هذا ما يدفع مزارعي البطيخ التركي لتقديمه مجاناً بدل بيعه
Arab
3 days ago
share

ضربة موجعة وخسائر كبيرة تعرض لها مزارعو البطيخ الأحمر في ولايات جنوب تركيا، بعد ملامح إقبال وارتفاع الأسعار بداية الموسم أوصلت سعر الكيلو في الحقل إلى 15 ليرة، لتنقلب المعادلة اليوم، بعد ضرورة جني المحصول جراء النضوج وموجة الحر الشديد، لتهوي الأسعار، مشفوعة بزيادة الإنتاج، بولايات ديار بكر وعثمانية وأضنة "جنوبي تركيا" لنحو الليرة الواحدة للكيلو، ما دفع العديد من المزارعين لدعوة الحصول على البطيخ بالمجان. ولم تعد قصة المزارع، محمد قوتسال الذي وزع شاحنة بحمولة 26 طنا من البطيخ، أحضرها من أضنة، مجانًا على المواطنين، علامة فارقة هذا الموسم، بل دعا العديد من المزارعين لزيارة حقولهم والحصول على البطيخ بالمجان، وتحملهم خسائر الزراعة والري والسماد، والتي تزيد عن 4 ليرات للكيلو الواحد، واختصار تكاليف الجني والنقل، بحسب المزارع جيزمي عبد الله من ولاية ديار بكر.

ويكشف المزارع التركي أن ولاية ديار بكر هي من الأكثر إنتاجاً للبطيخ، بسبب التربة والرطوبة والمياه، ومعروف عن ديار بكر فعالياتها لهذا المنتج الزراعي وترويجها له، بل واقتران ديار بكر بالبطيخ، في حين هناك ولايات تنتج أكثر من ديار بكر، مقدراً إنتاج أضنة، الأولى بتركيا، بنحو 800 ألف طن سنوياً وديار بكر بنحو 150 ألف طن وما نيسا بنحو 40 ألف طن. ويضيف عبد الله لـ"العربي الجديد" أن بداية الموسم كانت مبشرة كثيراً بالنسبة للمزارعين، وقت وصل سعر الكيلو بالحقل إلى نحو 15 ليرة وبالأسواق إلى 25 ليرة، لكن برودة الطقس الشهر الماضي، ربما حالت دون الإقبال على هذه الفاكهة "وقيل لنا تراجع التصدير بسبب برودة الطقس في أوروبا" ولكن، أخيراً ومع بدء ارتفاع درجات الحرارة ووصولها لنحو 40 درجة مئوية بمناطق الإنتاج، زادت ضرورة الحصاد والبيع، لتتراجع الأسعار إلى 9 ليرات للكيلو ومن ثم خمس ليرات، ووصلت قبل أيام إلى ليرة واحدة بالحقول مع بطء البيع وقلة الاستجرار.

وكان رئيس غرفة الزراعة في يورغير بولاية أضنة، محمد آكين دوغان، قد توقع ارتفاع الأسعار بعد عيد الأضحى، موضحاً أن حصاد البطيخ المزروع في التربة الرملية لا يزال مستمراً، لكنّه سينتهي بعد العيد، مضيفاً: حالياً يُباع الكيلوغرام بسعر 9-10 ليرات، ونتوقع أن يرتفع السعر بعد العيد مع زيادة الاستهلاك. وأشار آكين دوغان خلال حديث سابق إلى أن المزارعين حالياً بالكاد يغطون تكاليف الإنتاج، إذا استمرت الأسعار على هذا النحو، فلن يحقق الفلاحون ربحاً. مذكراً أن أضنة شهدت العام الماضي درجات حرارة تجاوزت 45 درجة مئوية، ما أدى إلى تلف جزء من المحصول. وهذا العام، الإنتاج والمساحات المزروعة أكثر مقارنة بالعام الماضي، ونأمل أن يكون الموسم جيداً.

لكن اشتداد الحرارة بتركيا أعاد مشاهد العام الماضي ومعاناة وخسائر مزارعي البطيخ، ففي الوقت الذي تفيض فيه الأسواق بالبطيخ، يواجه مزارعو قضاء كاديرلي بولاية عثمانية جنوبي تركيا، واقعًا اقتصاديًا مريرًا. فقد عبّر عدد منهم عن خيبة أملهم الكبيرة بعد أن عجزوا عن بيع إنتاجهم بأسعار تغطي نفقاتهم الأساسية. فبينما اضطر البعض لبيع الكيلو الواحد بليرة تركية فقط، قرر آخرون فتح حقولهم مجانًا للعامة، في محاولة يائسة لتقليل الخسائر وتفادي تلف المحصول. ونقلت مصادر إعلامية عن المزارع محمد آيغون من ولاية عثمانية قوله: زرعتُ بطيخًا على مساحة 70 فدانًا منذ إبريل/نيسان. كلفنا فدان واحد أكثر من 30 ألف ليرة، بينما نبيعه اليوم بسعر لا يتجاوز 10 إلى 12 ألف ليرة فقط. لم أعد أتحمل رؤية المحصول يتلف، لذا فتحتُ حقلي للناس، فليأكلوا مجانًا على الأقل.

ويقول الاقتصادي التركي، خليل أوزون إن واقع الزراعة بتركيا هذا العام "مأساوي" بعد تراجع إنتاج الحبوب بسبب الجفاف وقلة الأمطار إلى الأدنى منذ 65 عاماً، ومن ثم موجات الصقيع التي ضربت الولايات المنتجة للفواكه، هاهي الحرارة وزيادة العرض توقع مزارعي البطيخ بالخسائر.
ويشير أوزون إلى أن سعر البطيخ تراجع بالولايات غير المنتجة "إسطنبول مثلاً" من أكثر من 30 ليرة إلى نحو 8 ليرات اليوم، فإن أخذنا بالحسبان الحصاد والنقل وأرباح التجار والباعة، فيمكننا تخمين سعر الكيلو من الفلاح بليرة أو ليرتين. لافتاً بالوقت نفسه إلى "الارتفاع الجنوني" لأسعار بقية الفاكهة الصيفية التي أثر الصقيع وقلة العرض على ارتفاعها، فسعر كيلو الكرز لا يقل عن 300 ليرة والدراق 150 ليرة والمشمش 120 ليرة، وللأسف، البطيخ تراجع سعره بسبب العرض الكبير.

ويرى الاقتصادي التركي أن الحل بتدخل الحكومة والتجار، لاستجرار محصول البطيخ وهو بذروته الآن، لوضعه بالبرادات وطرحه بالسوق الداخلية بكميات تضمن تحسين السعر، أو، وهو الأهم، تصدير فائض الإنتاج للخارج، معتبراً أن البطيخ التركي مطلوب بأوروبا بسبب طعمه وخلوه من متبقي الأسمدة الكيماوية. وتُعد تركيا ثاني أكبر منتج للبطيخ في العالم بعد الصين بإجمالي إنتاج يصل إلى 4.5 ملايين طن. وتلبي ولاية أضنة وحدها نحو 25% من احتياجات البلاد من البطيخ، حيث يُتوقع هذا العام حصاد نحو مليون و100 ألف طن من مساحة مزروعة تقدّر بـ150 ألف دونم.

وتعاني تركيا سنوياً، من عرض زائد لفاكهة البطيخ خلال ذروة الموسم، ما يكسر الأسعار ويعرض الفلاحين للخسائر، بسبب زيادة العرض عن الطلب ببلد يصنف من أوائل المنتجين بالعالم، إذ وبحسب موقع "وورلد بوبيوليشن ريفيو" الأميركي لقائمة أكثر دول العالم إنتاجا للبطيخ العام الماضي، جاءت تركيا بالمرتبة الثانية بعد الصين، تلتها الهند ومن ثم إيران. ويأتي بلدان عربيان ضمن العشرة الأكثر إنتاجاً، بحسب الموقع، الجزائر بإنتاج 2.3 مليون طن ومصر بالمرتبة التاسعة بنحو 1.5 مليون طن سنوياً. أما أكثر البلدان استيراداً للبطيخ، بحسب تقرير سابق للبنك الدولي، فتأتي الولايات المتحدة الأميركية أولاً بقيمة 1.82 مليار دولار ثم ألمانيا بقيمة 517 مليون دولار ففرنسا بقيم 389 مليون دولار.

ويعود أصل البطيخ المنتمي لفصيلة القرعيات إلى قارة أفريقيا، وبدأت زراعته منذ العصور القديمة، وفق دراسة نشرها موقع "المكتبة الوطنية للطب"، التي يقع مقرها بالولايات المتحدة الأميركية وقد عثر على بقايا أثرية للبطيخ، معظمها من البذور وتعود إلى 5 آلاف عام مضت، في شمال شرق أفريقيا، كما اكتشف خبراء الآثار صورة لثمرة كبيرة مخططة مستطيلة على صينية في مقبرة مصرية عمرها 4 آلاف عام على الأقل.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows