
تخطو المملكة المتحدة خطوة جديدة على طريق تحقيق أهدافها البيئية الطموحة، عبر إطلاق حزمة دعم مالية وتقنية بقيمة تصل إلى 700 مليون جنيه إسترليني (948 مليون دولار) لتحفيز شراء السيارات الكهربائية الجديدة، في إطار جهود حكومة حزب العمال للتخلص التدريجي من المركبات العاملة بالوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات الكربونية، بحسب ما ذكرت "أسوشييتد برس"، نقلاً عن "بلومبيرغ" للأنباء.
في السياق، أعلنت وزيرة النقل هايدي ألكسندر، خلال مؤتمر صحافي، اليوم الأحد، عن استعداد الحكومة لإطلاق هذه الحوافز، موضحة أنها ستُسهل على المستهلكين الانتقال إلى السيارات الكهربائية عبر تخفيض التكاليف وتحسين البنية التحتية لشحن المركبات. وقالت ألكسندر: "نسعى لجعل السيارات الكهربائية الخيار الأرخص والأكثر سهولة للجميع."
إعادة إحياء دعم مباشر بعد انقطاع ثلاث سنوات
وفق ما كشفته صحيفتا "التايمز" و"تلغراف" البريطانية في وقت سابق، فإن الحزمة تشمل إعادة تفعيل برنامج الدعم المباشر للمشترين الأفراد الذي أوقفته الحكومة السابقة عام 2022، بعد سنوات من تشجيع السيارات الكهربائية عبر منح مالية مباشرة. وتشير التقارير إلى أن الدعم لن يشمل السيارات الفاخرة مثل "تيسلا" و"رنج روفر"، بل سيركز على طرازات ميسورة التكلفة تخدم فئات الدخل المتوسطة، في محاولة لتوسيع قاعدة المستهلكين، وتخفيض العوائق أمام اقتناء السيارات الكهربائية، والتي ظلت حتى الآن مقتصرة على أصحاب الدخل المرتفع. وتمثل الحزمة جزءاً من خطة أوسع قيمتها 1.4 مليار جنيه إسترليني تشمل أيضاً دعم مركبات الشحن الثقيلة، وذلك لمواكبة التحول المتوقع في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية.
63 مليون جنيه لتوسيع شحن السيارات الكهربائية
في سياق دعم البنية التحتية، أعلنت الحكومة عن تخصيص 63 مليون جنيه إسترليني لتطوير شبكات شحن السيارات الكهربائية، تشمل دعم تركيب محطات الشحن في المنازل، خصوصاً في المناطق الحضرية التي تفتقر إلى مواقف خاصة للمركبات، بحسب "أسوشييتد برس". ووفقاً لتقرير The Guardian، سيُستخدم جزء من التمويل لتركيب قنوات تحت الأرصفة تسمح بتوصيل الكهرباء بسهولة إلى السيارات المتوقفة في الشوارع، مستهدفين توفير 20 ألف موقع شحن منزلي جديد بحلول نهاية 2026. كما سيُعزز الدعم شبكة الشحن في مستودعات الشركات، بما في ذلك مرافق هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، لدعم الأساطيل التجارية الكهربائية.
رغم هذه المبادرات الطموحة، لا تزال هناك تحديات عدة تحول دون تحقيق الانتقال السريع إلى السيارات الكهربائية، منها، أسعار السيارات الكهربائية المرتفعة مقارنة بالمركبات التقليدية، والتي تجعل من الحوافز الحكومية أمراً ضرورياً لجذب المشترين. تفاوت كبير في توفر محطات الشحن بين المناطق الحضرية والريفية، ما يخلق شعوراً بعدم الأمان لدى المستهلكين. والحاجة إلى تحديث شبكة الكهرباء الوطنية لمواكبة الطلب المتزايد على الطاقة، وتفادي انقطاعات الخدمة.
وزيرة النقل لا تمتلك سيارة كهربائية
في تصريح مثير للجدل، اعترفت وزيرة النقل هايدي ألكسندر، حسب ما نقلته صحيفة The Sun، اليوم الأحد، بأنها لا تملك سيارة كهربائية حتى الآن بسبب غلاء الأسعار وعدم توفر شاحن في منزلها الذي لا يحتوي على ممر للسيارات، لكنها أكدت نيتها شراء واحدة قريباً. وقالت: "سيارتي القادمة ستكون كهربائية، وأنا شخصياً أؤمن بأن المستقبل للسيارات النظيفة." تصريح الوزيرة يعكس، بحسب محللين، واقعاً يعيشه كثير من البريطانيين الذين يرغبون في التحول إلى المركبات الكهربائية لكنهم يقفون أمام عوائق اقتصادية ولوجستية.
الأهداف المستقبلية للحكومة البريطانية.
تسعى الحكومة إلى أن تصل نسبة السيارات الكهربائية إلى 28% من مبيعات السيارات الجديدة خلال 2025، وأن تتجاوز 80% بحلول 2030، مع هدف نهائي بمنع بيع السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل تماماً اعتباراً من عام 2035. ويُتوقع أن تساعد الاستثمارات الحكومية والتوسع في البنية التحتية على تحقيق هذه الأهداف، مع دعم مستمر من القطاع الخاص الذي يعتزم ضخ مليارات الجنيهات في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، بحسب The Guardian.
أرقام مهمة عن السيارات الكهربائية في بريطانيا
وبحسب تقرير The Sun شهد سوق السيارات الكهربائية في بريطانيا نمواً ملموساً في النصف الأول من 2025، إذ ارتفعت المبيعات بنسبة 39.1% في يونيو/حزيران الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مع تسجيل حوالي 47 ألف سيارة كهربائية جديدة. لكن هذه الأرقام لا تزال أقل من الطموحات الحكومية، خصوصاً مع استمرار ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية مقارنة بنظيراتها التقليدية، مما يبرر الحاجة الماسة إلى حوافز مالية مستمرة.
وتأتي حزمة الدعم الجديدة من الحكومة البريطانية في وقت حاسم لتسريع وتيرة التحول نحو السيارات الكهربائية، مع التركيز على جعلها في متناول أوسع شريحة من السكان، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التحول. ورغم التحديات الاقتصادية واللوجستية، تعكس المبادرة إرادة سياسية واضحة لمواكبة توجهات العالم نحو مستقبل أكثر استدامة.

Related News



