرى والبلدات الحدودية إلى منازلهم وممتلكاتهم. كما تنص على "ضمان الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، ووقف جميع الأعمال العدائية، وعقد مؤتمر اقتصادي تشارك فيه الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ودول أخرى صديقة للبنان، لدعم الاقتصاد اللبناني، وإعادة الإعمار، ودعم دولي إضافي للأجهزة الأمنية اللبنانية والجيش".


تتناول الورقة الأميركية أربع مراحل لتنفيذها تمتد من أسبوعين إلى أربعة أشهر

وتتناول الورقة الأميركية أربع مراحل لتنفيذها تمتد من أسبوعين إلى أربعة أشهر، تبدأ بموافقة الحكومة اللبنانية على الالتزام بالمذكرة، من خلال مرسوم يتضمن التزاماً بنزع سلاح حزب الله والجهات الفاعلة غير الحكومية الأخرى، بشكل كامل بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول 2025. في المقابل، يحصل لبنان على تعاون معزز مع صندوق النقد الدولي، وتشجيع في إعادة الإعمار، وتوفير حوافز استثمارية. كما تتضمن المرحلة الأولى وقف العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية الإسرائيلية، ووقف حركة أسلحة حزب الله، مع التركيز على تسليم الحزب الأسلحة الثقيلة (مثل الصواريخ والطائرات المسيرة) تدريجياً إلى الجيش اللبناني من جنوب نهر الليطاني وشماله، وفقاً لإعلان 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وسيتم وفقاً للوثيقة تأمين ضغط أميركي فرنسي على إسرائيل لإلزامها بالتنفيذ الكامل لهذه المذكرة. وخلال هذه المرحلة ينشئ الجيش اللبناني 15 موقعاً حدودياً أولياً جنوب الليطاني. ويُبلّغ لبنان عن طريق للصليب الأحمر بعدد السجناء اللبنانيين في إسرائيل وأسمائهم وأوضاعهم، بهدف تأمين إطلاق سراحهم.

وتتضمن المرحلة الثانية التي تمتد بين 15 و60 يوماً، إعلان نيات من الدول الصديقة والداعمة لتنظيم مؤتمر اقتصادي في خريف 2025، تشارك فيه الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ودول أخرى صديقة للبنان، لدعم الاقتصاد اللبناني، وإعادة الإعمار، وتوفير الدعم لرفع الرواتب الشهرية لجميع أفراد الأجهزة الأمنية اللبنانية. وخلال المرحلة أيضاً ستقر الحكومة اللبنانية خطة مفصلة لانتشار الجيش لدعم خطة وضع جميع الأسلحة تحت سلطة الدولة.

وسيتم تطوير هذه الخطة بمساعدة فنية أميركية. وستحدد الخطة مراحل جغرافية خارج منطقة جنوب الليطاني ومواقع نقاط التفتيش، وطبيعة السلاح المنزوع وهو بشكل رئيسي مثل قذائف الهاون، وقاذفات الصواريخ والقنابل اليدوية، والصواريخ (جو-أرض، أرض-أرض)، والمتفجرات، والعبوات الحارقة، والأسلحة التي تسبب إصابات جماعية، والأسلحة البيولوجية والكيميائية، والطائرات من دون طيار. كما تتضمن المرحلة الثانية آلية لمراقبة خطط حزب الله لنزع السلاح، وتبدأ إسرائيل خلالها بالانسحاب من الخمس نقاط، ويسهل الانسحاب من ثلاث نقاط البدء في المرحلة الثالثة. في الأثناء تقوم الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة بتسهيل ترسيم الحدود في منطقة مزارع شبعا، وأيضاً بإطلاق سراح جميع الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل بالتنسيق مع الصليب الأحمر.

أما المرحلة الثالثة التي تمتد بين 60 و90 يوماً، فيتم خلالها تأكيد الانسحاب الكامل لكل أشكال الوجود المسلح لحزب الله من منطقة جنوب الليطاني. في المقابل تنسحب إسرائيل من النقطتين الأخيرتين من النقاط الخمس، مع نشر الجيش اللبناني في النقطتين المُخلاتين، وعودة المدنيين إلى قراهم وممتلكاتهم. ويوسع الجيش اللبناني وجوده مع تعزيز القوات المسلحة وتأمين التمويل، بناءً على تقديرات البنك الدولي، لبدء إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية تمهيداً لإعادة الإعمار. وتتضمن المرحلة الرابعة التي تمتد بين 90 و120 يوماً، مسار التعزيز والدبلوماسية من خلال التفكيك الكامل للأسلحة الثقيلة المتبقية لدى حزب الله وتأكيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية، والسيطرة الأمنية الكاملة للأجهزة اللبنانية على جميع أنحاء البلاد (جنوب الليطاني وشماله)، وإكمال المفاوضات المُيسّرة وعملية ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل. في الأثناء، يتولى الجيش اللبناني المراقبة الجوية بعد توقف الطلعات الجوية الإسرائيلية. وتقدم الدول الصديقة والداعمة المساعدة للقوات الجوية اللبنانية، وتنظم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر وأصدقاء لبنان مؤتمراً اقتصادياً لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار. وتتناول الورقة الأميركية آليات التحقق والإنفاذ، وحددتها بعدة نقاط أبرزها: إحاطات أسبوعية حول الامتثال، ومراقبة أميركية فرنسية بالأقمار الاصطناعية والطائرات المسيرة، وتقارير عامة من الجيش اللبناني. وبصيغة تهديد واضحة، تتحدث الورقة عن "عواقب خرق الاتفاقية" لكل الأطراف، ولكنها عواقب مخففة لإسرائيل ومغلظة للبنان، إذ ستتعرض إسرائيل للتوبيخ من مجلس الأمن في حال قيامها بخروقات بينما سيتم تجميد للمساعدات العسكرية وإقرار عقوبات اقتصادية بحق لبنان.

تنظم الولايات المتحدة وفرنسا وقطر وأصدقاء لبنان مؤتمراً اقتصادياً لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار

حوافز مالية واستثمارية للبنان

كذلك تتحدث الورقة الأميركية عن حوافر للبنان تشمل استمرار تقديم حوالي 150 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأميركية السنوية، والسعي إلى تأمين مبلغ إضافي قدره مليار دولار يُدفع سنوياً من الدول المانحة لتمويل الجيش اللبناني وقوى الأمن لمدة عشر سنوات، إضافة إلى ضمانات أمنية استراتيجية من الولايات المتحدة وفرنسا، ودعم أميركي لمساعدة المؤسسات المالية الدولية، وأموال إعادة الإعمار والاستثمارات الخاصة من خلال أصدقاء لبنان. كما تتناول الورقة الأميركية ملف ترسيم الحدود السورية اللبنانية والمناطق الاقتصادية، وتفصيلا جغرافيا للحدود المقترحة التي يجب التفاوض حولها، فضلاً عن ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بتسهيل ودعم من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والأمم المتحدة. كما تتضمن توصيات بربط مراحل ترسيم الحدود بالتطبيع الاقتصادي التدريجي بين بيروت ودمشق، وتمويل إنشاء نقاط حدودية وعودة اللاجئين السوريين، والمساعدة في حل ملف المفقودين والسجناء بين البلدين. وفي حال التقدم بهذا الملف سيكون هناك تخفيف مشروط للعقوبات الأميركية على سورية بحسب الورقة. أما المحور الثالث للوثيقة فيتحدث عن "العمل المشترك لمكافحة الاتجار بالمخدرات"، بهدف تعطيل سلاسل توريد الاتجار بالمخدرات عبر الأراضي اللبنانية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows