
يُعاود البرلمان العراقي، اليوم الأربعاء، عمله بعد انتهاء عطلته التشريعية التي استمرت لشهرين، لكن من دون أي بوادر لحسم القوانين والتشريعات الخلافية التي رُحّلت من الفصل السابق، وسط تأكيدات لنواب تحدثوا لـ"العربي الجديد" عن وجود أكثر من 150 قانوناً مهدداً بالترحيل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، بسبب ما وصفوه بإرادة سياسية بعدم حسم العديد من القوانين المهمة في ما تبقى من عمر البرلمان، بينها خمسة قوانين اعتبرت مُلحّة، أبرزها قانون جديد ومُنظّم لـ"الحشد الشعبي"، و"تعديل قانون الانتخابات". ورغم استئناف العمل وفقاً للتقويم البرلماني، لم تتم الدعوة إلى جلسة عامة اليوم.
تعطيل القوانين في البرلمان العراقي
وحمّل رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، في وقت سابق، الكتل السياسية مسؤولية تعطيل الجلسات وإقرار القوانين، مؤكداً أن عدم اكتمال النصاب خلال الجلسات الأخيرة من الفصل التشريعي السابق: "لم يؤثر فقط على سير العمل التشريعي، بل انعكس سلباً على مصالح الشعب العراقي الذي يتطلع إلى تشريعات حاسمة تُعزّز استقرار البلاد وتلبّي احتياجاته الملحّة". ووفقاً لتقويم العملية السياسية العراقية، فإن الانتخابات التشريعية المقرّرة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ستكون نهاية لعمر البرلمان الحالي وكذلك الحكومة، إذ ستدخل الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) في حكم تصريف الأعمال بوصفها منتهية الولاية الدستورية، وهو ما يعني أن أمام البرلمان العراقي بضعة أشهر للتصويت على القوانين المُحالة إليه.
جواد اليساري: أصبحت الدورة البرلمانية الحالية من أسوأ الدورات
حول ذلك، اعتبر النائب المستقل في البرلمان العراقي جواد اليساري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدورة البرلمانية الحالية تعتبر ضحية الخلافات والصراعات السياسية ما بين الكتل السياسية المتنفذة، ولهذا أصبحت الدورة البرلمانية من أسوأ الدورات، بسبب تعطيل العمل التشريعي والرقابي من جراء تلك الخلافات، التي بدأت منذ انطلاق الدورة الخامسة (منذ عام 2022) ولغاية هذا اليوم". وأوضح اليساري: "عملياً البرلمان العراقي مُعطّل منذ أشهر وليس بعطلته التشريعية فقط، وهو بلا أي جلسات وبلا أي منجز تشريعي أو رقابي، لوجود إرادة سياسية بذلك. وهذه الإرادة لا تريد عقد أي جلسة لمنع تمرير بعض القوانين، التي عليها خلافات سياسية مثل تعديل قانون الانتخابات وكذلك قانون هيئة الحشد الشعبي وغيرها، ولهذا بعض قادة الكتل أجبروا نوابهم على مقاطعة الجلسات".
وتحدث عن "عدم وجود مؤشرات بتمكن البرلمان إنجاز شيء مهم بما تبقى من عمره في الأشهر القليلة المتبقية، بسبب الإرادة السياسية باستمرار هذا التعطيل وكذلك لقرب انتخابات البرلمان وانشغال الجميع فيها، خصوصاً أن أغلب النواب ترشحوا مرة أخرى (للانتخابات المقبلة) والكل سيكون منغمساً في الدعاية الانتخابية والتحرك نحو الجماهير في المحافظات كافة، ولهذا لا أمل بأي جلسات خلال الفترة المقبلة وبعد انتهاء العطلة التشريعية".
بدوره، اعتبر النائب ياسر الحسيني البرلمان العراقي في دورته الحالية "شبه منتهٍ لوجود رغبة سياسية في ذلك، فهناك قوى لا تريد أي دور رقابي للمجلس تجاه الحكومة والمسؤولين المقصرين والفاسدين. وكذلك تلك القوى لا تريد تمرير بعض القوانين حتى تبقى أداة سياسية للابتزاز فيما بينها، وهناك قوانين تمس المواطنين لا يريدون تمريرها من أجل استخدامها وسيلةً للدعاية الانتخابية وإطلاق الوعود بتمريرها". وكشف الحسيني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "عدد القوانين المعطلة في مجلس النواب ارتفع إلى أكثر من 150 قانوناً، وكل تلك القوانين سترحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة ولا أمل في تمريرها خلال الفترة القليلة المتبقية من عمر المجلس، بسبب الصفقات السياسية على استمرار تعطيل الجلسات والانشغال بملف الانتخابات والحراك نحو القواعد الشعبية". لكنه أشار إلى وجود حراك لعدد من النواب، خصوصاً المستقلين، لجمع تواقيع تُلزم رئاسة البرلمان بعقد الجلسات ومحاسبة النواب المتغيبين بشكل حازم وصارم.
ياسر الحسيني: هناك قوى لا تريد أي دور رقابي للمجلس تجاه الحكومة
غياب الدور الرقابي
أما الباحث في الشأن السياسي علي ناصر، فأوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن أسباب استمرار تعطيل فاعلية البرلمان هي "الخلافات السياسية وعدم الاتفاق على بعض القوانين، ما جعله عاجزاً عن ممارسة أي دور رقابي من خلال استجواب بعض المسؤولين أو تمرير قوانين مهمة ومنها قانون الانتخابات أو الحشد الشعبي، وحتى تعديل سلم الرواتب الذي عليه تحفظات ورفض حكومي واضح". وأضاف ناصر أنه "من غير المتوقع أن يكون للبرلمان دور فاعل خلال الأشهر القليلة المتبقية من عمره، ولهذا لا أمل في عقد أي جلسات جديدة حتى ما بعد انتهاء العطلة التشريعية، وربما تدعو رئاسة المجلس لعقد الجلسات، لكن من دون حضور النواب، كما حصل في الجلسات الأخيرة السابقة، فهناك توجيه من قادة الكتل الكبيرة لنوابهم بمقاطعة الجلسات لمنع عقدها".
وشدّد ناصر على أن "الناخب العراقي يجب أن يكون واعياً ويعرف من فضّل مصالحه الشخصية والحزبية على مصالح المواطنين من خلال عدم الحضور للجلسات وتمرير القوانين المعطلة، خصوصاً أن هناك قوانين مهمة تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وهي بعيدة نوع ما عن الخلافات السياسية ما بين الكتل والأحزاب، بالتالي يجب معاقبة هؤلاء النواب من خلال عدم التصويت لهم مجدداً". وبدأت دورة مجلس النواب العراقي الحالية (الخامسة) في التاسع من يناير/ كانون الثاني 2022، وتستمر لأربع سنوات، وتنتهي في الثامن من يناير 2026، وبحسب قانون الانتخابات، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية. وحددت الحكومة العراقية، في وقت سابق، 11 نوفمبر المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ويقترب موعد الانتخابات وسط تراجع الاهتمام الشعبي لا سيما بعد تأكيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عدم مشاركة فيها، وكذلك زعيم "ائتلاف النصر" بزعامة حيدر العبادي، وبعض الكيانات المدنية.

Related News


