حفتر واستجداء الشرعية الدولية
Arab
3 days ago
share

أعلنت حكومة أسامة حماد في بنغازي، أمس الأول الثلاثاء، إلغاء لقاءاتها مع وفد أوروبي رفيع برئاسة مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة ماغنوس برونر وعضوية وزيري داخلية إيطاليا ومالطا ووزير الهجرة اليوناني، فور وصولهم إلى مطار بنينا، وطالبتهم بـ"مغادرة الأراضي الليبية فوراً" ووصفتهم بـ"غير المرغوب فيهم"، مبررة ذلك بـ"تجاوز الأعراف الدبلوماسية" و"انتهاك السيادة". لكن في المقابل كشفت تقارير إعلامية، أبرزها موقع "بروتو ثيما" اليوناني، عن تفاصيل مختلفة: فالوفد وصل إلى بنغازي قادماً من طرابلس بعد لقاء مع حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً، وكانت الزيارة مبرمجة للقاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر فقط لمناقشة ملف الهجرة غير النظامية. المفاجأة كانت في محاولة حفتر المتعمدة إقحام أسامة حماد، في اللقاء، وهو ما رفضه برونر، موضحاً أن التفويض يقتصر على لقاء حفتر. وبعد ضغوط قابلها رفض الوفد، ألغى حفتر اللقاء، فقرر الوفد الأوروبي مغادرة بنغازي.

هنا انقلب المشهد عندما حوّلت حكومة حماد هذا الفشل إلى دراما بيان "طرد"، مدعية الدفاع عن "السيادة" لصناعة نصر إعلامي وهمي. هذا الادعاء يصطدم بتناقض كبير في حديث سابق، فقبل 48 ساعة فقط (يوم الأحد الماضي)، استقبل حفتر وزير الخارجية اليوناني جورجيوس جيرابيتريتيس في بنغازي من دون أي حديث عن "خرق السيادة" أو "التنسيق المسبق"، فكيف يصبح وجود وزير داخلية الدولة نفسها مع الوفد بعد يومين "انتهاكاً للسيادة"؟ هذا التناقض لا يعكس إلا أمرين، الأول الجهل الفاضح بالدبلوماسية، والثاني، وهو الأرجح، محاولة يائسة لاستجداء شرعية دولية عبر ضجيج إعلامي، فقد كانت محاولة حفتر إدراج حماد خطوة واضحة لفرض اعتراف دولي بالحكومة الخاضعة له، وعندما فشلت، اختلق أزمة "طرد" لتحويل الهزيمة إلى نصر واهم.

الواقع أن رسالة الاتحاد الأوروبي كانت واضحة، بل وحادة، وهي أن التفاوض مع حفتر ضرورة عملية لكونه فرض أمراً واقعاً، أما رفض التعامل مع حكومة حماد فهو تأكيد على عدم شرعيتها، بل هو ما عبّر عنه برونر عندما تجاهل بيان "الطرد" في منشوره عبر منصة إكس، من دون أي ذكر لبنغازي، في رد دبلوماسي صامت. والواقع العميق هو أن المتاجرة بشعارات "السيادة" وتوريط الدبلوماسيين في لقاءات بأجسام موازية لا يكشف إلا عن حصار سياسي خانق وعن عمق أزمة حفتر، ودليل ساطع على انعدام الحنكة السياسية والرؤية وتقدير ردود الفعل الدولية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows