
يتواصل الحراك الدبلوماسي الرامي لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا ورأب الصدع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد المشادة بينهما، في المكتب البيضاوي، يوم الجمعة الفائت، على خلفية موقف واشنطن من الحرب. وأتى ذلك بعد أسابيع من التوتر بين الرئيسين، وبعدما وصف ترامب نظيره الأوكراني بأنه "ديكتاتور"، فيما اعتبر زيلينسكي أنّ الرئيس الأميركي تأثر بـ"المعلومات المضللة" الروسية.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشار الألماني أولاف شولتز أكد، خلال اتصال هاتفي مع زيلينسكي، اليوم الأربعاء، على الدور المهم للرئيس الأميركي دونالد ترامب في المفاوضات مع روسيا. وقال المتحدث في بيان "رحب المستشار باستعداد الرئيس الأوكراني للدخول في مفاوضات في أقرب وقت ممكن". وأضاف البيان أن "الطرفين اتفقا على أهمية الدور القيادي للرئيس الأميركي، وذلك أيضاً من أجل الوصول لبداية سريعة لوقف إطلاق النار والسلام الدائم في أوكرانيا". وأضاف المتحدث أن شولتز أكد أيضاً خلال الاتصال تضامن برلين المستمر والقوي مع كييف.
من جهته، قال زيلينسكي إنه "يمكن تحقيق سلام مستدام" في بلاده إذا عملت أوروبا والولايات المتحدة معاً. وكتب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بعد المكالمة الهاتفية مع شولتز: "نريد جميعاً مستقبلاً آمناً لشعبنا. لا نريد وقف إطلاق النار بصورة موقتة، بل نهاية للحرب بشكل دائم. عبر جهودنا المنسقة وقيادة الولايات المتحدة، يمكن تحقيق ذلك".
وأمس الثلاثاء، قال زيلينسكي إنه يريد "تصحيح الأمور" مع ترامب والعمل تحت "القيادة القوية" للرئيس لضمان سلام دائم في أوكرانيا. وفي أول تعليق علني له بعدما علّق ترامب المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، دعا زيلينسكي، في منشور على منصة إكس، إلى "هدنة" في البحر والجو لبدء محادثات سلام، وشكر واشنطن على الدعم الذي قدّمته لكييف ضد الغزو الروسي.
في موازاة ذلك، قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الرئيس ليس لديه خطط حالياً للتوجه إلى واشنطن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، نافياً بذلك التكهنات بشأن مثل هذه الزيارة. وقالت المتحدثة صوفي بريما، اليوم الأربعاء، إنه من "الممكن" أن يقوم المسؤولون الثلاثة بمثل هذه الزيارة، ولكن "لم يتم التخطيط لذلك". وقالت بريما إن بلادها تعمل على إعادة إرساء الروابط بين الولايات المتحدة وأوكرانيا حتى يتسنى تحقيق "سلام دائم وقوي". ومن المقرر أن يدلي ماكرون بخطاب متلفز للأمة مساء اليوم، حيث من المرجح أن يكون موضوعه الرئيسي الحرب في أوكرانيا. ويقود ماكرون وستارمر جهود أوروبا لتعزيز الدعم لأوكرانيا بعد تدهور العلاقات.
في الشأن ذاته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، إن وجود مرسوم أوكراني تم إقراره عام 2022 يستبعد إجراء مفاوضات مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين يثير تساؤلات بشأن من سوف يجلس على طاولة مفاوضات السلام المحتملة بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام.
وأضاف بيسكوف، خلال مؤتمره الصحافي اليومي مع الصحافيين، أن الرئيس الأوكراني "ما زال محظوراً قانونياً من التفاوض مع الجانب الروسي". وأشار إلى أن إعراب زيلينسكي عن استعداده أمس الثلاثاء للتفاوض مع روسيا في أسرع وقت ممكن يعد أمراً "إيجابياً". وأضاف "ولكن التفاصيل لم تتغير بعد"، في إشارة على ما يبدو للمرسوم الأوكراني.
ولم يذكر المسؤولون الأوكرانيون أو الغرب أخيراً المرسوم الرئاسي الذي صدر في سبتمبر/ أيلول 2022، وتم توقيعه بعد سبعة أشهر من بدء الغزو الروسي، في سياق جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف القتال. ويذكر أن المرسوم الذي صدر عام 2022 ينص على أن إجراء مفاوضات مع بوتين يعد أمراً مستحيلاً عقب قرار الكرملين ضم أربع مناطق في أوكرانيا بصورة غير قانونية.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" أنّ مستشاراً رئاسياً بارزاً لزيلينسكي أكد اليوم أنه يجب على موسكو وقف هجماتها التي لا هوادة فيها إذا كانت مهتمة حقاً بالتوصل إلى اتفاق سلام. وكتب رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني أندري يرماك عبر تطبيق تليغرام "على روسيا وقف القصف اليومي على أوكرانيا فوراً إذا أرادت أن تنهي الحرب".
وفي موسكو، علّق بيسكوف على عرض رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو استضافة المفاوضات في مينسك، واصفاً إياها "بأفضل مكان" بسبب كون بيلاروسيا "الحليف الأكثر أهمية لروسيا". مع ذلك، تعتبر أوكرانيا بيلاروسيا طرفاً محارباً، بسبب دورها في تسهيل العمليات العسكرية الروسية، مما لا يجعلها موقعاً مرجحاً لإجراء المفاوضات.
(رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)
