
وجّه محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، إشارات واضحة إلى أن صانعي السياسة النقدية يتعاملون بحذر مع فكرة خفض أسعار الفائدة مع تركيز خاص على سلوك المودعين المحليين بوصفه مؤشراً رئيسياً في قراراتهم القادمة. جاءت هذه التصريحات خلال اجتماعات مغلقة مع مستثمرين في لندن، حيث أكد مسؤولو البنك أن توجهات الادخار بالليرة التركية ستكون عاملاً حاسماً في تقييم توقيت وحجم أي تخفيض محتمل في الفائدة، وفقاً لما نقله أشخاص مطلعون على المناقشات، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
ويتوقع غالبية المحللين أن يعاود البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب هذا الشهر، مدعومًا بتراجع مستويات التضخم وضغوط السوق، ما عزز التقديرات بأن تكلفة الاقتراض ستنخفض. لكن زيادة مفاجئة في الضرائب هذا الشهر أثارت جدلًا واسعًا بشأن مدى قدرة البنك على تنفيذ خفض كبير من دون المساس باستقرار السوق.
ففي خطوة مثيرة للجدل، وفقًا لتعبير شبكة بلومبيرغ، رفعت الحكومة التركية الضرائب المقتطعة من أرباح الودائع المصرفية بالليرة التركية وصناديق الاستثمار بالعملة المحلية، وهو ما قد يُعقّد جهود البنك المركزي الرامية إلى تقليص الاعتماد على الدولار داخل الاقتصاد. وتشير المخاوف إلى أن هذه الضرائب الجديدة قد تدفع المدّخرين إلى تحويل أموالهم إلى أدوات مقومة بالعملات الأجنبية، الأمر الذي قد يعيد الضغوط التضخمية إلى الواجهة.
تجدر الإشارة إلى أن متوسط الفائدة على الودائع بالليرة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر ظل قريبًا من 58% خلال الشهر الماضي، في حين أظهرت بيانات شهر يونيو تباطؤًا في معدل التضخم السنوي إلى 35.1%، وهو أقل من التوقعات، فيما يستهدف البنك المركزي الوصول بنسبة التضخم إلى 24% بنهاية العام. وكان البنك قد قرر في يونيو/حزيران الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 46%، لكنه أبقى الباب مفتوحًا لإجراء خفض تدريجي في الاجتماعات المقبلة. وتراوح التوقعات حاليًّا لخفض الفائدة بين 2.5 إلى 3.5 نقاط مئوية، بحسب تقديرات المحللين.
مصادر حضرت الاجتماعات في لندن قالت لبلومبيرغ إن تصريحات كاراهان فُسرت على نطاق واسع على أنها دعوة إلى الحذر، مع إعطاء أولوية لاستقرار السوق المحلي وثقة المودعين، فيما رفض البنك المركزي التركي التعليق رسميًّا على فحوى هذه الاجتماعات.
تجدر الإشارة إلى أن البنك كان قد اضطر في مارس/آذار الماضي، إلى التراجع عن دورة خفض الفائدة التي بدأها سابقًا، عقب اضطرابات سياسية حادة شهدتها البلاد، أبرزها اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو. وقد سبّبت هذه الأزمة موجة بيع حادة للعملة التركية والأصول المحلية، ما أجبر البنك على تشديد شروط التمويل لكبح حالة الذعر في السوق.

Related News


