سياحة مكلفة في المغرب: الغلاء في الصيف يثقل موازنات المغتربين
Arab
2 hours ago
share

لم يعد المغتربون المغاربة يشتكون من ارتفاع أسعار تذاكر النقل الجوي فقط عند عودتهم إلى بلادهم، بل أضحوا يواجهون ارتفاع كلفة الإقامة في الفنادق وتضخم فاتورة التردد على المطاعم والمقاهي في المدن السياحية. ونبه نواب في البرلمان المغربي في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أن الغلاء الذي يطبع التذاكر قد يحرم بعض المغتربين من زيارة عائلاتهم في المملكة، خاصة في ظل تحملهم مصاريف أخرى لها علاقة بالسفر والإقامة خلال فترات العطل والإجازات، مطالبين بخفض أو إلغاء رسوم تذاكر السفر بالنسبة للمغتربين.

وشرعت وسائط التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة في نقل بعض تصريحات المغتربين المغاربة الذين يشتكون من ارتفاع أسعار تذاكر النقل الجوي، وغلاء الخدمات في الفنادق والمطاعم والمقاهي في المدن الساحلية. ويؤكد فاعلون في قطاع السياحة أن السياح الأجانب، خاصة الأوروبيين منهم، هم أقل معاناة من ارتفاع الأسعار، حيث يتحملون تكاليف أقل ما داموا يحلون بالمغرب في إطار رحلات منظمة قد تصل كلفتها إلى نصف ما يتحمله المغتربون والسياح المحليون.

وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يعرف نشاط الفنادق والمطاعم نمواً بنسبة 8.4% سنة 2025، مدعوماً بالارتفاع المستمر في عدد السياح الوافدين وعدد ليالي المبيت، ارتباطاً بتنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والرياضية الكبرى، فضلاً عن مجهودات النهوض بالقطاع السياحي. ويُستفاد من آخر مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك أن مؤشر أسعار الفنادق والمطاعم ارتفع بنسبة 3.9% في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ورغم انخفاض التضخم إلى 0.9% في العام الماضي و0.4% في النصف الأول من العام الجاري، إلا أن تراكم التضخم في عامي 2022 و2023، الذي تجاوز 12%، ما زال يؤثر على القدرة الشرائية، ما يفسر الغلاء الذي تشتكي منه الأسر.

الغلاء يطاول الفنادق

ويعبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بوعزة الخراطي عن استغرابه للطريقة التي تتعاطى بها بعض الفنادق والمطاعم مع السياح، خاصة المغتربين والسياح المحليين، حيث تُفرض زيادات كبيرة لا تبررها الخدمة المقدمة.

ويشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يفرض على التجار ومقدمي الخدمات إشهار الأسعار بطريقة واضحة في محلاتهم، غير أنه يُلاحظ أن فنادق ومطاعم ومقاهي ومؤسسات ترفيه لا تحترم ذلك المقتضى القانوني، ما يجعلها تزيد الأسعار بطريقة تُنهك القدرة الشرائية لعملائها. ويذهب إلى أن بعض الفنادق تفرض في الصيف أداء فاتورة الإقامة مقدماً، وهو ما يتنافى مع مقتضيات القانون الذي يُقيم قاعدة الأداء بعد الحصول على الخدمة.

ويؤكد أن هناك سلوكيات تنم عن نوع من التمييز بين السياح الذين يقصدون بعض الفنادق، حيث يفضل أصحابها استقبال الأجانب، بينما لا يبدون حماسة كبيرة لاستقبال السياح المحليين، داعياً إلى ضرورة ضبط السوق عبر تدابير تراعي القدرة الشرائية للأسر وتستحضر جودة الخدمات في علاقتها بالأسعار التي يتحملها السياح. وفي الوقت الذي جرى فيه الحديث عن استنكاف مغتربين عن الحلول بالمغرب في الصيف بسبب الغلاء، تؤكد بيانات وزارة الخارجية عبور 1.5 مليون مغترب نحو المملكة منذ بداية عملية العودة في الصيف ولغاية العاشر من يوليو/ تموز الماضي، بزيادة 13.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ويذهب الخبير في مجال السياحة الزوبير بوحوت إلى أن منسوب الشكوى من غلاء خدمات الفنادق والنقل الجوي والمطاعم يرتفع في كل عام في فصل الصيف، بالنظر لارتفاع عدد السياح الذين يتوافدون إلى المغرب على مدى فترة الإجازات الصيفية. ويلاحظ في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المناطق السياحية، خاصة الشاطئية، تعرف في الصيف توافداً كبيراً للسياح الأجانب والمغتربين المغاربة والأسر المقيمة في المغرب، ما يرفع الطلب على خدمات الفنادق والمطاعم والترفيه.

ويشير إلى أنه إذا كان المغرب قد استقبل على مدى العام الماضي 17.4 مليون سائح، فإن 8.6 ملايين منهم من المغتربين، 40% منهم يحلون بالمملكة في فصل الصيف. ويؤكد أنه في الوقت الذي شجعت فيه الحكومة الطلب على المنتج السياحي المغربي عبر خريطة الطريق السياحية، فإن العرض على مستوى مؤسسات الإيواء لم يواكب الأهداف التي تتطلع إليها الحكومة.

ويوضح أنه في الوقت الذي تشجع فيه الحكومة السياحة عبر الأجواء المفتوحة والنقل الجوي منخفض الكلفة، فإنه لم يتم إعداد ما يكفي من أسِرّة سياحية في الفنادق. ويذهب إلى أن قلة العرض تفضي إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات تثير استياء العديد من الأسر، سواء كانت أجنبية أو محلية أو من المغتربين، خاصة عندما يقارنون تلك الأسعار بما هي عليه في بلدان مماثلة مثل مصر وتركيا. وتذهب التوقعات إلى استقبال المغرب حوالي 20 مليون سائح في العام الحالي.

وذهب محمد السملالي، رئيس وكالات السفر بالمغرب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن الخدمات الفندقية والسياحية بالمغرب تخضع لقانون حرية الأسعار شرط إشهارها، معتبرًا أن وسائط التواصل الاجتماعي تبالغ في بعض الأحيان في الحديث عن مستويات الأسعار، وإن كان يرى أن الأسعار ارتفعت في جميع البلدان السياحية جرّاء التضخم الذي عرفه العالم منذ الجائحة.

وأشار إلى أن التركيز على المغتربين فيه الكثير من المبالغة، فالسواد الأعظم منهم لا يلجأ إلى الفنادق، على اعتبار أنهم اشتروا شققًا في المغرب قبل أعوام واعتادوا التردد عليها لقضاء العطلة، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن المقارنة مع إسبانيا لا تستقيم على مستوى الأسعار، فهي مرتفعة في ذلك البلد حسب طبيعة الفنادق التي يتم التردد عليها. ولاحظ السملالي أن حديث الناس عن ارتفاع الأسعار في الصيف قد ينجم عن برمجة السفر من قبل بعض الأسر في آخر لحظة، معتبرًا أنه كلما بُرمج السفر مبكرًا، كلما انخفض الإنفاق، داعيًا في الوقت نفسه إلى إحداث مؤسسات إيواء تلائم انتظارات السياح المغاربة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows