
يعيشُ الطلاب الفلسطينيون النازحون من سورية والقاطنون في لبنان خوفاً من عدم قدرتهم على متابعة تعليمهم، في ظل عدم حصولهم على إقامات، علماً أن التسهيلات المقدمة لا تحل المشكلة
يُعاني حوالي ثلاثة آلاف طالب فلسطيني من سورية مقيمين في لبنان بسبب عدم استطاعتهم الحصول على إقامة رسمية تسمح لهم بمتابعة تعليمهم. ويُشترط في العادة أن يتمتع الطالب بإقامة قانونية. لكن خلال السنوات الأخيرة، اضطر عدد كبير من الطلاب إلى مواجهة خطر حرمانهم من حقهم في التقدم للامتحانات بسبب افتقارهم للإقامة القانونية، ما دفع الجهات المعنية وتحت ضغط مجتمعي وإضرابات، إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتسهيل هذا الحق بشكل مؤقت. مع ذلك، تبقى هذه الحلول ظرفية وغير كافية لمعالجة المشكلة بشكل جذري، في ظل غياب إطار قانوني دائم يراعي خصوصية وضع هؤلاء الطلاب بوصفهم لاجئين يعيشون أوضاعاً استثنائية. وكانت المديرية العامة للأمن العام قد توقفت، قبل نحو عام، عن تجديد إقامات النازحين من سورية، فيما استخدم الطلاب السوريون بطاقات تعريف صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (أونروا)، لمتابعة تحصيلهم الدراسي. كما استجابت الوكالة والجهات الرسمية المعنية في لبنان لمطالب المكتب الطلابي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بشأن تمكين الطلاب الفلسطينيين المهجرين من سورية والمقيمين في لبنان من تقديم امتحانات الشهادات الرسمية، رغم عدم حصولهم على الإقامة القانونية.
وتقول الطالبة ريم، المقيمة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (جنوب لبنان)، وهي في الصف الثاني عشر في قسم علوم الحياة: "قبل أن يصدر بيان مجلس الوزراء اللبناني بالسماح لنا نحن الطلاب الفلسطينيين من سورية بإجراء الامتحانات، شعرت بقلق وخوف كبيرين من أن يضيع مستقبلي. لكن إن لم أحصل على الإقامة، لن يسمح لي بالتسجيل في الجامعة. وحتى اليوم لا قرار بتجديد الإقامات، وبالتالي فإن مستقبلنا في مهب الريح بانتظار قرار السماح لنا بالحصول على الإقامة".
من جهتها، تقول طالبة الماجستير في الجامعة اللبنانية الفلسطينية، والنازحة من سورية والمقيمة في مدينة صيدا (جنوب لبنان): "انتهت إقامتي في 5 مايو/ أيار 2024، وعندما ذهبت إلى المديرية العامة للأمن العام لتجديد إقامتي بتاريخ 16 مايو 2024، أبلغت بأنه تم وقف تجديد الإقامات لفلسطينيي سورية. أعددت مخطط رسالة الماجستير، وتم تعيين مشرفة من الجامعة على رسالتي، لكنني لن أتمكن من التسجيل في الجامعة اللبنانية حتى أحصل على الإقامة".
من جهته، يقول الفلسطيني النازح من سورية أحمد سخنيني، والمقيم في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وهو عضو لجنة الثقافة والتعليم بالمخيم، إن "اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان يعانون وضعاً معقداً وأزمات متلاحقة ومتراكمة، بالإضافة إلى ما يعانيه أهلنا في لبنان والمخيمات. حتى الآن ليست هناك مقومات عودة لحوالي 30 ألف فلسطيني، فالأونروا لم توفر الحماية الكافية للعائدين. وكانت الوكالة غائبة في ظل الإجراءات التعسفية والترحيل وطلب المغادرة أو فقدان الأوراق الثبوتية".
يضيف: "حتى يتقدم الطلاب للامتحانات، يحتاجون إلى إقامة، لكن إجراءات الإقامة أوقفت، مع استثناء الطالب الفلسطيني السوري من أمّ لبنانية، وبعد أخذ وردّ، سمح لهم بالتقدم لإجراءات الامتحانات لكنهم لن يحصلوا على شهادة مصدقة إلا بعد الاستحصال على إقامة".
وفي وقت سابق، أعلنت الأونروا أن مجلس الوزراء اللبناني أصدر القرار رقم 21 بتاريخ 14 مايو 2025، وينص على السماح للطلاب، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون المهجرون من سورية إلى لبنان، بالتقدم للامتحانات الرسمية لهذا العام، حتى في حال عدم حيازتهم وثائق إثبات الإقامة المطلوبة.
وبحسب البيان، يتيح القرار للطلاب الفلسطينيين السوريين في لبنان، التقدم لامتحانات شهادة الثانوية العامة (البكالوريا الرسمية ـ الصف الثاني عشر) للعام 2025 بفروعه الأربعة، بشرط أن يقدموا وثائق مصدّقة من المدارس التي يتابعون دراستهم فيها، تثبت انتظامهم في التعليم، وذلك بديلاً عن وثيقة الإقامة.
لكن البيان أوضح أن إصدار نتائج الامتحانات سيكون مشروطاً بتقديم الطلاب لوثائق الإقامة المطلوبة لاحقاً. ورحبت الأونروا بالقرار، واعتبرته خطوة إيجابية لضمان حق التعليم للاجئين الفلسطينيين من سورية في لبنان، وأكدت التزامها بمواصلة جهودها في هذا المجال، بما في ذلك المناصرة والمتابعة الحثيثة لإصدار شهادات الامتحانات الرسمية في الوقت المناسب. كما تعهّدت الوكالة بالعمل من أجل ضمان تمكين الطلاب من التقدم للامتحانات الرسمية الخاصة بالتعليم المهني والتقني، مؤكدة استمرار التنسيق مع جميع الجهات المعنية لضمان عدم حرمان أي طالب من حقه في التعليم.

Related News

