
اخترقت عملة بيتكوين المشفرة، الأكبر عالميا من حيث القيمة السوقية، حاجز 112 ألف دولار للمرة الأولى بتاريخها، لتسجل رقما قياسيا جديدا. وجاء الارتفاع بنسبة 3.1% إلى 112,009 دولارات في الساعات الأخيرة من تداولات الأربعاء، لترتفع مكاسب بيتكوين منذ بداية 2025 إلى نحو 20%، متجاوزة بذلك توقعات معظم المراقبين، الذين كانوا يتوقعون أن تتأثر أسواق العملات المشفرة سلبا بإعلانات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية على شركاء تجاريين مثل اليابان، كوريا الجنوبية، والبرازيل.
وأعلن ترامب، أمس الأربعاء، عن رسوم جمركية بـ30% على ثلاث دول عربية هي الجزائر والعراق وليبيا، كما فرض رسوماً جمركية على كل من البرازيل (50%)، وسريلانكا (30%)، وبروناي ومولدوفا (25%)، والفيليبين (20%). وفي منشور على حسابه على منصة "تروث سوشيال"، حدد ترامب معدلات الرسوم الجمركية التي ستطبق على الدول المذكورة اعتبارا من الأول من أغسطس /آب المقبل، وأشار إلى أن معدل الرسوم يمكن تعديله بالزيادة أو النقصان وفقا للعلاقات بين الولايات المتحدة وتلك الدول.
وتعود أسباب صعود بيتكوين، وفقا لوكالة بلومبيرغ، إلى زيادة الطلب المؤسسي من قبل صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) وشركات الخزينة الرقمية، التي أطلقت موجة شراء مستمرة خلال الأسابيع الماضية. وقال رئيس التداول خارج البورصة في شركة GSR للاستثمار في الأصول الرقمية، سبنسر هالارن، أن "الطلب الشره من أدوات السوق المؤسسية هو المحرك الرئيسي لصعود بيتكوين"، وهو ما يعكس تحولا واضحا في بنية السوق مقارنة بالدورات السابقة التي قادها مستثمرون أفراد. وقد أدى الزخم الحالي إلى تعزيز ثقة المستثمرين بقدرة بيتكوين على لعب دور مزدوج: أصل استثماري محفوف بالمخاطر، وملاذ تحوطي عند الأزمات.
وأكد كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كرونوس ريسيرش (Kronos Research) المتخصصة في التداول والأبحاث الرقمية، فينسنت ليو، أن السوق لا يخلو من احتمالات التصحيح على المدى القصير، محذرا من إمكانية حدوث عمليات جني أرباح مفاجئة في حال طرأت تغيرات في البيئة الماكرو اقتصادية. ومع ذلك، شدد على أن الاتجاه العام يظل "صاعدا بقوة"، مدعوما ببيئة نقدية مواتية واحتمالات خفض أسعار الفائدة. ويدعم هذا التوجه ما أظهرته منصة ديرِبيت (Deribit) لعقود المشتقات الرقمية، حيث ارتفع الاهتمام المفتوح بشكل ملحوظ لعقود بيتكوين التي تنتهي أواخر يوليو/تموز، عند مستويات 115,000 و120,000 دولار، في إشارة إلى أن المضاربين يراهنون على استمرار الزخم الصعودي.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول العلاقة المعقدة بين إدارة ترامب وسوق العملات المشفرة، خاصة بعد إعادة انتخابه أواخر 2024. فعلى الرغم من موقفه المتشدد في الملفات التجارية، يرى كثير من المستثمرين أن إدارة ترامب تميل إلى تخفيف القيود على تداول الأصول المشفرة. ويعزى صعود بيتكوين بعد الانتخابات إلى مراهنات قوية على أن ترامب لن يفرض إطارا رقابيا صارما على القطاع، بل ربما يفتح المجال أمام شركات وول ستريت والمؤسسات الاستثمارية الكبرى لتوسيع نشاطها الرقمي بحرية.
رغم الزخم الإيجابي، تبقى المخاطر قائمة، خصوصا في حال تطورت المواجهة التجارية إلى صراع مفتوح يؤثر على تدفقات السيولة العالمية. كما أن أي تغير في توجهات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، أو انهيار مفاجئ في أسهم التكنولوجيا، قد يؤدي إلى تصحيح سريع في أسعار بيتكوين. ومع ذلك، فإن هيكل السوق الحالي القائم على المشاركة المؤسسية يعطي انطباعا بأن بيتكوين خرج من مرحلة "المضاربة الهشة" إلى مرحلة "الطلب المنظم" الذي قد يرسخ موقعه بما هو أصل مالي معترف به عالميا، بحسب بلومبيرغ.

Related News


